هذه الأسباب (…) قد تعصف بكرسي الوالي كبر
هذا (…..) ما دار في اللقاء بين نائب الرئيس والمسؤولين بالولاية
تعيين هؤلاء يعني تجريب المجرب!
قرارات مرتقبة من رئاسة الجمهورية تقضى بتغيير ولاة ولايات دارفور في الأيام القليلة القادمة ذات الخبر الذي انفردت به (السوداني) على لسان رئيس القطاع التنظيمي بحزب المؤتمر الوطني حامد صديق قبيل أيام الذي أوضح أن حزبه يتجه لإجراء تغييرات في الجهاز التنفيذي بولايات دارفور تأكيد ذات الخبر جاء على لسان النائب الأول لرئيس الجمهورية علي عثمان محمد طه حيث أشار إلى أن الرئاسة تحضر لإصدار قرارات لتغيير مرتقب في دارفور، ورشحت أنباء من داخل حزب المؤتمر الوطني عن اتجاه لإقالة ولاة جنوب وشرق ووسط دارفور وربما شمال دارفور واستبدالهم بآخرين جدد.
شكة الأوراق
قد لا تتناطح عنزتان في أن الأوضاع الأمنية في دارفور ظلت تشهد تدهوراً في الفترة الأخيرة وارتفعت حدة الصراع بين الحركات والحكومة من جانب وتنامي التفلتات الأمنية من جهة أخرى كما أن استيلاد أو إضافة الولايتين الجديتين لم يحدث تغييراً، ومن الطبيعي أن يقيم المؤتمر الوطني أداء الولاة ولكن السؤال المطروح مدى مقدرة البدائل الجدد من الولاة في استعادة الأمن بالاقليم، ومن هم، وكيفية التوفيق بين التعقيدات المحلية من الموازنات القبلية ورؤية المؤتمر الوطني في اختيار حكام أقوياء ومدى التزام المركز تجاه الولايات؟، وربما التمس نائب رئيس الجمهورية علي عثمان مدى مايدور بالإقليم حيث توقع في حديثه صدور قرارات لمعالجة الضعف الإداري بولايات دارفور لافتاًً إلى أن هنالك مراجعات تتم على مستوى القائمين على الأمر بدارفور والولاة وهذا ربما يقود إلى إعادة شكة الأوراق وفرزها من جديد بين قيادات الوطني في الإقليم.
خلفاء حماد
وبحسب ما تواترت من أنباء أن التغيرات المحتملة ستشمل إقالة والي جنوب دارفور حماد إسماعيل من منصبه بعد أن شهدت ولايته تكراراًً لأحداث الانفلاتات الأمنية بعدد من المحليات وداخل مدينة نيالا والاختطافات المتكررة والتصعيد العسكري من قبل الحركات من جهة أخرى. ويؤكد العديد من المراقبين أن نيالا لم تشهد استقراراًً منذ إعفاء واليها السابق عبدالحميد كاشا والتطورات الدراماتيكية التي شهدت الإعفاء وما صاحبها من مظاهرات، غير أن أبرز المرشحين لخلافة حماد في منصب الوالي هم نائب رئيس المؤتمر الوطني السابق بالولاية وأمين التنظيم بالوطني حالياً محمد عبدالرحمن مدلل وهو رجل ظل مسيطراً وله نفوذ عالٍ في حزبه بالولاية، كما أنه ظل الرجل التنظيمي الأول بالولاية منذ عهد كاشا وحتى الآن، وهو من جيل الشباب، ويقول مراسل صحيفة (السوداني) من دارفور، محجوب حسون إن مدلل رجل مرتب ومنظم ويتميز بكاريزما وله قبول واسع بين مكونات الولاية وينتمي مدلل إلى ذات المكون القبلي الذي ينتمي إليه الوالي الحالي حماد إسماعيل. ويضيف حسون أن مدلل يعد من المرشحين الأوفر حظاً في التغيرات المتوقعه حال عدم حدوث مفاجآت لجهة التركيبة القبلية الحاضرة بالولاية أيضاً تشير التوقعات إلى كل من السنوسي محمد الطاهر، وعلي ناجي، واللواء أحمد مفضل.. والسنوسي كان وزير شؤون مجلس الوزراء بحكومة الولاية في عهد الوالي علي محمود ويطلق عليه