الحقيقة ما شجعني على دخول روما صديقي الآخر المقيم فيها وكان معي رقم هاتفه ، قضيت في روما نحو أسبوعين لم أصرف ولا دولارا واحدا ، كل شيء كان على نفقة الصديق الذي كان سعيدا جدا بزيارتي ، وأول شيء فعله أخذني في جولة داخل الفاتيكان ، ومنذ ذلك الوقت أصبحت مسحورا بها .
حقيقة سحرتني روما ، سحرتني مسارحها و” أوبرا إيتالي ” وكاتبها المعروف لويجي بيرانديللو الذي أخرجنا له في السودان مسرحيته ” ست شخصيات تبحث عن مؤلف ” ومكتباتها وآثارها وميادينها وأنديتها الرياضية وأنا مشجع متعصب لجوفينتوس ! وفتياتها “السمحات ” ، روما هذه الأيام قبلة العالم وتحديدا الفاتيكان ، إذ أعلن البابا بندكتوس السادس عشر إستقالته أو الصحيح تنحيه عن البابوية وهو ما يحدث للمرة الأولى خلال 600 عام لأسباب صحية ، بينما نحن في السودان والدول المتخلفة لا يوجد في قاموسنا كلمة إستقالة ، لدرجة أني ما زلت إلى اليوم لتنحي عبد الناصر ، ولولا الشعب السوداني والشعب المصري
لتنحي !!!
هذه الإستقالة أو التنحي حرضتني لمتابعة ما يجري في الفاتيكان ، خاصة أن آلاف الحجاج والمؤمنين الكاثوليك بدأوا يتوافدون على ساحة القديس بطرس – والتي أعرفها جيدا – في آخر جلسة له 27 فبراير على أن تدخل إستقالته حيز التنفيذ يوم الثامن والعشرين من فيرايرالحالي .
خلفي مباشرة كنيسة كاثوليكية صغيرة الحجم ولكن يرتادها عدد هائل من المصلين الكاثوليك زرتها مرة واحدة من باب ” الإستطلاع الذي قتل الكديسة ” وصراحة لو شاء ربي وأدخلني إليها ثانية لرددت قول شاعرنا ” وأبقى راهب ليها وأعبدها ” ولأني لا أستطيع فعل ذلك خوفا من قانون ” الردة ” فقد أصبحت زعيما للمسيحيين السودانيين في تورنتو .
سعدت جدا بتعيين البابا بندكتوس ” بابا فخريا ” فتذكرت عددا مهولا من ” البابوات الفخريين ” في أنديتنا الرياضية وغيرها في السودان فتمنيت لنفسي ” الصبر والسلوان ” !!
إستقالة البابا تأتي في وقت تواجه فيه الكنيسة الكاثوليكية تحديات عديدة وكبيرة ليس أقلها فضائح الإعتداءات الجنسية التي طالت عددا من كبار رجال الدين الكاثوليك ، وجميعنا يتذكر إستقالة الكاردينال البريطاني كيث أوبراين من منصبه بسبب إدعاءات حول تصرفات غير لائقة ، وهي تصرفات للأسف الشديد يقوم بها رجال دين في السودان ولا أحد يسائلهم !!
إستوقفني خبر مشاركة ثلاثة كرادلة كنديين في المجمع السري لإختيار البابا الجديد ، كنت أتمنى أن يكون على الأقل أحد السودانيين في الفاتيكان للسمعة الطيبة التي يحظى بها إخوتنا في المسيحية ، على الرغم من أن جلهم أرثوذكس يتبعون ” فاتيكان الإسكندرية ”
أعجبني حديث الكاردينال الكندي توماس كولينز عندما قال إننا نتطلع جميعا لبابا يتمتع بصفات القداسة والتقوى ، ” من بقك ولباب السما يا رب ” ! وينبغي على الكنيسة الكاثوليكية أن تهتم بالكثير من القضايا الإجتماعية بنزاهة ، ونحن أيضا نتطلع أن يقرن رجال الدين القول بالفعل وأن تكون تعاليمهم وتصرفاتهم وحياتهم مطابقة لتعاليم الدين .
بقلم : بدرالدين حسن علي – كندا