وحاجة الزينة التي دخلت إلى مستشفى الزيتونة لإجراء عملية جراحية لزراعة كلية لكن العملية فشلت وتسببت لها في فتح الجرح وخروج أحشائها خارج بطنها ولأن الطبيب الذي أجرى لها العملية سافر إلى خارج البلاد ظلت أحشاؤها خارج بطنها لأكثر من 40 يوما حتى فارقت الحياة أمس الأول الأمر الذي دعا ابنها يشرع في إجراءات فتح بلاغ لتجاهل المسؤولين بالمستشفى لحالة والدته.
ماتت أمه (كم هو حجم الألم عند سماع هذه العبارة).. ضاعت من بين يديه.. أربعون يوما.. وهي تعاني جرحا جعل أمعاءها مكشوفة إمام عينيه في مستشفى كتب على لافتتها (خاص) قصدوه والعشم في عناية أفضل لراحتها وسلامتها وشفائها رغم التكاليف الباهظة مقابل ذلك… ولكنها الأم لا غالٍ أمام صحتها وسلامتها.. وما دروا أنهم أتوا بها إلى محل نوافذه مكتوب عليها (ادفع).. لتدفع.. وتدفع.. وعندما لا تجد ما تدفعه يكون الروح آخر ما تدفعه.
لا أريد أن أكتب عن إهمال الأطباء فجف الحبر من زمن طويل.. ولا عن نهاية الطب وضياع مجده.. لا يفيد البكاء على اللبن المسكوب…
ولا عن إخفاق وزير صحة يجلس على مقعد من ذهب.. كلما أحرقناه نعتا ولوما وعتابا.. زاده ذلك بريقا ولمعانا.. وهبناه كل ما نملك من مال حتى نشترى الصحة والعافية.. ووهبنا كل ما يملك من إهمال وباعنا الموت فأصبح الذهاب إلى المستشفى يعني أن تأخذ معك (كفنك) وأن تسأل الله حسن الخاتمة.
أحيانا يموت فرد.. لكن الكارثة الأكبر أن يموت قبله الضمير.. عند الذين عاتقهم ليس حملا للمسؤولية.. وكثيرا ما يرحل شخص.. ورحيله يعني رحيلنا نحن.. موت الزينة.. خطأ وإهمالا… أفصحت عنه الأمعاء عندما خرجت ثائرة ضد الإهمال.. ولكن كم هم الذين ماتوا في صمت.. كم الذين كان جرحهم أبكم غير قادر على البوح كما فعلت أمعاء الزينة.. وكم من مات ولم يكن لهم ولد يهتف ويرفع صوته ضد الظلم.. وكم من مات ويعرف أهله أنه مات إهمالا لكنهم.. اختاروا أن يقولوا.. قضاء وقدرا (كملت أيامه) ولم يتجهوا إلى القضاء.. وكم من مات ولا يعرف ذويه أنه مات نتيجة خطأ طبي حين يخرج الطبيب قائلا (البقية في حياتكم) عندها تكون الفاتحه على روح الميت وتنتهي مراسم العزاء.
الزينة ضحية.. لا بد من محاسبة كل من جعلها تعاني حتى الموت.. وعندما يكون هنالك مجني عليه.. فهذا يعني أن ثمة جاني يستحق العقاب.
طيف آخير:
حضرت.. ولم أجد الوفاء عندك.. فكتبت على جدار غدرك………. أسفاً أنا!!.
صحيفة المشهد الآن
صباح محمد الحسن