وبينما يقوم الكثير من الآباء بخطوت مشابهة لاعتقادهم أنهم يحمون بناتهم من اي ضرر قد يلحق بهن من خلال مخالطتهن للمجتمعات الخارجية، يشكو آباء آخرون من عدم اجتماعية بناتهم وعدم مشاركتهن في الحياة العامة.
وبنبرة يقلب عليها الاعتراض ابدت تهاني رأيها بكل وضوح، فهي ترى أن تربية المجتمع السوداني لا توجد بها خصوصية للفرد، وكل من حولك يعتقدون انهم شركاء حتى في اشيائك الخاصة.
وتقول شادية مصطفى وهي خريجة جامعية تحرص على التواصل مع زملاء وزميلات الدراسة عبر الفيسبك، إن الآباء السودانيين مازالوا في تعاطيهم التربوي مع الابناء بذات النهج الذي تربوا عليه قبل عقود، فالاب لا يسأل ابنته عن تفاصيلها بشكل مباشر، كما انه غير قابل للاستماع لما تريد، ويحاول بعض الآباء معرفة ما خفي عنهم بطرق غير مباشرة. وتقول شادية إنها تعرف الكثير من الحالات المشابهة، ويصل الأمر في بعض الاحيان الى متابعة خطوات البنت اذا شعر الوالد بأن لديها ما تخفيه.
وكل ابواب الخصوصية قابلة للفتح لمن حولك، ومن دون ان تنتبه تجد ان احد المقربين قد استخدم هاتفك دون استئذان. ويقول محمد ابراهيم الاخ الشقيق لاربع بنات إن هذا الهاجس ليس وقفا على الآباء وحدهم، بل يمتد الى الاخوان، وكثيراً ما تجدهم يقومون بتتبع خطوات اخواتهم من خلال تصفح هواتفهن وفتح الرسائل الخاصة، ويحدثنا محمد عن وقائع قصة فتاة تعرضت لموقف مماثل حينما كانت تنوي السفر إلى اهلها في عطلة العيد، وواجهتها مشكلة هي وصديقتها ولم تتمكنا من الحصول على مقاعد بسبب الزحام، فقام أحد الشباب بحجز مقعدين لهما، وبعد أن استقرتا داخل المركبة تناولت صديقتها هاتفها وأرسلت رسالة شكر للشاب، وبعد أن وصلت الفتاة بيتها وفي احد الايام، كان اخاها الاكبر يتصفح رسائلها دون ان تدري، ووجد هذه الرسالة التي استوقفته كثيراً، وحينها غلى الدم في عروقه، واتصل بالشاب المرسلة اليه الرسالة وكال له من الشتائم والتهديدات، ومنع اخته من الذهاب الى الجامعة وابقاها في المنزل، وبعد فترة اكتشف ان الامر لم يتعد الشكر على المساعدة فقط، ليسمح لها بالعودة الى دراستها. ويمضي محمد في حديثه ليقول إن مثل هذه الأساليب في التربية أدخلت الكثير من الأسر في مشكلات عقيمة، ولا بد للأسر أن تدرك ان زرع الثقة في الابن او الابنة وتعريفهما بالاخلاق والمبادئ كفيل بأن يخرج إنساناً ناضجاً ومتوازناً.
الخرطوم: هند رمضان
صحيفة الصحافة