** وحال الناس في بلدي لا يختلف عن حال جار خليل كثيرا .. بحيث تراهم في الأسواق والطرقات كما السكارى وما هم بسكارى ولكن الغلاء أفقدهم الوعي، ومع ذلك يتباهى بعض سادة الحكومة يوميا بتصريحات صحفية من شاكلة : (الحكومة بتدعم السكر بكذا جنيه، الحكومة بتدعم الدقيق بكذا جنيه، الحكومة بتدعم الوقود بكذا جنيه، الحكومة بتدعم .. الحكومة بتدعم ..)، أوهكذا يتباهون ، وكأن لسان حالهم يريد أن يقول للناس : (علي الطلاق لو ما دعمنا الحكومي كان روحكم طلعت أكتر من كدة) ..!!
** لقد أقبل شهر الصوم، وسعرجوال السكر بالولايات يقترب الي (250 جنيها)، ولكن الحكومة تملأ الصحف بمنتهى التباهي القائل: (أنا بدعم كل 50 كيلو سكر بمبلغ 25 جنيه)، أي لو لم يكن دعمنا هذا ربما تجاوز سعر الجوال نصف المليون، أو هكذا رد فعل الحكومة أمام ارتفاع سعر السكر، وهي تظن بأن خطابا كذاك يقنع المواطن ويروضه بحيث يتصالح مع ذاك السعر المرهق، وهو ظن خاطئ..ليس مهما – للناس – أن تدعم الحكومة سكر إفطاره أو لا تدعمه، وليس مهما بكم تدعم إن دعمت؟، أو لماذا لا تدعم إن لم تكن تدعم؟، كل هذا ليس مهما، فالمهم : سعر السكر – مدعوما كان أو مضافا اليه لا يطاق ولا يتناسب مع دخل السواد الأعظم من المواطنين،..ولذلك كان ولا يزال ويظل سؤالهم : ماهي الأسباب وهل هناك مسؤول – غير الحكومة – عن تلك الأسباب؟ ..الإجابة – بيانا بالعمل – هي المطلوبة، وليس بوبار (نحن بندعم) ..!!
** وليس سعر السكر فقط، بل سعر كل شيء – عدا قيمة المواطن في وطنه – بلغ وضعا يستدعي فعل شيء..لست خبيرا اقتصاديا، ولكن الوضع الاقتصادي الراهن يشجع أي مواطن – ولو كان أميا- على التنظير، أي عندما يصل سعر جوال السكر الى (ربع مليون إلا قليلا) فهذا يعني بأن الذين يديرون اقتصادك الوطني لا يختلفون عنك – أيها الأمي – في كثير شيء ..ولذلك، أشاطرك التنظير وأقول : (انه الاحتكار يا عالم)..نعم آفة السكر – وغير السكر – هي الاحتكار..فالتحرير الاقتصادي كان ولايزال محض شعار وضجيج، نسمع به ولا نراه في واقع حياتنا.. إذ ليس من العقل – ولا العدل – ألا يخلق التحرير الاقتصادي – الشايلين حسو – تنافسا في التصنيع والاستيراد والعرض بحيث يكون المواطن هو المستفيد الأول من هذا التنافس.. سياسات الحكومات الرشيدة هي التي تحتكر السلاح فقط وتطلق سراح (ما دون ذلك) للمجتمع وشركاته، ولكن سياسة حكومتنا الرشيدة – بسم الله ما شاء الله – تحتكر (ما دون ذلك) وتطلق سراح السلاح للمجتمع وحركاته..ولذلك، جوال السكر حتى ولو كان مدعوما – خاصة في دارفور وجنوب كردفان والنيل الأزرق- يكاد أن يكون أغلى من بندقية كلاشنكوف غير المدعومة..!!
إليكم – السوداني
[email]tahersati@hotmail.com[/email]