? لك عدة زيارات للولايات المتحدة الاميركية والبعض يتحدث عن علاقات لك متميزة مع أمريكا نريد ان نلقي الضوء على هذه الزيارات؟
– علاقة حركة تحرير السودان بالحكومة الاميركية ليست بجديدة، فالولايات المتحدة لها اهتمام مباشر بما يجري في السودان حتى قبل قيام المقاومة المسلحة في دارفور، بل منذ اندلاع الحرب الأهلية في جنوب السودان منذ أكثر من عشرين عاماً، ولك أن تتذكر بأن امريكا هى مهندس اتفاقية السلام الشامل ولكن الاهتمام الاميركي المتزايد بدأ بعد تفجر الأوضاع في دارفور نتيجة للاوضاع الانسانية السيئة والتخوف من انتقال الصراع الى صراع اقليمي يهدد أمن المنطقة بما يعني ايضاً تهديدا للمصالح الاميركية في المنطقة، وكان من الطبيعي ان تنشأ مثل هذه العلاقة مع كل القوى ذات الصلة بالصراع وخاصة اللاعبين الاساسيين (حركة تحرير السودان على وجه خاص) ومن ثم تطورت العلاقة والتي تسميها أنت بالمتميزة.
? من المعلوم انك قد قمت بزيارة الى الولايات المتحدة والتقيت بالسيدة جينداي فريزر ما هي طبيعة هذا اللقاء وماهي نتائجه؟
– كنت في مهمة بتفويض من مني مناوي رئيس الحركة وبتوجيهات منه.
الزيارة نفسها امتداد لسلسلة لقاءات سابقة مع الادارة الاميركية وغيرها من شركاء اتفاق سلام دارفور، وفي هذا اللقاء تحديداً تم التفاكر حول كيفية الدفع بعمليات السلام في دارفور وتنفيذ الاتفاقية، كما تم تنويرنا بالدور الاميركي في تسريع نشر قوات اليوناميد في دارفور، وكذلك دورهم في تقديم الدعم الإنساني للنازحين واتصالاتهم بالحركات غير الموقعة، وهي في جملتها مشاورات تصب في كيفية الاستفادة من الدور الاميركي الايجابي وتوظيفه لصالح السودان كدولة.
? ما مدى صحة ما يثار من أن زيارتكم للولايات المتحدة كانت لمتابعة الوعود المالية الاميركية التي قطعتها خلال مفاوضات أبوجا؟
– الولايات المتحدة لم تقطع بأي وعود مالية سواءً كانت أثناء المفاوضات أو بعدها، وبالتالي هذا الكلام لا أساس له من الصحة.. الولايات المتحدة معنية بتنفيذ اتفاق سلام دارفور واستعادة الأمن والاستقرار في المنطقة، وهذا يفترض تشاوراً مستمراً معهم، خلاف ذلك نحن كحركة نسعى لايجاد فرص للتدريب والتأهيل من المعاهد والمؤسسات الاميركية الاخرى لأبناء دارفور.
? البعض يعتقد أن لك علاقات مميزة مع الولايات المتحدة الأميركية وأنك رجل أميركا داخل الحركة وبل يذهب بعضهم بالقول بأن رئيس الحركة السيد مني مناوي كان بإمكانه تكليفك بعمل تنفيذي كوزارة اتحادية او رئيساً لمفوضية، وذلك وفقاً للمؤهلات والخبرة التي تحملها ولكنه فضّل تعيينك عضواً في البرلمان فقط حتى يتسنى لك إدارة الملفات الخاصة كالعلاقة مع اميركا مثلاً؟
– في ما يتعلق بالجزء الاول من سؤالك، أنا لست رجل اميركا في الحركة لأنه ببساطة ليس لاميركا رجال في الحركة، كما هي علاقتها مع اية دولة اخرى، فحركة تحرير السودان حركة وطنية مستقلة ولاؤها للسودان اولاً، ولكن، لظروف موضوعية لديها علاقات متميزة مع اميركا، ولأن الأميركان مهتمون بدور الحركة لأنهم وصلوا لقناعة بجدية ومسؤولية حركة التحرير بقيادة مناوي، وهذا يقتضي وجود شخص ذي كفاءة تؤهله لإدارة هذه العلاقة، اما في ما يتعلق بتعييني بالبرلمان فأنا لا اتفق معك بأن البرلمان اقل شأناً أو أن دوره أقل اهمية خاصة في هذه الظروف الانتقالية الحساسة.
? مع وصول باراك اوباما الى البيت الابيض رئيساً كيف تنظرون في حركة التحرير لاهتمام الديمقراطيين بقضية دارفور خاصة أن اتفاقية أبوجا تمت في عهد الجمهوريين وبرعايتهم؟
– السياسة الاميركية تديرها مؤسسات، ولذلك سوف تظل الاستراتيجية واحدة، ولكن ربما يكون هناك اختلاف او تغيير في الأسلوب أو الوسائل.
