… من مناّ لم يُجرب طعم الحُزن ومرارته اياً كانت درجة الحُزن التى اختبرها فجميعنا يتلبسنا ذلك الكائن المدعو الحُزن وهو ليس مختصاً بضعفاء الإيمان أو الفُجّار بل هو مختصُ بمن رُكِّب فيه الإحساس، فلا غضاضة في الحزن فقد حزن الأنبياء وحزن الصديقون وحزن الصالحون، و نبيُ الله يعقوب عليه السلام خيرُ مثالُ للحزن،فالحزن عارض بشري يعرض للتقي والفاجر والمسلم والكافر فمنشؤه أمر لايد للمرء فيه كقضاء كوني نزل فأصابه وإذا صبر المسلم على الحزن خيراً له وكان حزنه سبباً في تكفير سيئاته، فعن صهيب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (عجباً لأمر المؤمن! إن أمره كله خير وليس ذاك لأحد إلا للمؤمن، إن أصابته سراء شكر فكان خيراً له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيراً له).
الحُزن سِمة إنسانية نبيلة تُميز بنى البشر وذلك الدمع الذى يلوح فى المُقل ماهو الا لحظةُ من ضعف كُتبت لتُثبت أننا لا نملكُ من امرنا شئ ومهما بذلنا من جهدٍ لتسير حياتنا كما نهوى فلن نفلح فى تحريك دفتها عكس ماتشاءُ الأقدار، فهو عارض كالألم غير مرغوب فيه أو مُرَغَّب إليه من حيث هو تماماً كالجوع والعطش، بل هو مصيبةُ من جملة المصائب، ولهذا قال الرسول صلى الله عليه وسلم كما في حديث أبي هريرة:( ما يصيبُ المسلم من نصب، ولا وصب، ولا هم، ولا حزن، ولا أذى، ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه).
ولما كان لابد من الحزن فليكن لنا فى الصبر سبيل فلا نتكلم بما لايليق، ولا نشقُ ثوباً أو نلطمٌ وجهاً، أو نفعل فعلاً نخرج به إلى حد التسخط والجزع، فتلك أفعال مُحرمة، ولا علاقة لها بدفع الحزن، كحال من يجوع فيقارف جرماً ليس سبباً للشبع، بل تلك الأفعال مع الحزن أشد حرمة لما تضمنته من الحرمة ولما اشتملت عليه من تسخط قدر الله، فنسأل الله أن يعافينا، وألا يبتلي ضعفنا، وأن يلهم المصابين الصبر، وأن يكتب لهم عظيم الأجر، وأن يذهب عنا وعنهم الحزن إنا ربنا لغفور شكور.
همسات – عبير زين
[email]abeer.zain@hotmail.com[/email]