وعُرف عن “الهادي بشرى” أنه عسكري قح لا يجامل، حتى لغته أشبه بلغة السلاح التي لم يرغب فيها أهل المنطقة ونادوا بتغييره مراراً وتكراراً، لأن الذي لا يعرف المجاملة لن يستطيع العيش مع المهادنين والمراوغين، ورغم أن المركز كان يستمع لأبناء ولاية النيل الأزرق ومطالبتهم بإقالة الجنرال والإتيان بمن هو أدرى بظروف أهلهم بالمنطقة، فقد حاولت الحكومة أن تغض الطرف عن مناداة رئيس المؤتمر الوطني بالولاية عن تلك الدعوة، لكنها أخيراً استجابت وصدر المرسوم الجمهوري أمس الأول، وأبعد الجنرال “الهادي” من منصب الوالي ليحل مكانه الدكتور “يس حسين حمد” الذي شغل مناصب متعددة.. ولكن بعد استجابة الحكومة وموافقتها وترضية أهل الولاية بتعيين أحد أبنائها هل يستطيع الدكتور أن يوقف زحف المتفلتين أو المتمردين إن كانوا ما زالوا موجودين بعد أن شن عليهم الجنرال “لهادي” حملة شعواء أوقفتهم عند حدهم وعادت المدينة آمنة ومطمئنة؟! وإذا كانت سياسة الترضيات تنفع فلماذا لم تعمل بها الحكومة في ولاية جنوب كردفان التي اشتعلت الحرب فيها بعد المؤامرة التي قادها قطاع الشمال ومطالبة أهل المنطقة بتغيير الوالي مولانا “أحمد هارون”؟ أم أن مولانا “أحمد هارون” من آل البيت والجنرال “الهادي” من الوافدين؟!
إن سياسة الترضيات التي تستخدمها الحكومة قد أضرت كثيراً بالدولة، خاصة وأن الحكومة تستجيب للقبلية والجهوية. وقد لاحظنا ذلك عندما عينت “مني أركو مناوي” مساعداً لرئيس الجمهورية وكلها جاءت من باب الترضيات لحملة السلاح.
الدولة تستمد قوتها من قراراتها الشجاعة دون الالتفات لأي طرف من الأطراف، وقد تضررنا كثيراً وتضررت الدولة أيضاً عندما رفضت إعادة تعيين الدكتور “عبد الحميد موسى كاشا” والياً لجنوب دارفور التي خبرها وحفظها تماماً، ولكن سياسة الترضيات أيضاً أخرجت “كاشا” من ولايته التي أحبه أهلها ودافعوا عنه دفاع المستميت، فقامت التظاهرات ومات الناس بسبب “كاشا”، ولكن الحكومة لم تستجب واستجابت لضغوط الآخرين، ورفض “كاشا” تولي أي منصب، واستجابت الحكومة بعض مضي فترة من الزمن لمطالبات أهل المنطقة، وأعيد الدكتور “كاشا” والياً لشرق دارفور بعد أن رفض المنصب مراراً وتكراراً.
صلاح حبيب – رئيس تحرير صحيفة المجهر السياسي