لقب “الأمير” لجهة أنه حفيد الخليفة عبدالله التعايشي وبحسب معاصريه الرجل يميل إلى الصمت ولا يتحدث كثيراًً فيما تعود خلفيات كل من علي ناجي، وأحمد مفضل إلى المؤسسة الأمنية. فالأول كان مستشاراً بمستشارية الأمن القومي في عهد رئيسها السابق والمعتقل حالياً على ذمة المحاولة الانقلابية صلاح قوش. ويقول حسون إن ناجي “رجل أمني محترف” وكذلك رصيفة الآخر أحمد مفضل، غير أن بعض التحليلات تشير إلى مطالبة البعض بحسب حديث حسون بالوالي الأسبق الحاج عطا المنان لكن مقربين من الرجل يقولون إن الرجل رافض ولا يرغب في أن يكرر نفسه وليس لديه جديد يقدمه، لكن هنالك تيار داخل الوطني بنيالا يصر على إبقاء الوالي الحالي حماد إسماعيل ويبرهنون بأنه أحدث بعض التنمية وقام بترميم الطرق الداخلية بالولاية كما أنهم يؤكدون على أن الأمن مسؤولية اتحادية في المقام الأول، ووسط تلك التكهنات الواسعة كشف مصدر لـ(السوداني) عن التئام جلسة خاصة في الأيام الماضية بين نائب رئيس الجمهورية الحاج آدم يوسف في زيارته الأخيرة لنيالا لحضور فعاليات مؤتمر المانحين جمعته مع كل من الثلاثي محمد عبدالرحمن مدلل والسنوسي محمد الطاهر ورئيس المؤتمر الوطني بالولاية حالياً قدير علي زكين وأضافت المصادر أن الوالي المتوقع سيكون أحد الشخصيتين أما مدلل أو السنوسي غير أن التوقعات تشير إلى توفر حظوظ للأول أكثر من غيره.
معادلة أخرى
يرمي البعض إلى أن الظروف الموضوعية التي أقعدت والي ولاية شرق دارفور اللواء (م) محمد حامد فضل الله عن أداء واجبه وغيابه عن الولاية لأكثر من أربعه أشهر تحتم على الحكومة التفكير في استبداله لاسيما وأنه لازال يتشافى بالأردن ويقول البعض إن غياب الرجل بسبب المرض عن الولاية الجديدة ترك فراغاً دستورياً وتنفيذياً. ويلفت البعض إلى تعالي أصوات مواطني الولاية في المطالبة بتعيين والٍ للولاية كما جاء مؤتمر الصلح الأخير الذي عقد بالضعين حيث طالب المواطنون من قيادات المؤتمر الوطني وعلى رأسهم الوزير بديوان الحكم اللامركزي حسبو محمد عبدالرحمن بضرورة نقل مطالبهم إلى المركز لتعيين والٍ لسد الفراغ الدستوري لكن بات في حكم المؤكد أن والي جنوب دارفور السابق عبدالحميد كاشا سيعين والياً في شرق دارفور في الأيام القادمة وبعد أن سرت تكهنات عن ترشح كل من وزير التخطيط المهندس عبدالمجيد الزائر ومستشار الوالي صديق عبدالنبي بجانب كاشا إلا أن الأمر حسم وأصبح كاشا الشخص الأقرب إلى تولي المنصب، ويقول عضو مجلس تشريعي ولاية شرق دارفور نورالدين عامر إن كاشا من الحكام القلائل ومن المؤهلين لتولي المنصب لاسيما وأن الرجل يتمتع بخبرات ثرة تشريعية وتنفيذية، ويردف في حديثه لـ(السوداني) أن كاشا منصف وعادل ويتفقد أحوال مواطنية بنفسه وينحاز بشكل أساسي لقضايا المواطنين وإن تقاطع ذلك مع رؤية المركز، بالإضافة إلى أن كاشا ظل يعد من المطالبين بتعايش سلمي بين دولتي السودان وجنوب السودان كما توليته لشرق دارفور المتاخمة في حدودها لدولة الجنوب ربما يقود إلى تحسين العلاقات مع جارته ولاية شمال بحرالغزال وهو من جغرافية المكان ويدرك جيداً مصالح مواطنيه من الرحل في رحلتهم إلى دولة الجنوب وحجم المصالح المشتركة التجارية والاقتصادية.
