وبرغم أن هذه الأعمال وغيرها مما لم تصطاده كاميرات وأقلام الصحافة والإعلام تعدّ من الأعمال المشينة، والتي لا يجوز أن تحدث في مثل هذه الأيام، وفي ظل نظام تقوده الحركة الإسلامية، ويسعى لإقامة مجتمع الفضيلة والطهر والعفاف، في ظل المشروع الحضاري الذي تبشر به حكومتنا وحزبها الغالب، إلا أن كل تلك المظاهر السالبة القبيحة، لا تصل إلى الدرجة التي يحكم بها البعض بانحطاط المجتمع السوداني، ولا بتردي الأخلاق والقيم فيه، ولا يستطيع أحد أن يزعم أن أخلاق المجتمع السوداني قديماً أحسن منها اليوم، إلا إن كانت المقارنة بالوضع داخل العشريتين الأخيرتين، ويمكن أن تدخل معهما العشرية الثانية للرئيس الراحل جعفر محمد نميري، ابتداء من تطبيق سياسية القيادة الرشيدة وحتى المرحلة الأخيرة في تطبيق الشريعة الإسلامية التي انطلقت في التاسع من سبتمبر عام 1983م، أما قبل ذلك فكانت الأحوال في السودان أقبح من ذلك بكثير، وحتى لا نلقي بالحديث هكذا دون أدلة وبراهين، فدعونا نقارن بين الممارسات التي طفت على السطح هذه الأيام ومثيلاتها في السنوات الغابرة، ونذكر منها وكنا شهوداً عليها ستينيات وسبعينيات القرن الماضي.
ولنبدأ بالظاهرة الأقبح، ظاهرة الشذوذ الذي تجلى في زواج مثليين، فقديماً كانت بيوت الدعارة في السودان كان يديرها رجال شاذون، وكانوا يتشبهون بالنساء في كل شيء، وفي كل مدينة يوجد مشهورون منهم ومعروفون، ولهم حكاوي وقصص، وبلاوي، وكانت للدعارة بيوت وأحياء، والحكومة تستخرج تراخيص للداعرات ويخضعن للكشف الطبي الدوري، وكانت هناك ظاهرة غريبة، ولم يكن يستغربها أحد، وهي ظاهرة (الصاحبة) وكانت الصاحبة مثل الزوجة تماماً إلا أنها ليست لديها وثيقة زواج، وكن يقدمن أنفسهن بهذه الصفة، وأذكر أن رجلاً طلق زوجته طلقة ثالثة بائنة، فحرمت عليه شرعاً بعد ذلك إلا أن ينكحها غيره، فلما صفت الأمور بينهما، عاد إليها (صاحبا) وعاشا بعد ذلك في نفس البيت، والكل يعلم أن فلان وفلانة صارا (صاحبين) ويمارسان حياتهما الزوجية بالكامل ومعهما أولادهما، وأنجبا بعد ذلك، وضم المولود من علاقة (الصحبة) للمولودين من الزوجية، ولعله ورث معهم بعد وفاة أبويهم.
أما بالنسبة للأزياء المتبرجة التي يلبسها بعض بنات هذا الزمن، فلا أجد للمقارنة بين أزياء ذاك العهد، وأزياء زماننا هذا إلا أن أرد الناس إلى أية صورة زواج التقطت في الستينيات أو السبعينيات، وهذا الزي العاري القصير الذي كانت ترتديه العروسات (جكسا في خط 6)، هو زي ذاك الزمان الذي يزعم البعض أن القيم والأخلاق كانت فيه أفضل من اليوم.
والمخدرات التي يقولون إنها راجت اليوم، فقديماً كان تجار (البنقو) معروفين، وكانوا يبيعونه (على عينك يا تاجر) والناس يتعاطونه في الطرقات وفي الحفلات وفي كل مكان.
صحيفة المشهد الآن
جمال عنقرة