المسيح عيسى .. حالة التباس

[JUSTIFY] صدمة اجتماعية ربما تشير إلى واقع مهتز يعاني منه المجتمع السوداني.. كثير من الأسر فغرت فاها دهشة وهي تطالع خبراً تداولته وكالات الأنباء والمواقع الالكترونية وكان لآخر لحظة قصب السبق فيه.. أب يُطلق على ابنه الوليد اسم المسيح عيسى.. الاسم أثار حيرة ودهشة الجميع ابتداءً من القابلة التي ماتت في دواخلها فرحة المولود وهي ترفض تدوين الاسم في السجلات وتنظر للوالد بدهشة عميقة.. والأب يرى نفسه حراً في تسمية أطفاله..

واقع الحالة دفعني لاستجلاء كنه الأسباب والدوافع التي تقود أباً لتسمية ابنه بالـ«المسيح» وهو رجل مسلم وسني.. أو تسميته بأسماء شاذة.. ما هو رأي الدين وكيف ينظر اختصاصي علم النفس لحالة الوالد ومستقبل الوليد النفسي.. تحقيق يحاول إيجاد الإجابات أو على الأقل التكييف النفسي والاجتماعي لهذه الظاهرة.

ميلاد المسيح

الخامس والعشرون من شهر ديسمبر هو يوم ميلاد المسيح عيسى «عليه السلام».. والخامس والعشرون من شهر ديسمبر في العام 2012 هو ميلاد المسيح عيسى محمد عثمان.. هذه المصادفة الفريدة من نوعها جعلتنا نذهب لمنزل اللواء معاش محمد عثمان والد المسيح حديث الولادة.. صعدنا إلى منزل اللواء معاش محمد عثمان الواقع بالطابق الخامس.. وهو الأب المسلم السني الذي أطلق على ابنه اسم المسيح.. تبادلنا أطراف الحديث مع أسرته المكونة من ستة أبناء وبنتين وزوجة.. تحدثنا بإسهاب عن المشاكل اليومية التي يعانيها مع المواطنين بسبب كثرة الأسماء الغريبة والدخيلة على المجتمع.

تحدث لي محمد عثمان وقد ارتسمت على وجهه علامات الفخر والفرح وهو يتحدث عن تسمية ابنه التي وصفها بالغريبة.. وقال إنه من أصول مغربية نشأ وترعرع في ولاية الجزيرة.. موضحاً أن ابنه المسيح يبلغ من العمر «شهرين» وهو يأتي في المرتبة الثامنة.. وقال محمد منذ مجيء ابنه الأول كان في نيته أن يطلق عليه اسم المسيح عيسى، فقد رأى في المنام المسيح عليه السلام يطلب منه أن يطلق على ابنه اسم المسيح عيسى.. وكان هذا المنام يؤرقه منذ أمد بعيد.

ويقول محمد عثمان حينما جاء ابنه الثامن وقرر تسميته بالمسيح عيسى واجهته العديد من الصعوبات من ضمنها «القابلة» التي اتسعت عيناها وهي تسمع اسم المولود وسرعان ما رفضت تسجيله بسجلات المواليد، وأردف عثمان أنه واجهته اعتراضات من زوجته وأبنائه ولكن حينما شرح لهم أنه أخذ الاسم من الكتاب والسنة وهو مثله مثل كل الأسماء والمسيح هو نبي من الأنبياء.. آثروا الصمت عن الإفصاح.. ويضيف عثمان أن الاسم ليست به وصمة عار.. واعتبره إضافة حقيقية للإسلام واسم المسيح مثل كل الأسماء الأخرى من الرسل.. ويقول لابد للمجتمع من التعامل مع هذه الأسماء أسوة بالأسماء الأخرى..

«مبتسماً» ثم قال سوف يحمل مولوده القادم اسم إسرائيل.. موضحاً أن هذا الاسم شرعي.. فسألته هل أخذت في الاعتبار المتاعب التي ستحدث لك ولابنك جراء هذا الاسم؟

صمت برهة وبدأ يهز رأسه وهو يتحدث: إنه على علم ودراية بالمشاكل التي ستلاحقه وابنه..

