* حدثنا عن زيارة الرئيس نميري ليلاً إلى نيالا وقصة انفجار الحامية؟
كان انقلاب النميري في يوم الأحد 1969م، وفي العام 1970م أرسل الرئيس جعفر محمد نميري ضباط جاءوا إلى الشيخ في منطقة موسى بكره (مردادي)، بعدها أصبحت نيالا محافظة يحكمها المحافظ عبد الرحمن سلمان، وكان يزور الشيخ باستمرار دون انقطاع، وبعده حضر الرئيس نميري إلى الشيخ في مردادي. وهنا أذكر أن الرئيس نميري حضر إلى نيالا وقرَّر المبيت فيها، لكنه ذهب ليلاً للشيخ في قريته، وفي ذات الليلة حدث انفجار كبير في حامية نيالا (قيادة الفرقة 16 مشاة الحالية)، والانفجار استهدف الرئيس الذي كان متوقعاً مبيته داخل الحامية.
* وماذا عن الانقلابات ضد نظام نميري؟
نعم لقد كشف الشيخ ضحية انقلابي هاشم العطا وحسن حسين، وقد حضر محافظ نيالا في وقتها عبد الرحمن سلمان للشيخ في المنطقة وتحدثوا كثيراً وأخبر الشيخ ضحية المحافظ سلمان بحدوث انقلاب على الرئيس نميري، وأن الرئيس سيعود للحكم قريباً. وبالفعل، بعد عودة المحافظ إلى نيالا وقع انقلاب هاشم العطا، وبعد يومين عاد النميري إلى الحكم وتم إلقاء القبض على فاروق حمدنا الله وآخرين في ليبيا، وحينها سأل الرئيس نميري المحافظ عبد الرحمن سلمان عن كيفية معرفة الشيخ ضحية مسبقاً بوقوع الانقلاب، فقال الشيخ ضحية لرسول النميري (سلمان) إنه عرف الانقلاب من (الحضرة)، والحضرة هذه هي كشفٌ لأشياء غير مرئية لعامة الناس إلا للصالحين وأولياء الله، ولا يدركها كل الناس إلا من اختصه الله بالحضرة، وذات الأمر تكرر في انقلاب حسن حسين، ومنذ ذلك الوقت تواصلت وتوطدت علاقته معه.
*ما هي قصة عصا الرئيس نميري؟
طبعاً العصا أهداها الشيخ ضحية للرئيس نميري في بداية السبعينيات ولها أسرار كثيرة؛ منها أنه حجاب للرئيس من كل سوء أو شر، ولها سرّ عظيم أن كل الشعب يأتمر بأمره إذا رفع عصاه في وجه الجماهير، حتى الذي كان غاضباً يكون فرحاً ومسروراً من الرئيس، وهذا هو سر حب كل الناس للرئيس نميري، الذي معه أو ضده، والعصا جاء بها الشيخ من مكان لا يعلمه إلا هو ولا نستطيع وصفه، ولكن القليل الذي أعرفه أنه عصا من خشب وحديد وفضة وأسرار أخرى لا يعلمها إلا الله والشيخ، وأود أن أذكر يا أستاذ حسون، شهادة للتاريخ، أن النميري كان رجل ذاكر يحب الذكر والصالحين، وكان يقضي مع الشيخ حوالي الساعة أو الساعتين في حلقة الذكر ويتفاكر مع الشيخ ضحية في أسرار الذكر، وكان دائم السؤال عن أسرار الذكر والمداومة عليه.
قال ضاحكا: الله أعلم ولكن ممكن… ومن ثم ابتسم وسكت واعتدل في جلسته ونوَّه إلى أن العلم عند الله، وإذا وفقه الله سيكون هناك نموذج لعصا النميري التي أهداها له الشيخ ضحية مع حاكم آخر، منوهاً إلى أنه خليفة والده الشيخ ضحية، وقد أخبره بكل الأسرار والموفّق هو الله.
*ما حكاية الرجل الذي حفر قبره بيده فتحول إلى مزار (قبة) يأتي إليه الناس من كل بقاع السودان وبعض دول الجوار الإفريقي؟
أول مرض دخل فيه الشيخ إلى المستشفى عام 1980م، وتم إجراء عملية بروستات له في نيالا، وبعد رجوعه سليماً إلى منطقة موسى بكره، قام الشيخ ضحية بتجهيز قبره لوحده وقام بزربه، أي بوضع الشوك عليه، حتى لا يدخله إنسان أو حيوان بالقرب من وادي مردادي، وأوصى بأن يدفن فيه. وكان الشيخ ضحية يذهب كل يوم إثنين وليلة الجمعة إلى قبره يذكر الله ويرجع؛ لمدة خمس سنين، وبعدها توفي في العام 1985م.
* سمعنا أن للشيخ ضحية قصة مع تلاميذه قبل الوفاة، وحكاية غسل جنازته؟
كان للشيخ ضحية تلميذ اسمه يعقوب من قبيلة البرقو، عمره حوالي الـ(80) عاماً أوصانا بأن يقوم يعقوب بغسله غسل الجنازة بعد وفاته، ولكن الغريب أن الشيخ يعقوب هذا مرض مرضاً شديداً، يوم الخميس وحتى أهل الحلة قاموا بإنزاله من السرير إلى الأرض وأدوه الشهادة للموت، وحينها ذهبت مسرعاً للشيخ ضحية وأخبرته بأن الشيخ يعقوب على فراش الموت وأهل الحلة مجتمعين حوله، لكن المفاجأة أن الشيخ ضحية قال لي: شيخ يعقوب بغسلني للجنازة، ثم يموت بعدي. وسبحان الله، في نفس يوم الخميس بالمساء أصبحنا الجمعة قام الشيخ يعقوب سليمان من المرض وصلى مع الناس صلاة الجمعة، ويوم السبت الساعة الحادية عشر صباحاً توفي الشيخ ضحية وغسله للجنازة الشيخ يعقوب وصلى عليه، ويوم الإثنين توفي الشيخ يعقوب وكان سليماً معافى.
*هل هناك علاقة بين رحيل الشيخ ضحية ورحيل الرئيس نميري من الحكم في أوقات متقاربة؟
في العام 1985م وعندما اقترب رحيل الشيخ ضحية احمد التيجاني أخبرني بانتهاء فترة حكم النميري وقال لي:(خلاص حكم النميري انتهى) وتحديداً سينتهي بعد (40) يوماً من وفاته، وقد كان ذلك، وأشار لي الشيخ ضحية بأن الذي يمسك الحكم بعده أبناء السجادتين؛ وهما طائفة الأنصار برئاسة الصادق المهدي وطائفة الختمية برئاسة أحمد الميرغني، ولكنه أخبرني بأن حكمهما لا يطول، وأكد لي أن بعده يحدث انقلاب عليهما ويمسك الحكم (عسكري كارب) ـ لم يحدد اسمه ـ وسينشر الإسلام، وأوصانا بأن نكون معه وبالفعل، حسب وصية الوالد، نحن معه لكن البشير لم يزرنا حتى اليوم.
الخرطوم: محجوب حسون
صحيفة السوداني