إسرائيل لن تضرب إيران .. وهذه هي الأسباب

بديهية لا يختلف عليها إثنان حصيفان، وهي أن إسرائيل أجبن من أن تقوم بشن هجوم مسلح على إيران، ولذلك لا يغرنكم هذا الضجيج الذي تثيره القيادة الإسرائيلية حول إيران، وما يمكن أن تصبح عليه بعد أن تحصل علانية على عضوية نادي الدول النووية.
صحيح أن هناك ثأرا بين الجمهورية الإسلامية ،التي تأسست بعد الإطاحة بالشاه المقبور ،وبين الكيان الإسرائيلي،وأن خسارة الإسرائيليين كانت كبيرة جدا في إيران، لأنها فقدت مكانتها وحظوتها التي وفرها لها الشاه المقبور،وفي المقدمة جعل إيران بئر نفط وبنكا مركزيا ،وعينا وممرا لإسرائيل على العراق من خلال دعمه للأكراد الذين أرهقوا بغدادقبل التوصل لهدنة فاعلة معهم، ولا أبالغ إن قلت أن الشاه المقبور أسهم في إلحاق الضرر في العراق أكثر مما يتخيله البعض.
العدوان الإسرائيلي على إيران لوجستيا ولا أسهل، وربما يمر بكل السهولة لولا عدة ظروف تحول دون قيام تل أبيب بهذه المغامرة ،وأولها أن الإيرانيين” الفرس” ليسوا عربا يأكلون الضربة، ويشتكون لمجلس الأمن الذي يطلب منهم ” تحكيم” العقل و”إعمال” المنطق ،والقبول بوقف لإطلاق النار،ونسيان الموضوع حتى لو كان الضياع يشمل فلسطين وقدسها وأقصاها.
وهم يعلمون جيدا أن الإيرانيين لن يناموا ليلتهم تلك على ضيم،وينسون أو يتناسون أن بلدهم تعرض لعدوان إسرائيلي،بل سيتحدون معارضة وحكما،وربما يزحفون زحفا مقدسا بإتجاه فلسطين للرد ،تماما كما فعلوا في حربهم مع إيران ،إذ كانوا يزحفون زرافات ووحدانا على الحدود مع العراق لتطهير الطريق من الألغام ،لتقليل خسائر جيشهم.
كما أن الرد الإيراني سوف يكون رباعي الجبهات والجهات ،وأول المستهدفين سيكونون هم الجنود الأمريكيون في الخليج،ناهيك عن مآل المدن والأهداف الحيوية الخليجية ،التي ستكون هي الأخرى الهدف السهل للنيران الإيرانية بكل صورها وأشكالها،بمعنى أن إيران ستقلب الطاولة على رؤوس الجميع الذين سيقضون وقتا طويلا في إحصاء خسائرهم.
أما ثاني المانعات فهي أن الصواريخ الإيرانية لن تتأخر عن قصف المدن الفلسطينية المحتلة،ولعمري أن تل أبيب جربت هذه الصواريخ مرتين على الأقل ،الأولى إبان مواجهة حزب الله وإسرائيل صيف العام 2006 ،والثانية في مواجهتي غزة الأخيرتين ،ومعروف أن إسرائيل حصلت على مرتبة الفشل وعن جدارة في تلك المواجهات.
وثالثة الأثافي، هي أن المجتمع الدولي وعلى رأسه أمريكا لن يسمح لإسرائيل بالقيام بهذه المغامرة،للأسباب التي ذكرتها ،إضافة إلى خوفه حد الهلع من قيام طهران، بإغلاق مضيق هرمز ومنع النفط من العبور إلى الغرب.
لكن أمريكا والغرب يستغلان التهديدات الإسرائيلية وتضخيم الخطر الإيراني وشيطنة إيران، لتخويف دول الخليج وإجبارها على التعاقد لشراء صفقات أسلحة وبالمليارات ،وتكون الفائدة قد عمت على الإقتصاد الغربي ،من خلال تنشيط مصانعه وإيجاد فرص عمل لعماله وبالتالي تقليص نسب البطالة ،في حين نرى الإقتصاد العربي بائسا لتسرب الرساميل العربية إلى الخارج.
لا أحد ينكر أن إسرائيل إستخدمت كل أنواع أسلحة ضغطها على واشنطن ،من أجل السماح لها بضرب إيران ،وأن تشارك أمريكا بهذه الضربة، وتتعهد بالدفاع عن إسرائيل في حال ردت طهران ،لكن وحتى المجنون بوش الصغير لم يوافقهم على هذه الرغبة الجامحة خوفا من ردة الفعل الإيرانية.
عندما جاء الديمقراطي أوباما إلى البيت الأبيض ،تحركت الآلة اليهودية في أمريكا ولكن سيد البيت الأبيض ،أبقى على الإشارة الحمراء بخصوص ضرب إيران ،مع أن عملية الشيطنة لم تتوقف ،وما نزال نسمع بين الفينة والأخرى، تصريحا حول إيران يقول أن أمريكا لن تسمح لإيران بإمتلاك السلاح النووي ،وأن كافة الإحتمالات مفتوحة.
إسرائيل لن تقدم على ضرب إيران لأنها أجبن من أن تفعل ذلك،لكنها سوف لن تدخر جهدا في تأليب أمريكا والغرب على طهران،ولا ننسى أن حروب إسرائيل الممسرحة ضد الدول العربية ما كانت لتحدث لولا الدعم الأمريكي والغربي لإسرائيل.
أسعد العزوني – دنيا الوطن
Exit mobile version