وأحياناً تسيل وهو ضاحك.
وخير له أن تسيل وهو ضاحك حتى لا تنفقع مرارته حسرة وأسى. فالمثل يقول: «شر البلية ما يضحك».
الأدب العالمي الساخر صور الفساد أحياناً:
قميئاً سخيفاً خطيرًا وأحياناً مضحكاً!!
الكاتب الإيطالي «ايتالو» في قصته «الخروف الأسود».. «سبق أن قصصناها» صور تجسيدها لهذا الخيال.
مسرحية لمدينة كل أهلها لصوص وحرامية»
نعيش لحظات مع «إيتالو»، فهو من إيطاليا بلد المافيا.. يعرف كيف يصور اللصوصية فأهل ايطاليا أدرى بلصوصها.
تقول المشاهد:
في سالف العصر والأوان كانت هناك مدينة كل من فيها لصوص! وتحت جنح الليل كان كل ساكن من سكانها يخرج وقد تسلح بعتلة وطفاشة، وتزود ببطارية يقتحم دار جاره ويسرقه. ولدى عودته عند الفجر يكون مثقلاً بالغنائم فيجد داره وقد تعرضت هي الأخرى للسرقة..!!
وهكذا عاش الجميع في توافق!! وفي هذه البلاد كان العمل مرادفاً للغش سواءً للبائع أو المشتري «أخلاقيات المهنة»!! ولم يك في البلاد غني ولا فقير! وذات يوم حدث شيء غريب في المدينة.. ظهر رجل شريف!! لا يفعل ما يفعلون. كان بالمقابل يبقى في منزله يقرأ القصص والروايات. هذه احدثت ربكة كبيرة في المدينة. ذلك أنهم حينما يحضروا لمنزله ليلاً ليسرقوه يجدوه هو لم يخرج للسرقة لذلك لا يستطيعوا سرقة منزله!! بل يجدوا المصابيح مضاءة وهو يقرأ ويقرأ!! اشتكى أهل البلد كثيراً من «شرف» ذلك الرجل الغريب وأنه بذلك سيهز النظام الأساسي ويهزم قيمهم ومثلهم «اللصوصية» العليا التي اعتادوها!! فأجمعوا على أن يزجروه ويؤنبوه ويهددوه على «شرفه» أولاً، وإن لم يرعوي.. فينتظره خيار أقسى وأمر!! وبالفعل رضخ الشريف لاجماعهم لكنه اشترط ألا يسرق، وفي المقابل كان يخلي لهم داره ليسرقوها وفي الأثناء يذهب هو للجسر أسفل المدينة يستمتع بمنظر الماء ينساب رقراقاً من تحته. لم يقتصر الأمر على ذلك. كان لوجود رجل شريف في المدينة لا يسرق ضرراً كبيراً بمدينة اللصوص، فأصبح ذلك الرجل الشريف فقيراً جداً حيث سرقت كل ممتلكاته وهو لم يسرق وعدموهو «طفاي النار».. وبالمقابل من كانوا يسرقونه اكتنزوا بالمسروقات لانه لم يسرقهم فأوجد ذلك «الرجل العنيد أبو راساً قوي» أوجد في المدينة طبقتين لأول مرة: «غناء فاحش وفقر مدقع»!! لكن الأمر لم يقف عند هذا الحد .. انظروا لتطور الفساد ماذا ما يفعل!! طبقة الأثرياء جداً وجدوا أنهم لا داعي للتعب والسرقة فلقد أصبح عندهم فائض وبالمقابل اهتدوا لفكرة شيطانية ابليسية.. ما هي؟! لجأوا أولاً لتعيين حراس لغنائمهم تلك حتى يكونوا مسيطرين ويحتفظوا بهذا التفوق ضد «السرقات المعتادة»!! وتركوا العمل وذهبوا للجسر ليستمتعوا بمنظر الماء ينساب رقراقاً اسفله. وبالتالي طبقة جديدة من هؤلاء الحراس وحسب ما خطوه كسوابق وما اعتادوا عليه سنوا سنة ظلم العاملين الحراس ولطبقة المخزنجية والعمال والموظفين!!
ولم يكتفوا بذلك حتى يزيدوا ثرواتهم لكي يوفوا باجور الحراس استأجروا الفقراء منهم ليسرقوا بالإنابة عنهم!! وظلموهم ايضاً في السرقات!! حتى يظلوا هم المسيطرون والأسياد. انظروا ماذا فعل ذلك الرجل الشريف بتلك المدينة.. «دخل عليها بالساحق والماحق والبلا المتلاحق».. وبالتالي تطور الأمر لاحقاً فأصبحت كل الثروات بحوزة الأغنياء منهم فقط!! وبالتأكيد اختلفت ونسة مجالس المدينة الخاصة فاصبحت بدلاً من: «انت امبارح سرقت شنو يا سجم الرماد.. فيرد: يا زول انا امبارح هبرت ليلك على المحل الفلاني وفليتو ليك فله.. لقيتو ليك كان ضارب جماعة كده.. نشفت ليك ريقو نشاف.. الخ وبدلاً من ذلك أصبحت ونسة الفقراء:
الناس ديل السرقة السرقتها ليهم أدوك فيها شنو؟
فيرد عليه: «هازول هه.. ديل ناشفين.. ما ادوي فيها التكتح.. غايتو يا دوب عشا الوليدات.. مساكين ليهم يومين بايتين القوا»..
فيقول التاني للأول: أها وانتو صرفوا ليكم مرتبات.. يضحك صاحبنا ضحكة كاد أن يغمى عليه لأنو فاقد سوائل.. مرتبات؟.. قال مرتبات قال.. شهرين ما صرفونا»!!
وأصبح هذا هو حال المدينة التي دخلها «الشريف» فقلب موازينها.. وأصبح فيها طبقة جديدة اسمها ناس قريعتي راحت!!
لكن انقروا صاحبنا «الشريف» حصل عليهو أخيراً شنو؟
بالتأكيد مسكين ما قدر يمشي للجسر بعد داك ليستمتع بمنظر الماء يجري رقرارقاً تحته. وعيونو طششوا ما فتح ليها بعدها كتاب.. وأصيب بانيميا حادة فلم يجد العلاج ولا الغذاء.
أوع تكونوا بعد ده كلو منتظرني اقول ليكم.. مات!!… لا أبداً.. لكين مسكين انتهى نهاية بطل.
صحيفة الانتباهة