رأي ومقالات

ما أبغض الدكتاتورية

[JUSTIFY]الدكتاتورية تدمر البلاد حتى بعد زوالها وللنظر إلى ما حولنا من دول رزحت تحت نير الدكتاتورية، ماذا حدث لما دمرتها الدكتاتورية حتى بعد زوالها، ماذا يدور في مصر وليبيا وتونس والعراق والصومال وغيرها من الدول التي رزحت تحت نير الدكتاتورية، ماذا جنت من عقود الدكتاتورية سوى الخراب والدمار الذي مازال يأخذ حيزاً واسعاً حتى بعد زوال أنظمة الحكم المتجبرة!!

غياب الحريات زمناً طويلاً والسكوت على غيابها يخلق تباعداً ما بين المواطن والحرية، ويسوء فهمه لمعنى الحرية، حتى تغدو الحرية في أمور تنافي الأخلاق والقيم والدين، «الذين طغوا في البلاد فأكثروا فيها الفساد» الفساد في مطلقه سياسي واقتصادي واجتماعي، حيث يفسد معنى الحرية، وتصبح الحرية هي الهمجية!!

لك في النظام الدكتاتوري أن تمارس جميع أنواع (الحرية) المحرمة إلا حرية الرأي والفكر فهما الغائبان الرئيسيان من أنواع الحرية المتاحة.!

لك كمواطن حرية النفاق، حرية ارتكاب الحرمات حرية أن تفسد ولكن هناك حرية محرمة عليك كمواطن هي حرية أن تختار من يحكمك فإن هذه حرية تقتصر فقط على الدكتاتور الحاكم الذي لا يرى حاكماً غيره!!

القذافي حين شعر بأن حكمه إلى زوال أراد هدم ليبيا وتدميرها، وقد نجح في ذلك حتى بعد مماته الآن انظروا إلى ليبيا تقتل بعضها البعض والكل يظن أنه يمارس الحرية التي افتقدها أربعين عاماً!!

ومن المخلفات الخطيرة التي تفرزها الدكتاتورية بعد السقوط الأخلاقي، هي أنها تضعف الشعور بالوطنية إلى أقصى حد، فتنمي العصبية القبلية وتفرق بين الناس الذين وحدتهم لا إله إلا الله، أي أنها تضعف الإيمان في القلب وهذا أخطر ما في الأمر، فالديكتاتورية تفرق ما توحد وتثير العصبيات والصراعات الطائفية والقبلية، وتؤمن بالمبدأ الاستعماري القديم فرق تسد، فما أسهل من أن تحكم قوماً لا تجمعهم كلمة سواء، فالكل نفسي نفسي لا يهمه ما يجري لأخيه!!

وعدم ممارسة الحرية لحقب طويلة يصيب المرء بجاهلية تجاهها، وحتى حين يثور على النظام الحاكم، الذي سلب منه الحرية لا يرى المواطن غضاضة في ممارسة حرية تضر ببلده والآخرين، فيرى حرق وهدم المباني الحكومية نوعاً من أنواع الحرية، وتبلغ به ممارسة الحرية الخطأ في محاربة النظام الجديد الذي انتخبه الشعب بناءً على الحرية التي اكتسبها كما يحدث الآن في مصر وتونس، ومن سلبيات الدكتاتورية أنها تفرز أنواعاً متناقضة من التطرف الضار بالبلاد، حتى الدين الوسط والذي جعل الله أمته أمة وسطاً ظهر فيه التطرف، هذا إضافة إلى التطرف العنصري والقبلي والطائفي حيث لا تجتمع الأمة على كلمة سواء!!

بماذا نفسر دخول انتحاري المسجد ليفجر نفسه ويذهب ضحية عمله هذا عشرات المسلمين وبيت الله أكثر البيوت أمناً فمن دخله كان آمناً على نفسه وماله، ما الفرق بين دخول جندي أمريكي المسجد وقتل المصلين فيه وبين هذه الواقعة، والأمريكي الذي فعل هذا الفعل قد نقول فيه ليس بعد الكفر ذنب فما بال هذا الذي يشهد ألا إله إلا الله؟!!

