عانت المرأة فى الجاهلية من الرِق فكانت تُباعُ وتُشترى، بل إن حقها فى الحياة يُصادر حين توئدُ حيةً، وتزوج دون مشورتها كقطعةِ أثاثِ يزيدُ سِعرُها أو ينقُصُ حسب العرضِ والطلب، وحتى تلك الحُرة التى يُحالفها الحظُ بالحياة فإن حقها فى الميراث يُسلب ويؤخذ دون وجهِ عدل، وجاء الإسلامُ فجراً أزاحَ أستار الظُلمِ عنها، فكرمها وحرّرها وأعاد لها حقها فى الحياة وفى الإختيار فلا تُزوجُ إلا برضاها بل وتُستأمر فى بعض الحالات، ولها من ميراثها نصيباً لا يُخلُ بوجوب إنفاق وليِها عليها، وفوق كُل هذا أوصى الرسول صلى الله عليه وسلم بِهِنَ خيراً.
أثبتت المراةُ على مرِ العُصور أنها ذاتُ رأىٍ سديد ومشورةِ صائبةِ ولم يمنعها نقصُ عقلِها و دِينِها أن تُدوّنَ سطوراً بمِدادِ الخلودُ فى صفحاتِ التاريخ، فها هي أُمُ المؤمنين أُم سلمى رضى اللهُ عنها تخرُجُ مع رسول الله – صلى الله عليه وسلم فى رِحلتهِ إلى مكةِ حيثُ تمّ صُلحِ الحُديبيةُ، وكانَ لها دورُ لنْ ينساهُ التاريخ إذ كانت أُنموذجاً للرأىِ الصائبِ في حِفظِ كيانِس الجماعة من التصدع والموقف يُثبت أن المرأة عنصر فعال وحيوى، فشاركت فى الدعوةِ وشاركت فى الهجرةِ وشاركت فى لحظاتِ الابتلاءِ والغزوِ ولها دورُها في العلمِ والروايةِ والاجتهادِ والتأمينِ من الأعداءِ.
تطفو الكثيرُ من السلوكيات من جانبِ الرجلِ ومن جانب المرأةِ أيضاً ظُلماً لنفسها و لإختها المرأة، وللأسف فهي تُمارس بإسم الإسلام والإسلامُ مِنها براء، كالعُنف والإضطهاد الفِكري بأن يؤخذ رأى المرأة كقولٍ مجروحٍ فيه لا يُعتدُ به، أوليست هذه المرأة نفسها التى أخذُ رسولُنا- صلى الله عليه وسلم- برأيِها عند صُلحِ الحُديبية؟ عندما أشارت عليه أُم سلمى رضى اللهُ عنها برأى كفى الأمة شرّ الشُقاق والفِتنة؟
نحنُ بِحاجةٍ حقيقية لِقراءةٍ مُتمعنةِ فى واقِعِنا المُعاصِر قياساً بوضع المرأة ومكانتها فى الإسلام، وسنكتشِف بكُل بساطة أننا نتمسك بالهوامِش وتتفلت قبتضتنا عن الأساسيات، فنظلُ نجهرُ بالدعوةِ إلى تحريرها من قبضةِ الرجل ونغفلُ أن هذا الرجلُ هو سِترُها و سندها التى تتوكأُ عليه حتى تصعدَ لأعلى مراتِبِ النجاحِ والإنجازِ وكأننا نُريدها دولةً قائمةً بذاتها تطلبُ حق تقرير المصير!
أما آنَ لنا أن نقتنعَ بأنَّ المرأةَ والرجل مُكملانِ للعُنصرِ البشري سوياً ؟ وأن لا صِراع ولا نِزاع بينهما؟ بل على العكس إن فى إنصهارهما إمتداداً للسُلالةِ البشرية وإعماراً لهذه الأرض وفى تكاثُرهما فخراً وإعزازاً لبنى البشر.
همسات- عبير زين
[email]abeer.zain@hotmail.com[/email]