الدكتور الترابي رفض أي مشاركة لحزبه في لجان الحوار حول الدستور .. هذا ما قاله أمين أمانة حقوق الإنسان بالشعبي حسن عبد الله الحسين في ندوة الحزب الاثنين الماضي وعلق الحسن على دعوة الحكومة للحوار بقوله: ((تهيئة المناخ للحوار ضرورة، ولن يكون هناك حوار ما لم يزل هذا النظام إمام طوعاً أو كراهاً أو عبر ثورة أو اتفاق أو هيكلية)).
* لاحظوا اللغة، وغلظتها ((لن يكون هناك حوار ما لم يزل هذا النظام))، كيف يشترط الحزب زوال النظام، حتى يتم الحوار؟ ومن يحاور من؟ مرمي حديث مسؤول الشعبي أن يتم الحوار بين أحزاب المعارضة وحدها، فهل الشعب فعلاً بحاجة إلي حوار (معارضة معارضة)؟
أما إذا كان مسؤول ((الشعبي)) يريد أن يزيل ((النظام)، طوعاً أو كراهاً أو عبر ثورة أو اتفاق أو هيكلة، فلماذا عجز هو وحزبه وأحزاب المعارضة عن ((الأزالة)) حتى الآن؟ وبالكيفية التي حددها؟.. طبعاً السؤال ((ده)) لا ننتظر له إجابة من الحسين .. فقد شهدت ((أحزاب المعارضة)) على روحها بأنها ((أعجز)) من أن تغير الحكومة، والشهادة وردت على أكثر من لسان من ((الزعماء)) ليس آخرهم بالقطع د. الشفيع خضر القيادي الشيوعي المعروف عندما تحدث لهذه الصحيفة أمس، وقال: المعارضة فشلت في قيادة الشارع للتغيير)).
أمين الحريات في حزب الترابي، أوصل رسالة مفادها أنهم ليسوا مع الدعوة لقيام ((حوار وطني)) جامع يلتف حوله كافة أبناء السودان، كما دعت له الدولة في شخص الرئيس البشير، وشخص نائبه الأول الذي قال إن الحوار الداعين له غير محدود ((السقف)) في مسألة الدستور.. ويشمل كل ((ألوان الطيف)) من أحزاب وحركات)).
و ((الشعبي)) ذهب أكثر من ذلك، عندما استبعد لقاء أمينه العام د. حسن الترابي بالبرئيس البشير الذي تناولته تقارير صحافية مؤخراً .. هذا التعنت في لغة الحوار من ((الشعبي))، دفع حزب المؤتمر الوطني للقول على لسان المتحدث الرسمي ((الجديد)) ياسر يوسف ((إن مشاكل البلاد لا تحل عبر ((البلوتوث)).. في إشارة واضحة إلى تعذر ((اللقاء)) بين الغريمين.
وكان يوسف صرح لبعض الصحف أن ((لا)) طريق لحل مشكلات البلاد دون الجلوس والحوار.
للدكتور الترابي تاريخ سياسي حافل في الذاكرة ((الجمعية)) للسودانيين .. ولا زالت بعض عباراته تعلق بذاكرة الكثيرين من المستغلين بالسياسة، وله صولات شهيرة في المنابر، خاصة تلك المرتبطة بـ((جامعة الخرطوم)).. عندما كان للسياسة بريقها وللمنابر ألقها، كان الدكتور يصف مواقف خصومه ((السياسيين)) الرافضة لمجرد ((الحوار)) فيقيتبس من ((آي الذكر الحكيم)) قائلاً: وقالوا قلوبنا في أكنة مما تدونا إليه وفي آذاننا وقر ومن بيننا وبينك حجاب فاعمل إننا عاملون)).
الدكتور الآن يمارس ذات المعاني الواردة في ((الآية الكريمة)) أعلاه. والتي كان يفحم بها وبـ((أخواتها)) معارضيه فهل أعاد التاريخ نفسه بتبدل المقاعد؟ وصار ((الشيخ)) باني النهضة الإسلامية الحديثة في السودان، يمارس ذات طقوس أعداء الأمس؟.
صحيفة الأهرام اليوم