الحمد لله.. فقد اتَّضح أن تلك الشائعة بتفاصيلها كلها كانت من نسج الخيال والآن وقد صدر التوجيه بالتعامل الصارم مع تلك الدعوى فإنه ما من قضيَّة تستحق أن نسترجع فيها ذلك الأسلوب الذي عُرف بمحاكم العدالة الناجزة عقب إعلان الرئيس نميري رحمه الله قوانين الشريعة الإسلاميَّة فالشارع متوتِّر بعد أن تم تناول ذلك الحدث الفظيع في مئات المساجد الكبرى في خطبة الجمعة وتفاعل معه المصلون ويشهد الله أنَّ الدموع انهمرت كما لم تنهمر من قبل على مدى سنوات حزناً على ما آلت إليه بلادُنا من تفسُّخ نزع الحياء من وجه عاصمتنا للدرجة التي جعلت هؤلاء الأوغاد يُجاهرون بفعلهم المُنكر وفي شكل جماعي كشف عن انحسار قيمة الردع الاجتماعي وتضاؤل واجب النهي عن المنكر والأمر بالمعروف.
إني أحذِّر الدولة ممثلة في مؤسَّسة القضاء من التهاون والتباطؤ في التعامل مع هذه القضيَّة ولنتذكَّر أن كثيراً من الشباب الغيور على دينه يتحرَّق لفعل شيء يُرضي به ربَّه ويعبِّر به عن غضبه لانتهاك حرمات الله سبحانه وتعالى وما قضيَّة الدبلوماسي الأمريكي غرانفيل الذي قُتل وسائقه السوداني ليلة رأس السنة بعد أن خرج بصحبة فتيات سودانيَّات بعد منتصف الليل إلا مؤشِّر لما يمكن أن تُحدثه تلك التصرُّفات من استفزاز لمشاعر كثير من الشباب الذين وهبوا أنفسهم لله وأيقنوا أنهم يأثمون إن لم ينتصروا لدينهم سيَّما بعد أن رَأَوا تراخياً من الدولة في إقامة الدين وتطبيق الشريعة.
لقد رأينا نماذج لما يمكن أن يفعله أولئك الشباب المتحمِّس لدينه فمنهم من يقاتل اليوم في دولة مالي ومنهم من قاتل ولا يزال في الصومال وما قصة المجاهد الشهيد بإذن الله مهند عثمان يوسف الذي خاض مع رفاقه ملحمة الفرار من سجن كوبر ثم خرج إلى الصومال حيث قُتل مع الشباب المجاهدين في مواجهة حكومة شريف المدعومة من أمريكا كما رأينا كيف لاذ بعض الشباب بمحميَّة الدندر إلى أن قُبض عليهم… كلُّ هؤلاء يتحرَّقون شوقاً ليرووا ظمأهم بجهاد في سبيل الله وأخشى ما أخشاه أن يتأخَّر القضاء في حكم القضيَّة التي لا تحتاج إلى كثير وقت بعد أن قُبض على المتورِّطين متلبِّسين هذا فضلاً عن أن ذلك المطرب الداعر معروف بشذوذه من قديم وقد شاهدتُ بناء على إشارة من الأخ أحمد المصطفى إبراهيم صاحب عمود (استفاهمات) بـ(الإنتباهة)… شاهدتُ على اليوتيوب بعض المشاهد للشاب (العروس) يندى لها الجبين وأعجب كيف تجاهلت شرطة أمن المجتمع كل هذا الخزي طوال الوقت الماضي؟!
هذا يقودُني إلى قضيَّة جانبيَّة ذات أهميَّة قصوى خلال هذه المرحلة من تاريخ السودان فقد خاطبتُ قبل أيام بعضَ أشياخي عن السبب الذي يجعل شبابنا يبحثون عن الشهادة في مالي والصومال بينما أعداء الإسلام يتحرَّشون بدينهم ووطنهم؟!
قلتُ لهم بعد أن قرأتُ بعضَ الوثائق التي تكشف أن الحركة الشعبيَّة وعملاءها من قطاع الشمال ومتمردي دارفور من خلال وثيقة إعادة هيكلة الدولة السودانيَّة التي أصدرتها الجبهة الثوريَّة السودانيَّة يوم تكوينها تسعى إلى القضاء على الإسلام وطمْس هُوِيَّة الشعب السوداني وقرأتُ لهم بعضَ النصوص في تلك الوثائق التي تكشف معنى إعادة هيكلة الدولة التي تعبِّر عن مشروع السودان الجديد وتحرير السودان المنصوص عليه في اسم الحركة الشعبية وقلتُ لهم كذلك إن تلك الوثيقة وميثاق الفجر الجديد الذي استُنسخ منها جعلت من إقامة مشروع السودان الجديد هدفاً إستراتيجياً وما إسقاط الحكومة إلا وسيلة لتحقيق ذلك الهدف الذي يعمل علي إقصاء الإسلام شريعة ونظام حياة وإقامة سودان جديد غريب الوجه واليد واللسان وبالتالي على الأئمة والدعاة توضيح هذه المسألة لأولئك الشباب بما يجعلهم يطمئنُّون إلى أن جهادهم ضد أولئك الأعداء أولى من جهادهم خارج الوطن وأن جهادهم ليس للدفاع عن الحكومة التي يرَون أنها ضيَّعت شريعة الله ولا تستحق أن يقاتلوا في سبيلها ذلك أنَّهم في الحقيقة يدافعون عن الإسلام الذي يسعى الأعداء إلى إقصائه في السودان من خلال إسقاط الحكومة وتسلُّم الحكم بعد ذلك على أنقاض الإسلام.
الطيب مصطفى
صحيفة الانتباهة [/JUSTIFY]