المستفيد الأوحد من أزمة دارفور

[JUSTIFY]كلما انتصبت خيمة في معسكر كلما تهدلت مالاً سائلاً علي جنوب أعضاء منظمة أو تحولت لبدله أنيقة أو رابطة عنق وقميص من ماركة (تيد لابيدوس) أو حذاء صقيلاً من منتجات (الدو)، هكذا هي أزمة دارفور منذ الرصاصة الأولي حتي مؤتمر المانحين المنعقد الآن بالدوحة، بؤساء من
[معسكرات النازحين في دار فور]

معسكرات النازحين في دار فور
معسكرات تتحول آهاتهم لمحصول نقدي تشتريه المنظمات والهيئات والجماعات، تدعو للأزمة بالاستطالة وللنازحين بالشقاء.
تبدلت حياة الكثيرين من إدقاع لرفاه وتبطر، وليس داخل السودان فحسب بل في أمريكا وباريس ولندن وأدمنقتون وهاميلتون، اشتري الوسطاء بيوتاً في أرقي الأحياء الأوربية ، وهجع أحد القادة الأفارقة الكبار في منتجع بأروشا، وتزوج بعضهم للمرة الثانية والثالثة، واحتضنت رفوف المكتبات كتباً تسيل اللعاب الغربي وأخري تصدم المزاج، جولي فلنت وألكس دوال ومحمود مهداني، وانتثرت المقالات الطوال في الواشنطن بوست، ونشطت الأفلام التسجيلية وأضئت الكاميرات التي كانت متعطلة وراجت أسواق الـ S.N.G ، وامتلأت أراشيف غرف أخبار الفضائيات بالصور الأرشيفية، وغرف أوكامبو في قاع كل العملات، وأصبحت دارفور هي الجند الثابت والمتحرك في مجلس الأمن خلال دورة كوفي عنان ودورتي بأن كي مون، وفي (استهبال) مغاير صار طلاب اللجوء السياسي من شمال السودان يدعون بأنهم (زغاوة) وعتاة المنتسبين للأسر الأم درمانية العريقة ينتحلون صفة (المساليت)، ويعد صديقنا الدكتور صلاح بندر الآن ملفاً موثقاً لابن مناضلة سياسية قديمة نال اللجوء السياسي في بريطانيا بإدعائه أنه (فواوي).

تطوف في ذهني كل هذه الصور والمشاهد التي عايشتها وعاصرتها والأزمة في أخريات أيامها بعد انتهاء مؤتمر المانحين اليوم، لكني تذكرت مستفيداً كبيراًً من هذه الأزمة، هو النيجيري الفولاني الأصل (هارونه).

هارونه رجل بسيط جداً وفقير للغاية، كان يتجول ذات يوم في خلاء أبوجا حيث يقع فندق (شيدا) مقر المفاوضات التي جرت في أبوجا واستمرت لما يقارب العام.

كان فندق شيدا يقدم أردأ وجبات غذائية لدرجة أن الوسيط الإرتري عبد الله جابر أقسم لي أنه لا يراوده أدني شك في أن اللحم الذي تناوله من وجبة الغداء هو بلا شك (لحم بني آدم).

أستاء كل الخواجات من رداءة الطعام وكل المسهلين والمفاوضين والوفد الحكومي، قرأ هارونه بذكاء التاجر هذا المشهد وتوكل علي الله وأحضر (عدة الشية) وبدأ يقدم وجبة شواء وأقاشي في الغداء ثم العشاء ثم الفطور، بدأ بخروف واحد وقبل انتهاء المفاوضات ارتفع لثلاثين خروفاً في اليوم، بدأ بمعاون واحد وانتهي لأكثر من عشرين معاوناً يبهرون الشواء ويخلطون لحم الأقاشي بالفول السوداني، ويحسنون مقادير الشطة، ضج الفناء بالدبلوماسية الغربيين وكانت (جنداي فريزر) إحدي المقيمين إقامة دائمة في مقهى هارونه تأكل الشية وتحسن التأمر! وكان يان برونك تأكل قبل أن يدخل الفندق عند زيارته التفقدية للمفاوضات، اشتري هارونه عربة مرسيدس وتزوج للمرة الثانية واشتري لفمه بعض الأسنان الذهبية، وأزمة دارفور تراوح مكانها!.

صحيفة السوداني
محمد محمد خير

[/JUSTIFY]
Exit mobile version