وغياب الحرية غالباً ما يحل مكانها التطرف والعصبية القبلية والعنصرية والصراع الطائفي!!

والإسلام أعطى الحرية مكانة سامية حتى في الإيمان بالله «من شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر» متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا» «إنّا هديناه السبيلين أما شاكراً وإما كفورا» ومن أخطر أضرار غياب الحرية هو الاحتمال القوي بنشوب حرب أهلية وهذا ما تعاني منه الدول التي غابت عنها شمس الحرية عقوداً طويلة كالعراق وسوريا وليبيا والصومال، وإن لم تقم حرب أهلية فإن الفوضى تعم كما هو الحال في مصر هذه الأيام..

وغياب الحرية يشوش حتى على العقيدة، فالإسلام لا ينمو ولا يزدهر إلا في جو الحرية، ففي لحظة تحرر فيها عمر بن الخطاب من التفكير السائد آنذاك قرأ آيات من سورة طه كانت كفيلة بتغيير مجرى التاريخ وأصبح بعدها الفاروق الذي فرق بين الحق والباطل!!

والدكتاتورية تفرق المجتمع طوائف التفاضل بينها ليس بمقياس التقوى إنما بالمال والجاه والقصور، ويفقر جراء ذلك الغالبية العظمى من الناس ويكون المال والجاه والسلطة دولة بين هؤلاء وهذا يولد الحقد بين طوائف المجتمع ويخلق الصراع الطبقي الذي عادة ما تعتمد عليه النظريات التي تخرب النسيج الاجتماعي!! وفي لحظة حرية نالها رسول الإنسانية محمد عليه الصلاة والسلام بعد أن طارده أهل الطائف وآذوه وجد لحظة حرية دعى فيها غلاماً اسمه عداس فكان أول من شهد ألا إله إلا الله في مدينة الطائف، فالإسلام لا يجد مناخاً يزدهر فيه وينمو خيراً من مناخ الحرية!! كوارث الأنظمة الدكتاتورية تظهر بعد زوالها وذلك بسبب غياب الحرية والتي بغيابها تصاب العقول والمفاهيم بالعقم وتدخل في ظلمات، تجعل فاقدي الحرية ومعانيها السامية التحسر على النظام الدكتاتوري الذي ثاروا عليه، فانتقم منه وهو مقبور!!

صحيفة الإنتباهة
[/JUSTIFY]

‫4 تعليقات

  1. بارك الله فيك يا دكــــتور وجزاك الله خير وزادك من العلم اكثر فاكــثر

  2. ياريت الهندى يقرا ليك عشان يتعلم الكتابة ..مقالك رائع والامس كان الاروع

  3. [SIZE=5][B][COLOR=undefined]مالى أراك تغمز وتلمز يا دكتور ، وماذا جنينا من الديمقراطية حينما حلت بيننا فى الخمسينات والستينات والثمانينات من القرن الماضى ، وماذا إستفاد الشعب من هؤلاء الذين حكمونا بإسم الديمقراطية فى هذه العهود الثلاثة ، إن العيب سيدى ليس فى الديمقراطية بل فى الذين يُطبقونها فهؤلاء يريدون الديمقراطية كوسيلة لهم وليس لسواهم ، إن أحزابنا والتى فلقت رؤوسنا بالديمقراطية لا تطبق الديمقراطية داخل احزابها وإلا كيف يمكث رئيس حزب ولنصف قرن من الزمان وهو يقود حزبه وكان حواء ذلك الحزب لم ولن تلد غيره ، إن من شوه إسم الديمقراطية وجعل معظم الناس فى السودان يكفرون بها هم أحزاب السودان وزعماء تلك الأحزاب والذين لا يؤمنون بالديمقراطية الحقة بل يريدونها كوسيلة وحسب الطلب وأن تكون مُفصلةً على مقاسهم وفقط !![/COLOR][/B][/SIZE]

  4. الديمقراطية بحد داتها نظام فاشل حيت يمكن ل51% من الشعب سلب حقوق 49% الاخرين وتتوزع السلطة بين العديد من الاشحاص مما يصعب تسيير شؤون الدول وينتشر الفساد ونهب الاموال بالباطل