هذا الحديث لا ينطبق على الكثير من أحياء السودان الراقية، وتلك المتواضعة؛ حيث تكون المفارقات العجيبة سيدة الموقف على الدوام !!
في السودان أحياء راقية كثيرة، نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر في منطقة الخرطوم هناك احياء: الرياض ، قاردن سيتي ، المنشية ، المعمورة وغيرها وفي بحري هناك حي الصافية العريق ، الصبابي ، المغتربين وكافوري.
وفي امدرمان الملازمين، المهندسين، مدينة النيل، الروضة والواحة وغيرها !
ولكن مايغيظك حقا كمجرد شخص مار بتلك الأحياء أن تجد مستوى النظافة فيها متدن للحد البعيد؛ مثلها مثل أحياء فقيرة في مناطق طرفية بالعاصمة المثلثة، لايجد أهلها مايسد الرمق ويسكت جوع بطونهم، ناهيك عن التفكير في نظافة أحيائهم !!
سألت نفسي مرارا وتكرارا عن لماذا لا يقوم ساكنو تلك المناطق الراقية من أصحاب الأموال الوفيرة (اللهم لا حسد) بتعبيد شوارع أحيائهم وتشجيرها وتنسيق حدائقها بشكل يجعلها تنم عن مستوى من يسكنونها، وعملا بقوله تعالى (أما بنعمة ربك فحدث) !
جاءتني الإجابة من إحدى الصديقات القاطنات إحدى تلك المناطق يوما حيث قالت لي:(نحنا مالنا ومال شوارع الحكومة ؟ المهم فيلتنا جوة سمحة ونضيفة والجنينة مليانة ورد وعيشتنا فل وياسمين نحمد الله)!!
وهذا الحديث سمعته من غيرها نساء ورجالاً من قبل وأدهشني هذا التفكير الأحادي الأناني لدرجة كبيرة، فلو أن الحكومة ممثلة في شخوص الولاة معني بها تجميل السودان عموما والعاصمة بشكل خاص، لكنهم لم ولن يفعلوا إلا بمقدار ضئيل لا يتناسب ورقعة هذا البلد الشاسع المترامي الأطراف؛ فليس من المنطقي أن نترك أحياءنا مرتعا للأوساخ والنفايات والتشويه والنقص الجمالي في تفاصيل المكان حتى انك لتستغرب من وجود فيلا أنيقة التصميم وبجانبها (كوشة) تملأ بكريه الروائح المكان وتغطي على رائحة الزهور بتلك الفيلا الفخيمة !!
العاصمة وأحياؤها تغرق في فوضى القاذورات والإهمال وعدم الاهتمام، ولو قليلا بجماليات المكان رغم الضرائب المفروضة على المواطن للنظافة ولكن !!
المدهش ان بيوتات الفقراء في بعض الأحياء السكنية يقوم سكانها بكنس شوارعهم بأنفسهم وتجد الواحد منهم يخرج ( بالخرطوش) راشا أمام بيته ومنسقا إياه وساقياً لشجرة النيمة الظليلة، بينما الأغنياء يهرولون بفاره السيارات من وسط أكوام القمامة بجانب بيوتهم وفللهم الجميلة !!
الشاهد لو ان كل مواطن سوداني- غنيا كان او فقيرا- قام بنظافة المنطقة أمام منزله فستكون الأحياء كلها في قمة النظافة، ولو أن كل ميسور تبرع ببعض الجنيهات لتعبيد الشارع الذي بجانب بيته لما غرقنا في حفر (الزلط) ولأسهمنا في حفظ الأرواح بمنع الحوادث وتهذيب الطريق !!
حري بنا ان لا ننتظر والياً ولا مسؤولاً ليقوم بمسؤولياته كاملة تجاه المواطنين؛ فهذه أضغاث أحلام لا نريد الغرق في بحورها الوردية!!
ولكن علينا ان نقوم بما تمليه علينا ضمائرنا تجاه وطن نحب ان نراه نظيفا وجميلا وصحيا وآمنا ومستقرا !!
و
النظافة من الإيمان !!
نادية عثمان مختار
مفاهيم – صحيفة الأخبار – 2011/8/17
[email]nadiaosman2000@hotmail.com[/email]