** وربما إمتثالا لتلك الحكمة، لم استرق السمع في الأيام الفائتة لمن همسوا للناس في بلدي بأن أسلحة السفينة الأوكرانية التي خطفها القراصنة بالساحل الصومالي تتبع لحكومة الجنوب .. لم أهدر الوقت لمتابعة تأكيد قيادات المؤتمر الوطني بتبعية الأسلحة لحكومة الجنوب ، وكذلك لم أبذل جهدا لمتابعة نفي قيادات الحركة الشعبية لعلاقة حكومة الجنوب بالأسلحة ..لم أتابع الجدال إيمانا بأن موسم الحصاد سيظهر لمن تتبع الأسلحة ..؟.. لحكومة كينيا كما تدعي ذلك ، أم لحكومة الجنوب رغم أنف نفيها لذلك .. انتظرت الموسم ، وتم الحصاد ، وظهرت ملامح تبعية الأسلحة ، وشكرا لهيئة الإذاعة البريطانية التي أزاحت الستار بوثيقة توثقت فيها حكومة الجنوب اسما وشعارا « G0SS» ..والمعلومة التي جاءت بها الإذاعة البريطانية هى ذات المعلومة التي تفوهت بها أفواه بعض الدبلوماسيين الغربيين بكينيا ، وكذلك هي ذات المعلومات التي يصر عليها الكيني موانجرا المراقب لتلك السفينة ، والمفجر لكل هذه القنابل، ومعلومات وتفاصيل الحدث منذ لحظة خطف السفينة..وليس من السهل أن تكذب آذان الناس كل هذه الجهات ، لتصدق حكومتي كينيا والجنوب ..وعليه ، فإن أسلحة الجنوب تعرضت لعملية قرصنة ، أو هكذا شكل الحدث .. ولكن الجوهر قد يختلف .. فلنحلل هذا الجوهر المهم جدا ..!!
** حكومة كينيا استلمت الأسلحة إنابة عن حكومة الجنوب ، ثم شحنتها في السفينة الأوكرانية.. وصلت السفينة بأسلحتها إلى الساحل الصومالي ، فاستولى عليها بعض الصوماليين ، نسميهم – مؤقتا – بالقراصنة ..مع لحظة الاستيلاء خرج مواطن كيني – موانجورا – للناس والإعلام ليزف لهم نبأ استيلاء قراصنة على سفينة أسلحة تخص حكومة الجنوب .. مجرد مواطن ملقب إعلاميا بمراقب القراصنة .. وظل هذا المواطن يقدم يوميا للرأى العام تفاصيل لاتعرفها غير ثلاث جهات « حكومة كينيا .. حكومة الجنوب .. شركة الأسلحة » ..حكومة الجنوب نفت علاقتها بالأسلحة ، ولكن حكومة كينيا أمنت على ملكيتها للأسلحة .. ثم اعتقلت كينيا مواطنها يوما وآخر بحجة تقديم معلومات للإعلام، ثم أطلقت سراحه .. والآن كل العالم لن يتفوه بكلمة ضد كينيا فى حال مغادرة السفينة الساحل الصومالي الي كينيا ، لتفرغ الأسلحة هناك للجيش الكيني ..وهذا ماسيحدث عاجلا أو آجلا .. ثم كينيا لن تبدو كاذبة أمام الرأى العام بتسليم تلك الأسلحة لحكومة الجنوب على المدى القريب ، لا بالبر ولا بالبحر ولا بالجو ، وكذلك حكومة الجنوب لن تتجرأ في استلامها أو مطالبة كينيا بتسليمها .. فالأسلحة سلكت طريقا سهلا يؤدي إلي وزارة الدفاع الكيني ، وليس إلي هيئة إمداد جيش الجنوب ..وهذا الطريق لم يكلف كينيا غير استضافة شرطتها لأحد مواطنيها يوما وآخر في أحد سجونها ..!!
** أعد الي ذاكرتك موقف حكومة الجنوب في الأزمة الكينية الأخيرة التي أُزهقت فيها الأرواح عقب الانتخابات ..وتذكر هل كان قلبها مع الرئيس الكيني الحالي أم مع معارضيه ..؟..ثم أهمس لنفسك بالسؤال الصريح : هل ماحدث لسفينة أسلحة حكومة الجنوب قرصنة جماعة صومالية ، أم هي قرصنة حكومة كينية ..؟..لا تهدر جهدك في البحث عن ملامح الهمس .. موسم الحصاد الذي أظهر ملامح مالك السفينة ، سيظهر أيضا ملامح ..« سارق السفينة » ..!!
إليكم – الصحافة -الخميس 09/10/ 2008م،العدد5495
tahersati@hotmail.com [/ALIGN]