وجود الحركة الشعبية في جوبا بأي تشكيلة كانت لا يبشِّر بخير في الحاضر أو المستقبل، وذلك هذه المشكلة لا يكمن علاجها في تشكيلة حكومية ترأسها الحركة الشعبية، فلا فرق بين أحمد وحاج أحمد. ولو كان الدكتور لام أكول ما زال عضواً بحركة سلفا كير لاستثنيناه؛ ولأنه مستثنى بالفعل لم يحتمل أن يستمر عضواً فيها، فقد آثر الخروج.. ليكوِّن حزباً سياسياً يعمل من أجل التحول الديمقراطي والتغيير السياسي إلى الأفضل في جنوب السودان قبل أن ينفصل وبعد أن انفصل. يقول المؤتمر الوطني على لسان مسؤول التنظيم المهندس حامد صديق إن اختيار دينق ألور من جانب حكومة جوبا ليكون مسؤولاً عن ملف «أبيي»، واختيار ثلاثة حكام للولايات الجنوبية المتاخمة للحدود مع السودان حدود عام 1956م وهم يتبنون خطاً معادياً للسودان يعتبر تصعيدًا ضد السودان ولا يبشّر بخير. وما ذهب إليه المهندس حامد صديق يبقى صحيحاً نعم، لكن غير الصحيح هو الإلماح في تصريحاته إلى أن من قادة الحركة الشعبية يمكن أن تكوّن تشكيلة حكومية برئاسة سلفا كير تبشِّر بخير في اتجاه علاقات البلدين، وعلى صعيد القضايا العالقة واللاحقة.
هكذا يمكن تفسير التصريحات. وهذا يعني أن المطلوب هو أن ينتقي سلفا كير في تعديلاته شخصيات يرى المؤتمر الوطني أنها لا تعادي السودان وتكيد له وإن كانت أعضاءً في الحركة الشعبية «لتحرير» السودان. هذا بالطبع غير صحيح، وحتى لو كان في الحركة الشعبية الحاكمة في جوبا الطيب والخبيث فإن الطيب في دولة غير ديمقراطية ومرتهنة للقوى الأجنبية ومن ضمنها الصهيونية يبقى غير مفيد. لذلك لا سبيل لشيء يبشر بخير في إطار علاقة البلدين إلا التزام دولة جنوب السودان بالمواثيق الدولية والاتفاقيات الإقليمية في المنطقة، وتكون البداية بفك ارتباطها بقطاع الشمال وحركات دارفور المتمردة.. وإخلاء أراضيها من القواعد العسكرية التابعة للتمرد في دارفور كما جاء في إقرار منظمة الأمم المتحدة الذي يقول وجود قواعد عسكرية لحركة العدل والمساواة في جنوب السودان، وهذا يعني أن الأمم المتحدة علمت بنية حكومة جوبا تجاه اتفاقاتها التي وقعتها مع الخرطوم. الأمم المتحدة ماذا ستعتبر هذه الخطوة؟! خيانة؟!..
نقض عهد؟!.. هذا يراه المؤتمر الوطني، ويرى أيضاً أن الجنوب يستهدف السودان بدليل تهربه من فك الارتباط مع قطاع الشمال؟! والسؤال هنا أي تعديلات يقوم بها سلفا كير يمكن أن تقود لإيقاف استهداف السودان وفك الارتباط مع قطاع الشمال؟! هل يحلم المؤتمر الوطني بأعضاء بالحركة الشعبية يمكن أن يحلوا معه كل المشكلات إذا شكل بهم سلفا كير حكومة جديدة؟! من هم بالله؟! هل نعتبر أليسون مناني مقايا أحدهم؛ لأنه بعد الانفصال مباشرة انضم للحركة الشعبية؟! وماذا سيفعل؟! إنها أحلام سياسية وردية لا تتحقق وغير قابلة للتحقيق وهي عشم إبليس في الجنة.
صحيفة الإنتباهة
خالد حسن كسلا