الرجل يتحرش بالسودان ..!!

[JUSTIFY]سبق أن قلنا إن العلم الغزير والتجربة العميقة للسيد الصادق المهدي تجعل منه أحد القادة والفلاسفة الكبار، ليس على مستوى السودان وحده ولكن على مستوى العالم العربي والإفريقي بأكمله.. وقد سبق أن كتبت في غير هذا المكان أن السيد الصادق يذكِّرني دائماً بالمهاتما غاندي، ذلك الفيلسوف والقائد والمفكر الذي قامت على يديه فكرة (المقاومة السلمية) وبعثت على يديه الديمقراطية في دولة الهند بعد الخلاص من الاستعمار البريطاني.. وربما جاءني هذا الانطباع من أن السيد الصادق تجمع بينه وبين المهاتما بعض أوجه الشبه في السحنة والسلوك وفي التسامح وفي الانجذاب المتصوف نحو الديمقراطية.. وإذا كنا قد اختلفنا مع الرجل في بعض التفاصيل وجنحنا سواء بوجه حق أو بغيره نحو نقده في بعض المواقف إلا أن ذلك لا يمنعنا إحقاقاً للحق من الإشارة إلى الجوانب الإيجابية في شخصية السيد الصادق والذي يمتاز أولاً بأنه ينظر إلى المواطنين السودانيين كلهم بنظرة أبوية تشبه صفات المهاتما غاندي، وهذا ما جعله بالطبع نائياً عن الاحتراب والصراع والعنف.. والصادق المهدي دائماً ما يحاول أن يبعد البلاد من بؤر الحرب والنزاعات ويجنح إلى الحوار السلمي والعاقل والهادئ أو على الأقل يبدو هكذا.. صحيح أن هذا الحوار قد يطول بالدرجة التي تجعل الناس يملّون ويستعجلون النتائج، خاصة عندما كان رئيساً للوزراء في فترة الحكومة الحزبية، ولكن ربما أن روح الديمقراطية المتأصلة في الرجل كانت تمنعه من اتخاذ القرارات الحاسمة والقاصمة والمتعجلة وهذا ما جعل الآخرين يعتقدون بضعفه أو يصفونه بالتردد..

وقد قلنا في مقالات سابقة إن السيد الصادق سيكون أكثر فائدة للبلاد إذا ما اتجه نحو تدريس علوم الفكر وقاد حركة التطوير والتغيير عن طريق نشر ثقافة الديمقراطية في كل المجتمع، وربما أنه سيكون أكثر نجاحاً إذا ما أقام معهداً أو مركزاً لتعليم أسس القيادة الرشيدة وعلوم الديمقراطية والسياسة الجغرافية (جيوبولتكس) وثقافة وأصول الحكم..

وقد أوردت الصحف مؤخراً خبراً عن السيد الصادق المهدي أن الحديث عن إسقاط النظام السائد الآن في البلاد يحتاج إلى تدبر لأن السودان ليس مثل مصر أو تونس، وعندما يقول الإمام إن الأمر يحتاج إلى «التدبر» فهذا يعني أن الوقت والظروف والملابسات والمعطيات التي تكتنف نظام الحكم الآن غير قابلة للاستجابة لأي تغيير سواء كان عن طريق الانقلاب العسكري أو كان عن طريق التظاهر في أبو جنزير أو في «الفيس بوك».. والسيد صادق يدرك أيضاً أن الجيش السوداني الآن «مؤدلج» وربما أن كلمة مؤدلج هذه من تعابير السيد الصادق الذي اشتهر بابتكار العبارات والجمل الجديدة.. وكلمة مؤدلج كلمة إنجليزية مشتقة من (أيديولوجي) وتعني الفكر والتوجه.. وقد استُعملت في اللغة العربية دون تعريف، على أن ما ذكره السيد الصادق يزيد من مرونة اللغة العربية في إضافة كلمات جديدة واشتقاقات متداولة في الشارع!

على كل حال ربما يريد سيد الصادق أن يقول إن الجيش السوداني وتركيبته الحالية سيكون إسلامي التوجه (زي الحكومة) ومؤدلج في هذا الاتجاه وبالطبع يظل ذلك أمراً مفروغاً منه باعتبار أنه (كيفما تكونون يولي عليكم) أو «كيفما يولى عليكم تكونون».. والقوم على دين ملوكهم..!

ويبقى أن نتفق مع السيد الصادق فيما ذهب إليه من أن تركيبة نظام الحكم في السودان الآن تختلف عن البلاد العربية الأخرى ومن الصعب إن لم يكن من المستحيل أن يحدث بالسودان مثلما حدث بتونس ومصر.

{ كسرة:

أصدر سلفا كير رئيس دولة الجنوب السوداني تعليماته لنشر القوات المقاتلة بالمناطق الحدودية مع دولة السودان.. والرجل بالطبع يتحرش بالسودان.. وربما أنه قد اتفق مع أسياده الخواجات على خلق أزمة مفتعلة تعطي للفرنجة فرصة لادعاء أن السودان يعتدي على جيرانه وأنه يعتدي على الدولة الوليدة وأنه يأوى الإرهابيين…

طيب يا جماعة إذا كان الأمر مبيتاً بهذه الطريقة فليس أمامنا غير أن نركز ونلاقي الاعتداء بما يستحقه ونتذكر قول الحكامة «أركزو زينب وراكم» ودخلوها وصقيرها حام…

صحيفة الإنتباهة
د. عبد الماجد عبد القادر

[/JUSTIFY]
Exit mobile version