وأخذتنا «الونسة» فتحدَّثنا عن قضية العجز المصرفي والديون الأمريكية ومشكلة الرهن العقاري وديون اليونان ومسألة التشدُّد الصيني في الديون الأمريكيَّة التي وصلت إلى ثمانية عشر ترليون دولار والتي ظهرت الصين كأكبر الدول الدائنة لأمريكا.. وحسب الحكمة السائدة وسط تجار الدولار وتجار الكرين يقولون «سيد دينك سيد روحك يا تخلّص يا تملّس» ولأن أمريكا لن تستطيع أن تخلص الديون اللي عليها الآن فإن عليها أن «تملس» وتقبل بكل الشروط والطلبات الصينية في مجلس الأمن وفي الأمم المتحدة.
ويا زول الونسة «جرَّت» وتطرَّقنا إلى فكرة بنوك الفقراء والتي ابتدعها وابتدرها رائد الفكرة البنغلاديشي محمد يونس فيما عُرف لاحقاً بمشروع «قرامين» بانك.. وأخونا تاجر الدولار «لفح» الكلمة وصار يكرر قائلاً «قرامانين» بانك.. وقلنا له إن قرمانين معناها «عايزين حاجة» نفقدها لمدة طويلة.. وفي الغالب يستعملها البعض عندما يتوقفون مدة طويلة عن أكل اللحوم فيقول أحدهم إنه «قرمان» لأنه لم يأكل لحماً لمدة طويلة جداً.. على أنها كلمة تأتي في قائمة المأكولات أما في حالة الشاي والقهوة فيقولون «خرمانين» ولا يقولون قرمانين..
والدكتور محمد يونس أنشأ بنك «قرامين» في دولة بنغلاديش ونجحت التجربة هناك ونقلها إلى العالم الخارجي.. وتجربته تعتمد على محاربة الفقر وحصل بها على جائزة نوبل للسلام في عام 2006م وتقوم فلسفة «قرامين» بانك على أن الائتمان والتمويل حق من حقوق الإنسان وأن الشخص الذي لا يملك شيئاً من حقه أن يحصل على القروض والتي يجب ألا تكون حكراً على الأغنياء.. ووجد محمد يونس أن النساء أفضل القطاعات في استرداد الديون وأن المرأة تحرص على حرمان نفسها لإطعام زوجها وأطفالها.. ولهذا فقد تبنى محمد يونس فكرة التمويل الأصغر لمحاربة الفقر. وفي فترة قصيرة كان لهذا البنك أكثر من ثلاثة آلاف فرع في كل العالم وعشرين ألفًا من العاملين ويقدم خدماته لعشرة ملايين من البشر وأكثر من خمسة وتسعين في المائة منهم نساء.
وبهذه المناسبة فإن كلمة «قرامين» هي كلمة بنغلاديشية ومعناها القرية وعليه يكون «قرمانين» بانك بتاع تاجر الدولار هو بنك القرية.
ترى متى يمكن أن نتوقع فرعاً لبنك قرامين عندنا في السودان.. ولماذا أصلاً لم نقم بتجميع مئات المليارات المخصصة للتمويل الأصغر وننشئ بها قرامين بانك بتاع السودان أو «قرمانين» بنك بتاع تاجر الدولار؟!! ولماذا لا يرسل بنك السودان مجموعة للتدريب على التمويل المصرفي بطريقة الدكتور محمد يونس أو طريقة «قرمانين» بتاعة صاحبنا تاجر الدولار ورجل الأعمال و«الوجيه» ورجل البر والإحسان وابن السودان البار. ونسأل أهلنا في اتحاد أصحاب العمل متى يمكن أن نتوقع رجل أعمال سوداني في قامة دكتور محمد يونس.
{ كسرة
إذا افترضنا أن موافقتنا على ترحيل بترول الجنوبيين مشروطة بفك الارتباط مع قطاع الشمال والفرقة التاسعة والعاشرة.. وإذا افترضنا أن فتح المعابر مشروط بنفس الموضوع وإذا افترضنا أن نقل الأغذية للجنوبيين مشروط بنفس القضايا الأمنية وإذا افترضنا أن الحريات الأربع أو الأربعمائة مربوطة ومشروطة بفك الارتباط من ناس عرمان وعقار والحلو والفرقة التاسعة والعاشرة.. فكيف نفهم أننا على وشك ترحيل النفط ولم يبق لنا أي شيء لفتح المعابر وفرغنا من كل قضايا نقل الغذاء وشرعنا في تطبيق الحريات «الأربعين».. ولكن لا يزال ياسر عرمان في جنوب السودان ولا يزال عقار والحلو يتلقون الدعم من سلفا كير وما زالت الفرقة التاسعة والعاشرة تحتل أراضينا.
فمتى يا جماعة يتم تطبيق الجانب الأمني من مصفوفات «السجم والرماد» ومتى نسمع بأن الجنوبيين قد طردوا عرمان وعقار أم أن فك الارتباط ليس من بعض المصفوفات التي قيل لنا إن فيها الخلاص وبحبوبة العيش وبعدها سوف نعيش مع الجنوبيين في تبات ونبات ومن المؤكد أننا لن نخلف صبيان وبنات…
صحيفة الإنتباهة
[/JUSTIFY]