حداثة التجربة
باتت التغيرات المحتملة تهدد مقعد الأكاديمي والسياسي والي ولاية غرب دارفور حديثة التكوين د. محمد يوسف تبن فهو منذ أن قدم إلى ولايته لم تشهد تغييراً يذكر على مستوى تقديم الخدمات ورغم أن وسط دارفور “زالنجى” تضم أغلب قادة فصائل دارفور من مكون قبيلة الفور من إبراهيم دريج ورئيس السلطة الإقليمية الحالية د. تجاني سيسي وعبدالواحد نور ووالي غرب دارفور السابق أبوالقاسم إمام والقيادي أحمد عبدالشافع، إلا أن الوطني تولى منصب الوالي فيها بعد أن آلت غرب دارفور إلى حركة التحرير والعدالة وتولى حيدر قالوكوما منصب الوالي فيها، ورغم أن تبن يعد من قيادات الوطني المميزين إلا أن البعض يرى أن شخصية الأكاديمي الممنهج تغلب فيه على البراغماتية السياسية، ويقول أحد شيوخ نازحي معسكر مورني إن تبن رجل فاعل وعلامة وزول خبير، ويضيف لـ(السوداني) رجل نبيه إلا أن ضعفه ناتج من ضعف حكومته التي كونها من أشخاص حديثي التجربة هم شباب مندفعين، وتذهب التحليلات إلى أن أبرز المرشحين لخلافة تبن هم وزير الرياضة الاتحادي السابق محمد يوسف عبدالله ونائب والي جنوب دارفور الحالي عبدالكريم موسى عبدالكريم بالإضافة إلى وزير التربية الاتحادي السابق فرح مصطفى.
كرسي كبر
رغم ثباته في منصب الوالي لمدة تجاوز العشر سنوات في عاصمة الإقليم التاريخية لم يستبعد العديد من المراقبين أن تشمل التغييرات والي شمال دارفور عثمان محمد يوسف كبر الذي ظل والياً منذ انفجار الازمة بدارفور في 2003م بعد ضرب مطار الفاشر من الحركات المسلحة خلفاً لوالي شمال دارفور وقتها الفريق إبراهيم سليمان ورغم مرور الرجل بمطبات كادت أن تعصف به إلا أنه الوالي الوحيد الذي لم يشهد تغييراً وبمقارنة عدد الولاة وتغيرهم بالإقليم نجد أن كبر شهد أطول فترة استقرار في الكرسي، ففي الوقت الذي شهدت فيه ولاية جنوب دارفور خلال الفترة من 1994 إلى 2013 حوالي عشرة تغييرات للوالي، إلا أن كبر وحده بقي عشر سنوات، ويقول مصدر مطلع فضل حجب هويته إن كبر ارتكب أخطاء فادحه بالولاية أبرزها “سوق المواسير” والمشاكل القبلية بين قبيلتي الزيادية والبرتي، وأخيراً أحداث جبل عامر التي أدت إلى مقتل وجرح ونزوح أعداد كبيرة من المواطنين. ويضيف المصدر في حديثه لـ(السوداني) أن الوالي كبر اعتاد على إخفاء المعلومات الحقيقة الدائرة بولايته عن المركز، غير أن الكثير من المراقبين يتوقعون أن تعصف التغيرات القادمة بكبر وربما يغادر الكرسي الذي ظل به لفترة طويلة، وتشير التحليلات بحسب مراقبين للأوضاع بالفاشر إلى أن أغلب أبرز المرشحين لخلافة الرجل هم وزير مالية شمال دارفور السابق إبراهيم محمد سليمان بجانب شخص آخر هو النور محمد إبراهيم وهم من القادة الوطنيين البارزين بالولاية، كما أن الأول كان من المنافسين لكبر في الانتخابات الأخيرة ويتمتع بثقل كبير وله شعبية واسعة وسط مواطني الولاية فضلاً عن إشارة البعض إلى الوالي السابق الفريق إبراهيم سليمان لرؤية الرجل ومطالبة قطاع واسع به من أهل دارفور.
