أعجب والله أن يرتكب نافع هذه الجليطة في حق حزبه وأهم من ذلك في حق السُّودان ويستعدي بدون أدنى سبب أو حيثيَّات موضوعيَّة الأحزاب السياسيَّة المصريَّة في وقت أعلم علم اليقين أن سفيرنا كمال حسن علي كان حتى قبل أن يصبح سفيراً يعمل على خلق علاقة طيبة مع جميع الأحزاب السياسيَّة المصريَّة وهو ما يفعلُه كذلك السفير المصري بالسودان وكل السفراء حتى اليوم.
الكتاتني بحسِّه السياسي التلقائي لم يفعل ما فعله نافع ولم يتجاوز حدوده ويتدخل فيما لا يعنيه وإنما حصر نفسه وتصريحاته في إطار العلاقة بين الحزبين والدولتين أما نافع المسؤول الأول في الحزب الحاكم بعد الرئيس المنشغل بالطبع بالدولة عن الحزب فقد استعدى على بلاده وعلى حزبه وبدون أدنى سبب أحزاباً بذل مسؤول المؤتمر الوطني والسفير في القاهرة ولايزالان الكثير في سبيل ترميم العلاقة بها!!
المشكلة الكبرى يا نافع أنك لم تقنع ولن تقنع الأحزاب المصريَّة وقبل ذلك لن تقنعنا نحن في الأحزاب السودانيَّة أنك تُتيح لنا ما يمكِّننا من مزاولة العمل السياسي الديمقراطي وأنك وحزبك وحكومتك ترموننا في اليمّ مكتوفين وتأمروننا ألا نبتلَّ بالماء!!
بالله عليك يا نافع وأنت تعلم أننا ظللنا نقول ذلك من خلال لجنة الدستور كيف نمارس العمل السياسي السلمي الديمقراطي ونحن محرومون من مخاطبة جماهيرنا إلا داخل دُورنا؟!
الحديث عن الحريات يطول والكرة في مرماكم وليتكم تقنعوننا بأنكم جادُّون في منازلتنا عبر صناديق الاقتراع من خلال تهيئة المُناخ الملائم للعمل السياسي السَّلمي الديمقراطي الذي يُخرس ألسنة من يحملون السلاح.
لم نسألكم عن الثروة والسلطة المتاحة لكم دون غيركم من خلال الشركات التي تعلمون لكن قل لي بربِّك يا نافع هل يستطيع حزب سياسي ليس له دار واحدة أن ينافسكم وأنتم تملكون عشرات الدُّور في كل من ولايات السودان ناهيك عن أساطيل العربات هذا بالطبع إذا تجاهلنا السلطة وما أدراك ما السلطة؟! هل كنتم ترضَون ذلك إذا كنتم في المعارضة وأين ذلك من المشروع الحضاري ومن عدالة الإسلام وشريعته؟!
قـلــة أدب!!
حوار أُجري مع مجموعة (السائحون) في جريدة الصحافة خرج بعنوان مثير يقول: قادة مجموعة السائحون للصحافة (اذا جاءت ملائكة من السماء بانقلاب عسكري لن ندعمها)!!
دهشتُ وربِّ الكعبة أن يصدر هذا الكلام التافه من مجموعة تنسب نفسها إلى التيار الإسلامي وأن يبلغ بها الاستهانة بحرمات الله وبشعائره ومقدّساته درجة أن يتطاول على مقام الملائكة وفيهم بالطبع جبريل أمين الوحي وناقله إلى رسل الله وأنبيائه والوسيط بين السماء والأرض!!
دهشتُ أن يبلغ الغرور ببعض أبنائنا درجة أن ينصِّبوا أنفسهم أوصياء ليس على شعب السُّودان بل على الله سبحانه وتعالى إذ يشترطون عليه سبحانه ألّا يأمرهم أو يُنزل عليهم من السماء عبر ملائكته إلا ما يوافق هواهم!! رغم أنه سبحانه يقول (وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ).
على كلٍّ فإن (الحال من بعضو) فإذا كان هذا هو حال الإسلاميين في زمن المشروع الحضاري فكيف بالشيوعيين وبني علمان؟! أليس من الطبيعي أن يتطاول الشاذون ويعقدوا حفلات زواجهم في قلب المدينة وأن يقتحم عشاق الحوت مدرجات مطار الخرطوم ويعطِّلوا حركة الطيران ويُصرُّ بعضُهم على أن يُدفنوا معه لا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم؟!
لا أريد أن أجرِّم كل المجموعة فربما صدر الحديث المتجاوز من أحدهم وليس منهم جميعاً بالرغم من أنه نُسب إلى المجموعة التي كان من بين قياداتها من قاتل في سبيل الله وذوداً عن الأرض والعِرض ولكن صدوره بهذا العنوان المثير والغريب ينبغي ألا يُسكت عليه حتى لا يتكرر سيما وأنَّ مثل هذه العبارة رائجة في خطابنا السياسي وفي حياتنا العاديَّة وهو أمرٌ لو تعلمون عظيم.
الطيب مصطفى
صحيفة الإنتباهة [/JUSTIFY]