بلد المليون كسلان متربّع

[ALIGN=CENTER]بلد المليون كسلان متربّع [/ALIGN] [ALIGN=JUSTIFY]في صغرنا شُغفنا حبا بقصة (زيدان الكسلان)، وكنا نتحايل على اخواتنا الكبار كي يقرؤها علينا، فحفظناها قبل أن ندخل المدرسة ونصل للعام الدراسي الذي كانت تدرس فيه حينها ولعله كان الصف الثالث الابتدائي .. شخصيا، اسرتني طريقة (زيدان) الفريدة في الاستلذاذ والاستمتاع بالكسل دون أن ينقّص عليه الشعور بتأنيب الضمير على التقصير في الايفاء بواجباته الناتج من كسله التنبولي .. كما شدتني لطف الرمزية التي استعملها كاتب القصة في التعبير عن مدى كسل (زيدان) وذلك باستعماله لذقنه في الوصف أثناء كلامه، بدلا عن تكليف نفسه جهد رفع يده والاشارة بها، في المقطع الذي يقول فيه (مد لحيته للأمام وأشار بها لحقله وقال: في الصباح سوف احرث ارضي من هنا إلى هناك) !
وان كنت الان أنظر لخاتمة القصة بشيء من عدم الرضى لاحساسي بسطحية الرمزية التي تمثلت في (زفة) الأطفال لـ (زيدان) بعد انتهاء موسم الحصاد والذي حصد فيه الريح، وهم يقولون: (لا مكان في السودان للكسلان) !
قد نغضب كثيرا وتغلي الدماء في عروقنا وتمسك بتلابيبنا (الحمشنة)، عندما نطالع (تريقة) الأخوة العرب علينا نحن السودانيين ووصمهم لنا بتهمة الكسل، ولو واجهنا انفسنا في لحظة صدق ونظرنا بنظرة حياد لترتيبنا في قائمة الشعوب الاكثر نشاطا وهمة، لوجدنا أننا نتزيل القائمة نحن وبعض جيراننا الافارقة، وان كانوا هؤلاء الاخوة الافارقة – معزورين نسبيا في حالة (الخمالة) المستوطنة فيهم، بسبب الحر والرطوبة – وعلي العليهم – الايدز الهاريهم هري .. أما نحن ربما كنا في حاجة للحظة تجرد نمن فيها على بلادنا بلقب (بلد المليون كسلان متربّع) .. والمتربّع دي قاصدة بيها (مربّع ايدينو ومستني السماء حتى تمطر ذهبا وفضة) !!
اذا عُرف السبب بطل العجب .. والسبب في ثورتي الهوجاء هذه واتهامي لبني جلدتي السودانيين في ذمتهم النشاطية، مرجعه لموقف مرّ بنا قبيل العيد بايام، جعلني أأكد على رؤوس الاشهاد بأن تعريف الزول السوداني هو أنه من سلالة ( كسلان بن فتران) والذي تزوج من (خملة بنت رفلة) وانجب منها سلالة (الكسلانيين) أقصد (السودانيين) .. قولوا لي ليه !
عندما جارت هواية (شخبط شخابيط) وأمسك عيالي بالألوان (ورسموا على الحيط) حتى تحولت جدران بيتنا لصالة عرض أو معرض للوحات المدرسة البيكاسوية .. وجدنا أن لا مفر من (الجير) لمحو أثار عدوان العيال على حيطان البيت وتحويلها لـ (سبورة) .. وقد كان.
فبعد الاتفاق مع (النّقاش) وحضوره في اليوم المعلوم، واحضار (سيد الاسم) لكل المستلزمات المطلوبة .. قمنا بتفريغ جوف البيت من كل ما فيه إلى الحوش، وجلسنا في انتظار (النّقاش) والذي استأذن في مشوار دقيقتين ويجي ….
بدون الخوض في التفاصيل، قضينا يومين في العراء انتظارا لمشوار الدقيقتين والتي عندما طالت لجأنا لغيره ثم غيره .. دون جدوى، والغريبة ان يكون التهرب من العمل – كسلا ليس إلا – هو السمة العامة لشغل صنايعية (الايام دي)، فقد تهرب الاول والتاني وغيره من العمل رغم حوجة الجميع في ايام العيد للمصاريف، لا لسبب في رأي سوى الكسل مع الخوف من الحر والتعب في رمضان .. فقد أخبرني زوجي ملاحظته لتجمع اعداد كبيرة من العمال في المساجد المكندشة اثناء ساعات النهار، للنوم فيها هربا من الحر والشغل .. كذلك ملاحظتي لعودة ظاهرة تجمعات الشباب المتبطلين في (الضللة) تحت اشجار واعمدة الاحياء، بدلا عن السعي وراء الرزق ولو عن طريق الاعمال اليدوية الشاقة، فهي خير واحب الى الله من تبطلهم وقطعهم الطرقات على الناس!!
في مصر القريبة دي عندما كنا ندرس هناك .. عندما تحضرنا الصلاة ونتوجه لادائها في المسجد، كنا نستنكر أن بعض المساجد وما ان تنتهي الصلاة، حتى يعمد القائمون على أمرها بزف المصليين وطردهم خارجها، ثم اغلاقها بالضبة والمفتاح لحين موعد الصلاة التي تليها .. ربما تبعا لترتيبات أمنية يفرضها اولي الأمر أو خوفا من أن تكون المساجد مرتعا للمتبطلين والكسالى والمشردين..
كان ما بخاف تقولوا علي حاسدة، لكنت دعوت القائمين على أمر مساجدنا لانتهاج نفس النهج، وحمل السوط بعد انتهاء الصلاة والوقوع به (شحطا) على ظهور النايمين فيها .. كيتّا فيهم بس !!
[/ALIGN]

لطائف – صحيفة حكايات
munasalman2@yahoo.com

Exit mobile version