رائحة الأم.. أسرار كامنة في حياة أبنائها

[JUSTIFY]غريزة الأمومة لها جذور بيولوجية “جينية وهرومونية”، تبدأ في جسم الأم مع بداية الحمل وقبول الجنين، فالجنين الذي يشعر بالحب ينمو ويكبر والمحروم منه تغمره كيمياء الغضب من الأم فيقل نموه ولربما مات في المهد.

هذا ما أكده الدكتور مجدي بدران عضو الجمعية المصرية للحساسية والمناعة وزميل معهد الطفولة بجامعة عين شمس، خلال الندوة التي ألقاها بعنوان “مدرسة الأمومة” بقصر ثقافة روض الفرج تحت رعاية د. محمد زيدان رئيس مديرية ثقافة القاهرة.

وأوضح بدران أن الأمومة تنقسم إلى نوعين أمومة بيولوجية وأمومة نفسية، فالأمومة البيولوجية تتمثل في عملية الحمل والوضع والرضاعة فيما توصف عملية التربية والرعاية والحب بالأمومة النفسية وهى ضرورية للنمو الصحي السليم للأبناء ولتنمية ذكائهم وتعليمهم اللغة وإرضاعهم ثقافة المجتمع ومن هنا يتضح الدور العظيم الذي تلعبه الأم في تغذية نفس ووجدان الإنسان.

أما الأمومة النفسية تؤدى إلى إفراز هرمون “الأوكسيتوسين” المعروف باسم هرمون العناق وهو الذي يدفع الإنسان ليحتضن من يحب، ويساعد في إدرار اللبن من ثدي الأم ويساعد الناس على تنمية المشاعر الودية والحب والعطف على الآخرين، وكذلك هرمون “البرولاكتين” الذي يحفز الغدد الثديية على إنتاج لبن الرضاعة الطبيعي.

رائحة الأم.. شريان الحياة

في عالم الثدييات, يتعرف الوليد على أمه من خلال الرائحة “الفيرومونات”
وهى أدوات التواصل الغير لفظية الأساسية بين الحشرات والثدييات، وعن طريقها تتمكن من إختيار شريك الحياة.

والفيرمونات مواد كيميائية يفرزها الجلد, لا رائحة لها, لكنها تنتقل عن طريق الهواء, وتسقط على الجزء العلوي لتجويف الأنف الذى يرسلها للمخ فتثير الإهتمام بالمرسل.

وتوجد الفيرومونات في رحم الأم الحامل وتتبرمج ذاكرة الجنين على وجودها وتعينه بعد الولادة في التعرف على أمه دون غيرها, ويقبل على الرضاعة منها.

وفي عالم الحيوانات، تتمكن الغزالة الرضيعة من التعرف على أمها البيولوجية “الحقيقية” بشم الركبة الخلفية للإناث وسط قطيع مزدحم بالأمهات.

وفي القطط يتعرف كل مولود على الحلمة الخاصة به من القطة الأم ويقبل كل مولود على الرضاعة من نفس الحلمة في كل رضعة.

ولكن كيف تتمكن الفئران الوليدة من الرضاعة مع أنها تولد عمياء، أوضح بدران أنها تحدث بالفطرة, حيث تلعق أنثى الفأر حلماتها بلعابها لإرشاد الفئران الوليدة الجائعة إلى اللبن, وتهتدى الفئران لحلمات الأم بسهولة.

وعند تدليك ثدي الفأرة الأم بالسائل الأمنيوسي أو باللعاب تهتدي الفئران الوليدة لثدي الأم، حيث تبين أن هناك مزيج من الروائح يميز ثدي الأم خلافاً للفيرومونات, وتبين وجود ذلك في عالم الفيلة أيضاً.

فعند غياب هذا المزيج في عالم الحيوانات لا يقبل الرضيع على الرضاعة ويموت.

أما في عالم البشر، تستطيع الأم أن تتعرف على وليدها، ولكن عند مقارنة أطفال الرضاعة الطبيعية بأطفال الرضاعة الصناعية, تبين أن أطفال الرضاعة الطبيعية يميلون للتعلق بأجزاء ثياب أمهاتهم اللاتي تلتصق بالإبطين أو الحلمتين.

صوت الأم.. دواء طبيعي

أكد بدران لـ”محيط” أن الرضيع يستطيع من الشهر السابع تميز المشاعر العاطفية للأم عن طريق تحليل نغمات صوتها، ويعرف حالتها النفسية إذا كانت سعيدة أو حزينة.

وأوضح بدران أن سماع صوت الأم هام لنمو وتطور الجنين، مشيراً إلى أنه هو الذي ينشط أجزاء المخ الخاصة بتعلم اللغة.

ويطلب بدران من الأمهات تسجيل أصواتهن لإعادة إسماعها للرضع خاصة حديثى الولادة لإكسابهم الطمأنينة حال إنشغال الأمهات, كما يطلب من الأبناء حتى الكبار تسجيل أصوات الأم للإستفادة بمزاياها عند غيابها أو الحنين إليها.
قلب الأم.. موسيقى حالمة

أوضح بدران أن ضربات قلب الأم تعد موسيقى تصويرية حالمة يستمتع بها الجنين طوال فترة الحمل وتعد أساس استمراره فى الحياة ولو توقفت لثوانٍ لهددت حياته، مؤكداً أن توفير الجو الهادئ للأم الحامل هام للجنين وخاصةً عند بدء خروج الطفل من رحمها فهذه العملية تصطدم الوليد بعالم غريب بارد الحرارة ينذره بفقدان حرارة الالتصاق بالأم، فيصرخ رافضاً العالم الجديد.

وأشار بدران إلى أن وضع الوليد بسرعة على صدر أمه فور قطع الحبل السرى الذى يربطه بها يحقق عدة فوائد، حيث يتأكد أنه مازال حياً والدليل سماعه ضربات قلب الأم التي يحفظها ويستطيع أن يميزها بمهارة كبصمة خاصة للحياة وأنه عاد ليستمتع بدفء الالتصاق بالأم من جديد وكلما التصق بأمه يتأكد أنه مازال حياً فيقبل على الحياة.

وأشار بدران إلى أن الإهمال والكبت العاطفي للأطفال يسبب توترهم يزيد من معدلات إصابتهم بالأزمات التنفسية وشدة النوبات المتكررة خاصةً تلك التي يعانى منها الأطفال المصابون بحساسية الصدر، مدللاً على ذلك بأن 16% من المراهقين المصابين بحساسية الشعب الهوائية يعانون من التوتر أو الاكتئاب ، مقارنة مع 9% من المراهقين الطبيعيين.

صدر الكنغر.. حضانة طبيعية

درس تعلمناه من حيوان الكانجارو الذي يعيش في أستراليا, ينتمى لمجموعة الثدييات التي يُطلق عليها الثدييات الجرابية, وسميت كذلك لأن لإناثها بها جراب على البطن تضع فيه الوليد الذي يكون حجمه صغيراً جداً، فيكتمل نموه في هذا الجراب، فالجراب حضانة طبيعية مجانية.

لهذا يهيب د.مجدى بدران بالأم المصرية أن تحمل طفلها الرضع بذراعيها و الأفضل وضع صدر الرضيع على صدرالأم , ويستنكر حمل الرضيع في حقيبة البيبي التي تحمل بيد واحدة مثل حقيبة السفر, بعيداً عن صدر الأم الرحب وقلبها الكبير.

محيط[/JUSTIFY]

Exit mobile version