اهتمام الديمقراطيين بقضية دارفور لا يقل من اهتمام الجمهوريين بها، ان لم يزد، ووعي الديمقراطيين بالقضية لا يقل من وعي الجمهوريين بها، ولذلك في تقديرنا ان الادارة الديمقراطية الجديدة بقيادة اوباما سوف تولي قضية دارفور بما تستحقه من اهتمام، واعتقد ان اوباما كفرد وهو رمز لنضال الهامش وتجسيد له يعي تماماً باستحقاقات السلام والاستقرار في دارفور وفي السودان بل وفي كل المنطقة، لذلك انا اعتقد ان الادارة الجديدة ستسهم بشكل فعَّال في تحقيق السلام والاستقرار.
ذهاب الادارة القديمة لا يؤثر على اهتمام الحكومة الاميركية بقضية دارفور.
? هناك من يتوقَّع سياسة متشددة من قبل الديمقراطيين من خلال مواقفهم السابقة منذ عهد كلينتون وضربهم لمصنع الشفا؟
– نحن لا نعّول على تشدد الادارة الجديدة تجاه السودان ولكننا نعتقد من الحكمة والمسؤولية السياسية ان تبدي الحكومة السودانية رغبة كافية في حل مشاكلها بنفسها واستعداداً كافياً للتعاون مع الآخرين بما في ذلك الادارة الاميركية الجديدة لتحقيق السلام والاستقرار في دارفور والسودان بشكل عام.
? هل التقيت بأوباما؟
– لا، ولكنني التقيت شخصيات بارزة من فريقه واخرى بارزة من فريق الجمهوريين، ولكنني اؤكد لك بأن كلا الفريقين يعرفان أو يدركان تماماً جدية قيادة حركة تحرير السودان واستعدادها لتحمل المسؤولية واهتمامها بقضية السلام والاستقرار في دارفور وفي السودان عامة.
? بعد اتفاق أبوجا مرّت الحركة بعدة منعطفات كيف تقيِّم عملية الاصلاح التي تجري في صفوف الحركة؟
– بالفعل لقد مرَّت حركة تحرير السودان بعدة منعطفات منذ التوقيع على اتفاقية أبوجا، ولكن الحمد لله الحركة مرَّت في كل هذه المنعطفات بنجاح بالرغم من التكاليف السياسية الباهظة، وكان لا بد لقيادة الحركة والحال هكذا ان تعمل على بحث وتشخيص الأسباب الرئيسية ومكامنها واجراء اصلاحات تدفع بالحركة الى الامام، وقد تم تشخيص المشكلة في الاساس على انها اشكالية تنظيمية وتكمن في الامانة العامة وتحديداً في شخص الامين العام السيد مصطفى تيراب، فقد اتضح ان الامين العام السابق مصطفى تيراب قد عمل على تكبيل الأمانة العامة وخنق الجهاز التنفيذي مما أصابها بالشلل التام، وبما ان الامانة العامة هي الماكينة والدينمو المحرك للعمل فقد أقعدت تماماً وعن قصد ومع سبق الاصرار.
الامانة العامة بقيادة مصطفى تيراب لم تجتمع طيلة السنوات الثلاث (اكتوبر 2005- اكتوبر 2008م) أكثر من خمسة أو سبعة اجتماعات، وكان من المفترض أن تجتمع مرة في كل اسبوع على اقل تقدير. وقد عجزت الأمانة العامة بقيادة مصطفى تيراب طيلة هذه الفترة من ان تجيز حتى اللوائح لتنظيم عملها ولم يجز برامج الامانات المتخصصة ولم تحتفظ حتى بمحضر واحد للاجتماعات، كما قام الامين العام السابق بتوقيف المبالغ المخصصة للجنة العليا لتنفيذ الاتفاقية وبقرار منه، وبذلك فقد انقطعت الامانة العامة عن بقية جسم الحركة ومن الجماهير العريضة، كما لم يزر الامين العام الميدان ويقف على اوضاع جيش الحركة منذ اكثر من سنتين منذ ان اصبح وزيراً.. على ضوء هذا الوضع فقد كان على رئيس الحركة وبما لديه من صلاحيات ومسؤوليات تاريخية أن يتخذ القرار المناسب لتجميد الأمين العام وتكليف شخص ذي ولاء للحركة وكفاءة وخبرة ولديه الاستعداد للعمل والتضحية، وقد جاء قرار التصحيح ليعالج هذا التردي التنظيمي المشلول واليأس الذي اصاب جماهير الحركة واحتجاج المقاتلين.
على اية حال يمكن أن نقول إنه ليس هناك امين عام او امانة عامة بالفعل وعلى ارض الواقع قبل اعلان قرار التجميد. فالامانة العامة كانت مجمدة بالفعل ولكن للأسف عن سوء قصد.[/ALIGN] صحيفة الصحافه