و إذ مضت (ن.أ.م) تكمل إجراءات سفرها إلى بريطانيا و تحزم متاعها حتى أقلعت الطائرة التي تقلها إلى عاصمة الضباب، و ما أن وطأت قدمها ببلاد الضباب حتى كانت قد وطنت نفسها الا ترتد عائدة إلى ما خلفته ورائها مهما كلفها .. قررت ترتد عن دينها و عقيدتها في سبيل الحصول على “صك اللجوء السياسي”. هناك ببريطانيا أعلنت (ن) أنها لا تستطيع العيش تحت ظلال أحكام الشريعة الإسلامية و قوانينها السائدة في الخرطوم و ما يتبع ذلك من قيود تُفرض و تمييز يقع على المرأة.
فما هي الدوافع و الحيثيات التي قد تقود شخصا ما لأن ينسلخ دينه، أصله، و أرضه؟؟ فيأبق إلى أرض أخرى مهما بدى أنها أرض الأحلام…؟؟
بدا الأمر بالسودانيين هناك كاللعب و أشبه بمأساة. روايات و حيثيات يضمنها طالبو اللجوء إلى دول الغرب.
بدأت بالحديث عن القهر و الإتهاض والتعذيب، و حين باخت تلك المرويات التي راجت زمناً إستحالت فيه إلى مفتاح سحري يديره أحدهم ثمة ينفتح الباب إلى الدنيا الجديدة و أرض الميعاد التي تتحق عند أولى عتباتها الأماني العِذاب و التطلعات الجامحة..! و إذ أن التكرار و كرّ الزمان أفقد تلك الحيثيات مفعولها و أفقدها تأثيرها، فقد دفع ذلك أصحاب الأفكار الشيطانية للبحث عن منافذ أخرى و وقائع أشدّ وقعاًو أعظم تأثيراً. فإنتجعت العقول الشريرة فكرة الإنسلاخ عن الدين بإعتبارها المعبر الصلب و الطريق السالك لنيل حق اللجوء إلى الأرض الجديدة ببريطانيا و فرنسا.
(ن) ناشطة بحقوق الإنسان والمرأة بشكل خاص، كما أنها نشطة أيضاً في الحقوق و الواجبات البيئية و يرتفع صوتها بإستمرار لمناصرة تلك القضايا، و تعتبر أن ذلك خطاً أحمر لا فصال فيه.
تقول والدتها في مفتتح حديثها عن ابنتها التي انقطعت ببريطانيا بعد دورة تدريبية إنقضت و لم تعد بعدها محدثة ضجة على إثر الآراء التي أعلنت هناك فجرت موجة من الإستياء لدى الجالية السودانية في بريطانيا.
إلا أن والدة (ن) تنظر للأمر من زاوية مختلفة على غير ما يرى الآخرون حين تقول: ” (ن) تبحث عن ربها بطريقتها الخاصة. نحن نشأنا مسلمين بالفطرة، و لكن هي تريد ان تبحث عن هويتها بنفسها، و تظن أن بعض المسلمين يقدمون صورة شائهة للإسلام.. لم يكن لديها توجهات سياسية محددة وإنما كانت تستمع إلى جميع الأصوات الموجودة، وكانت لها مساهماتها الثقافية الخاصة و كانت تميل إلى الإستماع إلى الآخر”.
و تمضي الأم ترسم صورة إبنتها فتؤكد أنها حافظة لكتاب الله و على إطلاع جيد بكل الصحاح.
والأم التي تنحدر من أسرة صوفية تشبه ابنته بالدكتور المصري مصطفى محمود الذي فارق الإسلام ملحدا و عاد لينغمس في الإسلام بكل خلجاته، حيث قالت بأن ابنتها ستصل إلى بر الهداية و ستكون عالمة دين و هي تجد أن ابنتها فريدة في زمانها هذا، وتحسن معاملة كل من يلتقيها و ترأف بالمساكين و تنصر المظلومين.
صحيفة الخرطوم