بر الوالدين وعقوق الوالدين
يقصد ببر الوالدين :الإحسان إليهما ،والتعطف عليهما، والرفق بهما، والرعاية لأحوالهما، وعدم الإساءة إليهما، وإكرام صديقيهما من بعدهما ،إن للوالدين مقاما عظيما ،وشأنا كبيرا، يقف القلم عاجزا عن إحصاء فضلهما، أو التنويه بمكانتهما، ولذا كان بر الوالدين من أجل الطاعات، وأفضل العبادات بعد توحيد الله تعالى، وهو من أعظم أسباب تفريج الكربات، وحصول رضا رب الأرض والسماوات، وإن بر الوالدين كما يكون في الحياة فإنه يكون أيضا بعد الممات فعن ابن عمر رضي الله عنهما قال:قال رسول الله صلى الله عليه وسلم{إن من أبر البر صلة الرجل أهل ود أبيه بعد أن يولي} -أي بعد وفاته-،،،قال تعالى [واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا وبالوالدين إحسانا]وقال تعالى [ووصينا الإنسان بوالديه حسنا وإن جاهداك لتشرك ما ليس لك به علم فلا تطعهما إلي مرجعكم فأنبئكم بما كنتم تعملون]وقال [أن اشكر لي ولوالديك إلي المصير] وقال [ووصينا الإنسان بوالديه إحسانا حملته أمه كرها ووضعته كرها وحمله وفصاله ثلاثون شهرا حتى إذا بلغ أشده وبلغ أربعين سنة قال رب أوزعني أن أشكر نعمتك التي أنعمت علي وعلى والدي وأن أعمل صالحا ترضاه وأصلح لي في ذريتي إني تبت إليك وإني من المسلمين]
وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: سألت النبي صلى الله عليه وسلم أي العمل أحب إلى الله عزوجل؟ قال {الصلاة على وقتها} قال: ثم أي؟قال {بر الوالدين}قال:ثم أي؟قال {الجهاد في سبيل الله} وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال:جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله من أحق الناس بحسن صحابتي؟ قال {أمك} قال: ثم من؟ قال { ثم أمك} قال:ثم من؟ قال {ثم أمك} قال ثم من؟ قال {ثم أبوك} وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال {بينما ثلاثة نفر يتمشون أخذهم المطر، فأووا إلى غار في جبل، فانحطت على فم غارهم صخرة من الجبل، فانطبقت عليهم، فقال بعضهم لبعض:انظروا أعمالا عملتموها صالحة لله فادعوا الله تعالى بها لعل الله يفرجها عنكم، فقال أحدهم:اللهم إنه كان لي والدان شيخان كبيران وامرأتي ولي صبية صغار أرعى عليهم، فإذا أرحت عليهم حلبت فبدأت بوالدي، فسقيتهما قبل بني، وأنه نأي بي ذات يوم الشجر، فلم آت حتى أمسيت، فوجدتهما قد ناما، فحلبت كما كنت أحلب، فجئت بالحلاب فقمت عند رؤوسهما أكره أن أوقظهما من نومهما وأكره أن أسقي الصبية قبلهما، والصبية يتضاغون عند قدمي، فلم يزل ذلك دأبي ودأبهم حتى طلع الفجر، فإن كنت تعلم أني فعلت ذلك ابتغاء وجهك فافرج لنا منه فرجة نرى منه السماء ،ففرج الله منه فرجة فرأوا منها السماء}
وقال الشاعر: عليك ببر الوالدين كليهما /وبر ذوي القربى وبر الأباعد،،،، ولا تصحبن إلا تقيا مهذبا/ عفيفا ذكيا منجزا للمواعد .
والمراد به صدور ما يتأذى به الوالد من ولده من قول أو فعل إلا في شرك أو معصية مالم يتعنت الوالد :قال تعالى [ وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولا كريما] وقال تعالى [والذي قال لوالديه أف لكما أتعدانني أن أخرج وقد خلت القرون من قبلي وهما يستغيثان الله ويلك آمن إن وعد الله حق فيقول ما هذا إلا أساطير الأولين] وعن أبي بكرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم {ألا أنبئكم بأكبر الكبائر؟} قلنا: بلى يا رسول الله، قال:ثلاثا{الإشراك بالله ، وعقوق الوالدين} وكان متكئا فجلس ،فقال {ألا وقول الزور، وشهادة الزور، ألا وقول الزور، وشهادة الزور}فما زال يكررها حتى قلت: لا يسكت} وعن المغيرة بن شعبة رضي الله عنهما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم {ثلاث لا يدخلون الجنة ولا ينظر الله إليهم يوم القيامة العاق والديه، والمرأة المترجلة المتشبهة بالرجال ،والديوث، وثلاثة لا ينظر الله إليهم يوم القيامة العاق والديه والمدمن الخمر، والمنان بما أعطى} العقوق كبيرة من كبائر الذنوب ،بل هي من أكبر الكبائر تستوجب العقوبة من الله تعالى، وفيه رد الإحسان بالإساءة، كما أن العقوق يستوجب سخط الله تعالى وعقابه، ومن العقوق إظهار الضجر من أوامرهما، والعبوس وتقطيب الجبين أمامهما، وترك الإصغاء لحديثهما، والبخل والمنة عليهما، وإظهار الإستغناء عنهما وجحود فضلهما، قال الشاعر: فلمابلغت السن والغاية التي /إليها مدى ما كنت فيك أؤمل ،،،جعلت جزائي غلظة وفضاضة/كأنك أنت المنعم المتفضل ،،،فليتك إذ لم ترع حق أبوتي/ فعلت كما الجار المجاور يفعل . اللهم إنا نسألك رضاك ورضا والدينا عنا في الدنيا والآخرة ،اللهم آمين .
هنادي محمد عبد المجيد
[email]hanadikhaliel@gmail.com[/email]