ومن اسباب الهجرة انعدام التخطيط الواقعى فى مجال التعليم العالى والفشل فى ايجاد شروط وظيفية مجزية تمكن هذه العقول من الاستقرار والابداع للبحث العلمى وانخفاض المستوى المعيشى ، وكذلك وجود بعض القوانين والتشريعات والتعهدات والكفالات المالية التى تربك اصحاب الخبرات من الاساتذة الذين نالوا شهادات عليا من الخارج فضلا عن البيروقراطية والادارة التقليدية والتضييق على الكفاءات المبدعة اضافة الى الطموح العلمى الشخصى لبعض الاساتذة لاشباع روح البحث والتطوير لفقدانهم لذلك فى وطنهم .
و من اسباب الهجرة الاحباط الذى يصيب المتميزين والاكفاء لاسناد مسؤولية تسيير دفة العمل فى الجامعات احيانا الى من اقل كفاءة وتميزا اضافة الى التضجر الذى يعترض البعض من الازمات السياسية والاقتصادية المتتالية المرتبطة احيانا بعدم التوافق الايدلوجى مع الحكومة واخيرا حالة الركود فى تطوير القوى العاملة بالدولة كما يعانى بعض العلماء من انعدام وجود اختصاص حسب مؤهلاتهم كعلماء الذرة وصناعات الصواريخ والفضاء وصعوبة او انعدام القدرة على استيعاب اصحاب الكفاءات الذين يجدون انفسهم اما عاطلين عن العمل او لا يجدون عملا يناسب اختصاصاتهم العلمية وعدم توفير التسهيلات المناسبة وغياب المناخ الملائم لامكانية العمل ، تشكل هذه النقاط غالبية الاسباب التى تؤدى الى هجرة العقول السودانية فيما اشارت الورقة الى سلبيات وايجابيات الهجرة للقول بان هجرة الكفاءات والخبرات تعد من اخطر المشكلات التى تواجه برامج التنمية وهى انتقال اهم رأسمال اقتصادى وهو رأس المال البشرى المثقف فى الوقت الذى استفادت فيه كثير من الدول، ويمكن تلخيص الانعكاسات السلبية لهجرة الاساتذة فى ضياع الجهود والطاقات الانتاجية والعلمية لهذه العقول التى تصب فى شرايين دول المهجر بينما تحتاج التنمية فى السودان لمثل هذه الكفاءات فى مجالات الاقتصا والتعليم والصحة والتخطيط والبحث العلمى والتقانة وغيرها ،اضافة الى تبديد الموارد الانسانية والمالية التى انفقت فى تعليم وتدريب الكفاءات والتى تحصل عليها دول المهجر بدون مقابل يذكر ، وهناك ضعف وتدهور الانتاج العلمى والبحثى فى المؤسسات التعليمية بالمقارنة مع الانتاج العلمى للعقول السودانية بالخارج ، وفقدان قوى عاملة مدربة وخبرات متراكمة ، وحدوث بعض المشكلات الاجتماعية والاسرية جراء الهجرة ، وكذلك من السلبيات التى اشارت اليها الورقة المناهج التى يتلقاها ابناء المغتربين فى دول المهجر لا تمكنهم من الوفاء بالانتماء القومى لوطنهم لانها موضوعة لتوافق متطلبات تلك البلاد اضافة الى تحدى الاندماج مجددا فى المجتمع السودانى عند العودة الطوعية خاصة اذا طالت فترة الهجرة خارج الوطن ، ولفتت الورقة النظر الى انه مع ازدياد معدلات هجرة الكفاءات السودانية يزداد الاعتماد على الكفاءات الاجنبية فى مجال التعليم العالى وبتكلفة اقتصادية مرتفعة والسودان يتحمل بسبب هذه الهجرة خسارة مزدوجة لضياع ما انفقه من اموال وجهود فى تعليم وإعداد الكفاءات المهاجرة ومواجهة نقص الكفاءات وسوء استغلالها والافادة منها عن طريق استيراد الكفاءات الاجنبية بتكلفة كبيرة ، ورقة الدكتور خالد علي كشفت ان معظم الذين يغادرون الجامعات للعمل فى جامعات اخرى بالخارج جلهم من الاساتذة والمساعدين والمشاركين وقليل من البروفيسرات وهم فى قمة عطائهم فى مجال البحث العلمى وسعيا للحفاظ على هذه الكوادر من جانب ، والاستفادة من حماسهم وخبرتهم وعلمهم من جانب اخر .