مراجعة الدوحة
تقفز الاسئلة الملحة إلى الأذهان عن مدى إمكانية استبدال الولاة الجدد في دارفور في استتباب الأمن وتحقيق السلام وعلى الرغم من تباين الآراء وتكهنات البعض في احتمالية تعيين الحكومة لأشخاص ذوي خلفيات عسكرية إلا أن المراقبين يؤكدون على أن ذات الحكم من قبل العسكريين مر بالإقليم فقد سبق أن كان حكام الإقليم من العسكر وعلى رأسهم الفريق إبراهيم سليمان والفريق أدم حامد موسى واللواء (م) صلاح علي الغالي وحتى والي الضعين الحالي اللواء (م) محمد حامد فضل الله، ويرى البعض أن الإشكالية تكمن في وفاء الحكومة المركزية بالتزاماتها وإحكام التنسيق والتعاون التامين بين الولاة والأجهزة الأمنية، ويقول المحلل السياسي والناشط محمد حسن عثمان التعايشي في قراءة تحليلية للتغيرات المرتقبة في الإقليم إن ما أعلن من تغيرات من حيث المبدأ يعد انقلاب على اللامركزية وهذا يهدم اهم مبدأ من مبادي الوحده في السودان غض النظر عن طبيعة النظام الحاكم أو الوالي الحاكم، ويضيف في حديثه لـ(السوداني) من ناحية أخرى الحكومة اتبعت سياسات اتسمت باللاموضوعية والعجز في مواجهة التحديات الجوهرية للازمة في الإقليم، مشيراً إلى أن مايحدث من تفلتات أمنية لا ينتسب بأي صلة إلى طبيعة الوالي الحاكم بقدر مايرتبط عضوياً بالطبيعة الخاطئة لمعالجة المشكلة في دارفور، ويستطرد: التقييم ليس يرجع لقدرة الولاة في تعزيز الأمن بالإقليم بل إلى أي مدى استطاعت اتفاقية الدوحة إحداث السلام والتنمية في دارفور، أي إن المراجعه ليست في أداء الولاة بقدر ماهي مراجعة إمكانية الدولة في تعزيز فرص السلام والأمن بعد اتفاقية الدوحة، ويشير إلى أن الموضوعية تحتم على الحكومة اتخاذ قرار بتعليق اتفاق الدوحة والاتجاة لتفاوض ينهي حالة الحرب في دارفور ويعتبر أنه حال تعيين الحكومة لولاة عسكريين ستكون جربت المجرب، وربما تعيين عسكريين يقود إلى مزيد من التأزم، ويلفت إلى أن المسؤولية الأمنية والقرار بيد المركز وليس الولاة في إشارة إلى أن القيادة العسكرية في الولايات تأخذ التعليمات من المركز وليس الولاة وأن الأخيرين ماهم إلا ضحايا لذلك، ويقطع حتى حال تغييرهم قد لا يحول دون إيقاف التفلتات الأمنية، ويرهن التعايشي إلى أن معالجة التفلتات الأمنية تكمن في معالجة الاختلال البنيوي بين الإقليم بولاياته والمركز، وذلك لا يتأتى إلا بفتح حوار جوهري لمعالجة المشكلة وليس المسكنات الوقتية.
تقرير: محمد حمدان
صحيفة السوداني
[email]hamdanabdalla@yahoo.co.uk[/email]