محمد عبد القادر سبيل : نحو نظام حكم بديل

[JUSTIFY]أبلغ آيات الفشل المقترن بخبن السياسية، أن الأنظمة العسكرية أطول عمراً وأرسخ أقداماً من فترات الممارسة الديمقراطية، فمن بين السنوات السبع والخمسين التي أعقبت استقلالنا، نجد أن ما اقتطعه (التوتاليتاريون) منها، بلغ سبعاً وأربعين سنة، هي وعلى علاتها- التي شهدت ما تحقق من تنمية (غيرمتوازنة) في البنيات الأساسية والخدمات العامة، رغم ما يعتور تلك الفترات من ضعف العدل الاجتماعي وتراجع حقوق الإنسان وفي مقدمتها الحريات العامة.

مما سبق نستطيع أن نستنتج عدم لياقتنا للنموذج الديمقراطي، الذي يجري (تكرار) تطبيقه، كما هو كل مرة، بينما تثبت لياقتنا في المقابل إزاء تحمل مخرجات الأنظمة الشمولية التي نصبر على مثالبها ومآسيها، بدرجة أكبر من صبرنا على قصور الممارسة الديمقراطية، حيث إن الديمقراطية أحياناً تعني لدى معظمنا: البرطعة والفوضى وإخراج كل طوايا النفس الأمارة بالسوء بدعوى حق الاحتجاج والرفض.

من هنا نتساءل: أما آن لنا اجتراح نموذج جديد يكون أكثر واقعية واستيعاباً لشروطنا الموضوعية المتعلقة بهويتنا ومزاجنا الجمعي، وهذا القدر الضخم الهائل من الميول البدوية في سلوكنا العام اليومي؟.

فلنعترف، نحن مجتمع غير مدني، إلا شكلياً فقط. وبالتالي فإن مؤسسات المجتمع المدني سوف لن يتسم نشاطها بالكفاءة والوظيفية بين ظهرانينا، بسبب عدم التناسب وعدم النضج الملائم لمتطلبات الثقافة المدنية ومقوماتها. والثقافة المعنية هاهنا هي تلك الإنتروبولوجية، والتي تشمل السلوك العام والعادات والتقاليد والوجدان والمعتقدات والمزاج الجمعي الخ..

علاقتنا بالقانون واحترام النظام، وبالتراتبية الهرمية، علاقتنا بالوقت وقيمته، أداؤنا ضمن فريق العمل إخلاصنا للمؤسسية، خضوعنا للفكرة السياسية أو الاجتماعية المركزية، شعورنا بالمساواة مع الآخر، الأثني والآخر الآيدولوجي الخ.
في كل ما مضى، لا مندوحة عن القول بأن نزعاتنا البدوية هي الأبرز والأقوى تأثيراً..
عليه، فكيف نطلب أنظمة ومؤسسات مدنية لاستيعاب كل معطيات قيمنا البدوية السائدة تلك؟.
هل المسألة بالأمنيات، أم بالقوة( خنق فطس)؟.
من هنا نقول، ونلح بالقول: كفى، ينبغي الإلتفاف حول نموذج بديل للديمقراطية الليبرالية، من منطلق أننا لسنا ديمقراطيين في ثقافتنا وعلاقاتنا ببعضنا ولا في مزاجنا الجمعي وطريقة حياتنا الخاصة والعامة.. فكيف ولماذا نصر على أن ما نجح في الدول الأكثر تحضراً وتمدناً منا سوف ينجح عندنا بالضرورة، فقط بمزيد من الصبر!.
محض مجازفات ارتجالية !.
إن من يغض الطرف عن طورنا الحضاري ومكوننا النفسي باتجاه (تكييفنا) القسري، مع شروط الحياة الديمقراطية، بل يذهب أكثر من ذلك إلى إلزام مجتمعنا بتبني القيم الآيدولوجية الليبرالية، بالترافق مع قيم الديمقراطية، فلا ديمقراطية بلا توجه فكري علماني ليبرالي، مثل هذا المجازف يعد خطراً على حياتنا، وعلى الديمقرطية معاً، من منطلق أن ( وضع الندى في موضع السيف بالعلي مضر، كوضع السيف في موضع الندى ) فلا نحن الآن نليق بالديمقراطية الليبرالية ولا هي تناسبنا، ففيم القسر والجبرية ولصالح من؟.
فالديمقراطية الليبرالية نموذج جميل على جسد المجتمعات التي تشبه وتتحمل مسؤوليته.
نكرر، نحن لم نتمدن إلا ظاهرياً، وأما سلوكنا وميولنا وقناعاتنا الراسخة في لا وعينا فهي بدوية صرفاً.
والحل؟.
الحل في ديمقراطية جامعة، في صيغة شراكة تسمح لكل التوجهات ذات الثقل الشعبي بأن تسهم في التنمية والاستقرار السياسي، وهذا ما يجب أن يفهم منه ضرورة إطالة أمد الحكم (عشر سنوات للدورة الدستورية مقترحاً).
عبر هذه الصيغة التي ينبغي أن يفصل آلياتها القانونية والفنية العادلة أهل الذكر، يمكننا ضمان الاستقرار السياسي، ووحدة الكلمة، الشراكة الحقيقية، الانصراف للتنمية عبر خطط استراتيجية محددة الأهداف والمعالم.

ندعو المفكرين ومراكز الدراسات والقادة السياسيين، إلى بحث هذا الأمر، لأنه يضع الحصان أمام العربة، قبل أن تتهافت الأحزاب نحو الاستئثار بالسلطة لنفسها من خلال الفترة المقبلة، والتي يتوقع أن تشهد ديمقراطية رابعة، وكتابة دستور جديد نريد له أن يضمن النموذج البديل الذي ندعو إليه.

صحيفة المشهد الآن

[/JUSTIFY]
Exit mobile version