ان اتخاذ الخطوات لتوفير بيئة سليمة وشروط خدمة متميزة هو الحافز لبقاء الكفاءات وتشجيعا لمن هم خارج الوطن للعودة بتوفير السكن المجانى او المدعوم وتحقيق مجانية التعليم بمختلف المراحل التعليمية لابناء اعضاء هيئة التدريس اضافة الي تطبيق مجانية العلاج الكامل وتوفير سيارة لكل استاذ جامعى وبدل لبس ومراجع وتشريع قوانين جديدة تساعد على بيئة العمل صحيحة ومعافاة وتوفير ما يعين على تطبيق هذه التشريعات بالصورة المطلوبة وتوفير الية محددة للنظر فى التظلمات المرفوعة من قبل اعضاء هيئة التدريس وتوفير وسائل البحث الكافية فى الجامعات ومراكز البحوث واطلاق الحريات الاكاديمية للبحث والنقد والمشاركة وتنظيم سياسة التعيينات فى المناصب العلمية والادارية الجامعية الهامة بحيث تكون الاهلية (القوى الامين) هى المقياس الاوحد للتعيين فى المناصب واخيرا استقطاب الكوادر العلمية المؤهلة واعطائها الفرصة للتطور والتحديث والمساهمة فى صنع القرار.
وبجانب ماذكر فى صدر الورقة من مقترحات قدم مقدم الورقة توصيات لكبح ظاهرة الهجرة مشددا على تحسين اوضاع الكفاءات واجراء تحسينات مستمرة فى الاجور ومشاريع اخرى تشجيعية ، وزيادة المرتبات لمواجهة الزيادة المطردة فى مستوى المعيشة والتضخم ،تقديم بديل نقدى يعادل مرتب 12 شهرا اجماليا ، تهيئة المجال لتوظيف التخصصات المختلفة وذلك للحد من هجرة العقول والعمل على وضع خطة استراتيجية شاملة للعمل على تنشيط وسائل التشغيل فى البلاد وضرورة التركيز على تبادل الخبرات والتجارب فى مجال التنمية ، تهيئة المجال لتوظيف التخصصات المختلفة وذلك للحد من هجرة العقول، وايجاد الحلول المناسبة للمشاكل التى تعترض اسواق العمل فى مجال التعليم العالى وضرورة متابعة اوضاع العلماء السودانيين بالخارج ورسم سياسات استقطاب الكفاءات المهاجرة وتفعيل صندوق دعم الكفاءات السودانية ، زيادة العلاوات والبدلات الخاصة بطبيعة عمل اعضاء التدريس كعلاوة البحث والكتب والعمل التطبيقى التى ظلت دون تعديل منذ عام 2002م وان فئاتها اصبحت متدنية مقارنة مع الارتفاع المطرد فى تكاليف المعيشة ، وضرورة تحسين شروط خدمة اعضاء هيئة التدريس بتعديل واستحداث العلاوات والبدلات الخاصة بطبيعة عملهم والتى تميزهم عن الفئات الاخرى بالدولة سعيا وراء تهيئة الجو المناسب للتدريس والبحث العلمى والحد من الهجرة المتزايد للعقول ، منح العاملين بهيئة التدريس بدل لبس بواقع ثلاثة اشهر اجمالى وتحديد منحة العيدين بواقع اجر ثلاثة اشهر ، وتخصيص اراضى بالخطة الاسكانية والمساعدة ببنائها ، وتوفير العلاج المجانى وتحمل تكلفة الابحاث والكتب التى يؤلفها ويكتبها ومنح العاملين الذين انتهت خدمتهم مكافاة نهاية الخدمة والعمل على انشاء مراصد متخصصة ، ووضع البرامج الوطنية لمواجهة هجرة الكفاءات والعمل على اجراء مسح شامل بهدف التعرف على حجم ومواقع وميادين اختصاص المهاجرين وتبنى سياسات الاستفادة القصوى من الخبرات السودانية المهاجرة .
صحيفة الصحافة [/JUSTIFY]