3 ساعات في القضائية !

[JUSTIFY](في الحرب العالمية الثانية قابل بعض البريطانيين تشرشل وقالوا له: لقد خربت بريطانيا، فسألهم : ماوضع القضاء والتعليم ؟ فقالوا له: مازال القضاء والتعليم بخير فقال لهم: إذاً البلد بخير فلا تخافوا) .‏
3ساعات كاملة قضيتها أمس في حضرة السلطة القضائية، في لقاء محدود و نادر ، وقبل ذلك صريح وشفاف، مع نائب رئيس القضاء مولانا/عبد الرحمن شرفي وعدد من قضاة المحكم العليا.
أذكر أن أول مرة تعرفت فيها على مولانا شرفي، كان ذلك في محاكمة مجموعة الخليفي الشهيرة، بعد هجومهم على مسجد الثورة الحارة الثانية إبريل 1994، ومحاولتهم اغتيال أسامة بن لادن بضاحية الرياض،وقتها كان مولانا شرفي هو القاضي في تلك المحكمة الشهيرة التي حظيت باهتمام إعلامي واسع.
رغم انطباعي الذي تشكل عبر الشاشة البلورية عن مولانا شرفي في تلك المحاكمات، بأنه رجل شديد الصرامة وحاد المزاج لكنه كان في لقاء الأمس ودوداَ وبشوشاً في التعامل ولا تخلو ملاحظاته النقدية على الصحف وتصويباته اللغوية من اللطف والفكاهة !
ستطالعون تفاصيل هذا اللقاء البالغ الأهمية وإفادات نائب رئيس القضاء في الصفحات الداخلية لعدد اليوم عبر رصد الصحفية المتميزة هاجر سليمان، لذا لن أسهب في إيراد تفاصيل ما دار.
المهم أن المبادرة من القضائية كانت أمراً إيجابياً، والنقاش كان ثراً ومفيداً، ولم أكن أتوقع أن يتحدث مولانا عبد الرحمن شرفي بكل تلك الشفافية والوضوح.
الرجل قدم شواهد ناصعة على أنهم في السلطة القضائية لا يفرقون بين مواطن وآخر وأن الجميع سواء أمام القانون ، وقطع بالنفي الجازم عدم وجود أي هيمنة أو تأثير على القضاء.
وقال إنه شخصياً خلال عمله في المحاكم أصدر حكماً بإعدام 36 نظامياً في الأجهزة الأمنية والشرطية ارتكبوا جرائم تستحق العقوبة، وأضاف أن من حق القضاء بموجب القانون إلغاء قرارات رئيس الجمهورية إذا خالفت المشروعية .
وتحدث باستفاضة عن تطبيق الحدود وكشف لأول مرة معلومات رقمية عن الجرائم التي تم فيها تنفيذ الحدود في السرقة والزنا والحرابة خلال خمس سنوات.
قلت في اللقاء لمولانا شرفي إننا كصحافيين لم تهتز ثقتنا في القضاء السوداني في يوم من الأيام، ولم يسبق لصحيفة أن تحدثت عن القضاء بما يسئ أو يقلل من هيبة القضاة.
ربما هناك لبس يحدث في بعض المرات في نقل الأخبار أو إبداء التعليقات يستدعي أن تكون قنوات الاتصال مفتوحة بين القضائية والصحافة، ومن المهم أن تتوفر المعلومات والإحصائيات المتعلقة بالقضاء في المحاكمات ومخالفات تسجيلات الأراضي وغير ذلك عبر مصادر موثوقة حتى لا تعتمد الصحافة على التسريبات الإخبارية تصيب أو تخطئ!
ونقلت لمولانا شرفي وقضاة المحكمة العليا شعورنا في الصحافة بأن الجهاز القضائي كأنه يتحرج من تطبيق الحدود، فإذا كانت محاكم العدالة الناجزة في 83 اعتمدت أساليب التشهير فإنكم في تجربة الإنقاذ الإسلامية مضيتم في اتجاه التعتيم التام!
وقلت لمولانا شرفي إن ما يثير تساؤل وإستياء الكثيرين، كيف يطبق حد السرقة أو الحرابة على لص يسرق ألف جنيه ولا تطبق العقوبات الصارمة على الذين يسرقون المليارات من الأموال العامة، وجرائم هؤلاء جرائم متعدية لا يتضرر منها فرد واحد ولكن يلحق ضررها بكل المجتمع.
وقلت لابد من اجتهادات تشريعية مثل ما حدث في قانون الطفل بتشديد العقوبات على الذين يفسدون في الأرض، بنهب المال العام أو يتسببون بجشعهم وطمعهم في إهلاك الزرع والنسل بالمبيدات الفاسدة والهيرمونات المسرطنة.
صحيح أن اللقاء المحدود الحضور والزمن وفر إجابات على بعض التساؤلات المتبادلة بين السلطة القضائية والسلطة الرابعة ولكن تظل كثير من التساؤلات والاستفهامات في انتظار لقاءات قادمة، لعل مولانا شرفي يتكرم بها مرة أخرى.

صحيفة السوداني

[/JUSTIFY]
Exit mobile version