«بابتسامة» قال: احتمال أن يتعرض لمحاولة اغتيال من إحدى الجهات ولكنه ثابت على موقفه تجاه الاسم.. بل سوف يسمي الابن القادم بإسرائيل.

سألت والدة المولود عن موقفها تجاه الاسم فردت بأنها كانت في باديء الأمر ترفضه ولكن مع موافقة أفراد الأسرة وافقت هي الأخرى عليه رغم اعتراض أسرتها.. وبدأت اسأل أفراد الأسرة فرداً فرداً.. وكانت النتيجة أن الكل أبدى موافقته على اسم المسيح عيسى.

ضحايا الموتى

تفضل الكثير من الأسر تخليد ذكرى أحد الأموات بإطلاق اسم الميت على المولود.. هذا الأمر بات يسبب حرجاً كبيراً لدى الأطفال عند دخولهم المدرسة لدرجة أن بعضهم أصيب بعقد نفسية بسبب الاسم.. وهذا ما حدث لطفلة سميت «فطومة» تخليداً لذكرى خالتها.. وبات هذا الاسم محل سخرية من طرف زميلاتها بالدراسة لدرجة أنها امتنعت عن الذهاب للمدرسة.. وطلبت من أمها تغيير اسمها.. مما سبب حرجاً كبيراً للعائلة وجعل الفتاة تصاب بصدمة نفسية.

«كرورـ فطوسةـ فروجة» أسماء كثيراً ما تثير الجدل وسط المجتمع يفسرها اختصاصي علم النفس خليل يوسف بأنها من الأسماء المستهجنة والشاذة والتي تخلق مشاكل عديدة للفرد منذ الطفولة مروراً بمراحل حياته.. وأردف التنشئة الاجتماعية تجبر الأب على اختيار الاسم المناسب الذي يلعب دوراً مهماً في بناء شخصية الفرد إيجاباً أو سلباً وفقاً لما يلاقيه من اهتمام.. ولدى الأطفال حقوق وواجبات لا يمكن إغفالها.

ويضيف أن الأسماء القبيحة تثير السخرية والاستهتار من قبل الآخرين مما يولد في نفس صاحبها مرارة وجرحاً في بعض الأحيان وقد يدفعه إلى الخجل الشديد.. وعدم القدرة على مواجهة الناس ومواقف الحياة.. وقد يدفعه أيضاً إلى كراهية الناس والابتعاد عنهم ويخلق مشكلة نفسية.

الأسماء الشاذة

بينما يقول رئيس هيئة علماء السودان مولانا محمد عثمان.. على الوالد اختيار الاسم الصحيح المقبول لابنه وهذا يأتي ثاني حقوق الابن على أبيه بعد اختيار الأم أو الزوجة الصالحة.

وإذا سمى الأب ولده أو بنته باسم يثير السخرية يكون بذلك أنه لم يراعِ حق اختيار الاسم الصحيح السليم..

الأمر الذي جعل الكثيرين من الأبناء يلجأون للمحاكم الشرعية لتغيير أسمائهم.. إما لأنها شاذة أو مستهجنة من قبل المجتمع.

والرجل الذي أطلق على ولده اسم المسيح أقول له هي صفة لشخص معين لا يحق لأحد أن يطلق على ابنه اسم المسيح.. بل يحق له تسمية عيسى إذا أراد ذلك.. وكذلك إسرائيل فهي القاب وليست أسماء أطلقها المولى عز وجل على شخص بعينه وهو سيدنا يعقوب.. ويعني به اسم عبد الله باللغة العبرية.. وكان على الأب أن يسمي ابنه يعقوب وليس إسرائيل..

والأسماء الشاذة والمستهجنة تخلق إشكالاً في المجتمع.

تحقيق: نعيمة بيلو
صحيفة آخر لحظة[/JUSTIFY]
Exit mobile version