المقال تناول حدثين متعلقين بالوزارة وهما، حرمان السودان من التصويت في الأمم المتحدة لعدم تسديد الرسوم السنوية، والثاني الارتباك الذي لازم الإعداد لمؤتمر برلين الاقتصادي.
رد الخارجية والذي تجاوز (1047) كلمة، جاء مهذباً ومحترماًَ رغم أنه لم يخلُ من التعريض بشخصي!
المهم لابد قبل التعليق على الرد، الإشادة بنهج الوزارة في التعامل مع ما ينشر بالصحف، وهو نهج تفتقر إليه بعض المؤسسات والوزارات التي تتعامل بالقاعدة الشعبية، (أضان الحامل طرشا)، وأخرى تتصدى لما ينشر بأساليبها وطرقها الظلامية الخاصة!
في مرات كثيرة يحجم قلمنا عن تناول بعض القضايا والمواضيع التي لها تماس بما هو شخصي، لأن في ذلك مظنة المصلحة أو الغيظ.
بكل بساطة ودون تفاصيل، اعتذاري عن السفر لبرلين للمشاركة في ذلك المؤتمر، كان الغرض منه الاحتجاج والتنبيه.
الاحتجاج على طريقة الإعداد والترتيبات التي لا تخرج من احتمالين،الأول خلل متعلق بالأداء الإداري بالوزارة في التنسيق والاتصال والثاني استهتار بالمدعوين من الإعلاميين.
والتنبيه، لتدارك الأخطاء الصغيرة حتى لا تكبر وتتحول على إثرها الأحداث الكبيرة والمهمة من نعمة الفرص إلى نقمة (كشف الحال)!
عقد مؤتمر اقتصادي في برلين في الظرف القائم، يعتبر نجاحاً واختراقاً مهماًَ للدبلوماسية السودانية في أزمنة الحصار والمقاطعات، والفضل في ذلك بكل تأكيد يعود لمجهودات ومثابرات الوزير علي كرتي.
ولا أحد ينكر أن الرجل يعمل بحماس في ظروف معقدة وعلى أرض مبتلة بالتصريحات والمواقف التي تفتقد لحساسية العلاقات الخارجية والتي لا تتحكم فيها فقط اللغة الدبلوماسية الناعمة ولا الابتسامات الأنيقة.
تصريح عابر على الأسافير من سياسي مغمور يبحث عن الأضواء أو آخر موتور لا يعي ما يقول، تتناقله وكالات الأنباء أو حدث منفلت عن السياق مثل حرق السفارات بإمكانهما نسف مكاسب الأسفار الطوال وعوائد الاتصالات المكثفة التي تقوم بها الخارجية في ليلها ونهارها.
للأسف كثير من الفرص التي تتاح أو تصنع، تهدرها أو تضعف كسبها الأخطاء الصغيرة ذات الدلالة الكبيرة!
حكى لي صديق أمس أنه كان شاهداً على زيارة وفد استثماري آسيوي لإحدى الولايات، كان الإعداد على قدم وساق لاستقبال الوفد، وتقديم ما يقنعه بالجاذبية الاستثمارية للولاية من حيث توفر الماء وصلاحية الأرض، وكاد الوفد أن يقتنع.
ولكن حادثة صغيرة جداً بددت كل تلك المجهودات، فبعد الانتهاء من تناول وجبة الغداء الدسمة التي أعدت على شرف الوفد، توجه الضيوف لغسل أيديهم في حوض الرخام الجميل.
ولكن للأسف أعلنت الحنفية الموجودة بمنزل الوالي عن احتجابها بالشخير، ولم تكن على الموائد مناديل ورقية، كانت القناعة الأولية للوفد الاستثماري، أن الحكومة التي عجزت عن توفير مياه بحنفية الوالي لن تنجح في توفيرها في الحقول..!
مع احترامي وتقديري لكل الزملاء الذين لبوا دعوة الخارجية للسفر لبرلين لتغطية الحدث المهم لكن تجربتي خلال أيام التحضير للسفر لم تكن تسمح لي سوى بالاعتذار!
قبل 3 ساعات من إقلاع الطائرة لم يتصل بي ولا موظف صغير من الخارجية ليخبرني بزمن الرحلة ولا بترتيباتها، ولم تكن هناك أرقام للتواصل مع الوزارة، وحينما اتصلت بالسفارة في برلين علمت بوجود مشاكل إجرائية في الخرطوم بين الخارجية والمالية وبينهما مجلس الوزراء!
وبالسؤال والاستفسار تكشفت لي كل تلك السلبيات التي ذكرتها في المقال.
وعرفت بعد حين من اعتذاري عن السفر، أن السيد وزير الخارجية علي كرتي قام شخصياً- بدفع أغلب تكاليف الرحلة من حسابه الخاص، ومنها ثمن التذكرة التي أخطرت بتوفيرها قبل ثلاث ساعات من موعد إقلاع الطائرة!
صحيفة السوداني