ظللنا نقول إن دولة جنوب السودان على شفا الانهيار وإنها لا تحتاج لأكثر من دفرة لتجثو على ركبتيها (وتنكفئ على قدُّومها) ولكن متى تصدِّقنا قبيلة النعام؟!
المبعوث الخاص الأمريكي المستقيل برينستون ليمان قال في تصريح تناقلته صحف الأمس إن دولة جنوب السودان تعيش أوضاعاً إنسانية كارثية منذ ديسمبر «2011م» وحذَّر من انهيارها في أي وقت مضيفاً أن الولايات المتحدة تستعد لاستضافة مؤتمر المانحين لدعم دولة جنوب السودان للتغلب على الأزمة الاقتصادية الحادّة التي تواجهها الدولة الوليدة!!
يا سبحان الله!! دولة الجنوب التي توشك على الانهيار تهدِّد أمننا وتعتدي على أرضنا وتدعم المتمردين علينا وننسى أنها تنطوي على حقد أعمى على الشمال وأهله وأنها لن تتخلى عن مشروع احتلال السودان (تحرير السودان) قبل أن يلج الجمل في سم الخياط مما يستدعي إحداث تغيير هائل في إستراتيجية السودان حول العلاقة مع دولة جنوب السودان.
قبل أن أعود لهذه القضية اقرأوا من فضلكم الخبر التالي:-
فقد أهال الرئيس التراب على أماني بعض المذعورين ممَّن ظلوا يدعون إلى التفاوض مع قطاع الشمال أو إلى العودة إلى اتفاق نافع عقار بل إن الرئيس أعلنها مُدوِّية لأول مرة وهو يتحدَّث عن رفض التطبيق الجزئي لاتفاقيَّة التعاون الموقَّعة بأديس أبابا في سبتمبر الماضي (إن أي حديث من الوسطاء أو مجلس السلم الإفريقي أو مجلس الأمن الدولي ما حايمر علينا).
وهكذا يضع الرئيس يده على موطن الداء المتمثل في هؤلاء (الوسطاء) المنحازين لدولة الجنوب بدءاً من المبعوث الجنوب إفريقي ثابو مبيكي الذي يعمل بسياسة الخطوة خطوة والنفس الطويل للفتك بنا ومجلس السلم والأمن الإفريقي وغيره من مؤسسات الاتحاد الإفريقي المنحازة أصلاً على أسس اثنية لدولة الجنوب من أيام الهالك قرنق هذا فضلاً عن تبعيتها للقرار الأمريكي المعادي على الدوام للسودان.
يجدر بي أن أذكِّر بموقف مجلس السلم الإفريقي في اجتماعهم الأخير الذي تجاهل عدم إنفاذ دولة الجنوب لفك الارتباط مع قطاع الشمال بالرغم من أن ذلك تدخُّل سافر في الشأن السوداني ومضى إلى الطلب من حكومة السودان إنفاذ البند المتعلق بتمرير بترول الجنوب عبر الأراضي السودانية بغرض تخفيف الضائقة الاقتصادية التي يعاني منها الجنوب الذي يتضوَّر جوعاً ولن ننسى الموقف الإفريقي من أبيي التي (قطع) لها أمبيكي حلاً غريباً (من رأسه) يلبِّي مصلحة دولة الجنوب.
إذن فإن قطاع الشمال العميل لا محل له من الإعراب في حياتنا السياسيَّة بل ينبغي أن يتحرك السودان سريعاً نحو الحل الدائم والإستراتيجي بدلاً من أسلوب إطفاء الحرائق الذي أدمنه فالحرب الحقيقية وربِّ الكعبة ليست مع قطاع الشمال وليست مع الحركات الدارفورية المتمردة التي تتعاون مع الشيطان الآن ضد وطنها وهل من شيطان أكبر من الجيش الشعبي وموسيفيني وإسرائيل؟؟ إنما الحرب الحقيقية مع حكام دولة الجنوب التي تتصرف كالمجنون بعد أن أعماها الحقد الأعمى على الشمال وأهله عن التصرف الموضوعي المسؤول تماماً كما يفعل جائع يوشك على الهلاك عندما يذهب لتاجر السلاح فيشتري بندقية بدلاً من أن يشتري طعاماً يسد به رمقه وينجو به من الموت.. معركتنا الحقيقية مع الحركة الشعبية التي لا تحتاج إلى أكثر من دفرة صغيرة بعد أن تهيأ الجنوب للإجهاز عليها سيما بعد أن طرد سلفا كير وجيش الدينكا مئات من ضباطه المنتمين إلى القبائل الأخرى التي تشكو التهميش وبعد أن استعر القتال بين الثوار وجيش الدينكا وبلغ الجوع مبلغاً عظيماً بشعب الجنوب لدرجة أن وزير الشؤون الإنسانية بالجنوب تصاعد نداؤه للمجتمع الدولي لمساعدة الشعب المقهور بينما سلفا كير وباقان يهدران المال القليل في شراء السلاح وتزويد الجيش الشعبي وعملائهم في الجبهة الثوريَّة بمطلوبات الحرب حتى يمضوا في مشروع (تحرير السودان).
في هذا الوقت الذي تتنزل فيه علينا كلمات البشير في اجتماع شورى المؤتمر الوطني برداً وسلاماً تعود الحيّة الرقطاء أمبيكي لتلعب بذيلها فقد بعث الرجل برسالة إلى مالك عقار يطلب فيها من قطاع الشمال المشاركة في مباحثات بأديس أبابا في «15» مارس القادم وقام عقار على الفور بإعلان موافقته على طلب أمبيكي بعد أن كاد يفقد عقله من الفرح!!
أيها الناس لا تنشغلوا بأمبيكي ومؤامراته وبأمريكا ومخططاتها.. أجهزوا على الحركة الشعبية قبل الموعد الذي ضربه أمبيكي للتفاوض مع قطاع الشمال عندها فإن كل مشكلات السودان ستُحل تلقائياً.. سيموت القطاع العميل وتتبعه الحركات الدارفورية المتمرِّدة وستنعم دارفور بالأمن والاستقرار وستعود المناطق المحتلة من جنوب كردفان والنيل الأزرق إلى حضن الوطن وسيمهَّد الطريق لإقامة علاقة جوار آمن وسلس مع دولة جنوب السودان.
إنها أحلام وردية فهل تمضي قبيلة النعام إلى إنفاذها؟!
الطيب مصطفى
الأنتباهة [/JUSTIFY]