** واليوم يبدو أن السادة بهيئة مياه ولاية الخرطوم بحاجة إلى اقتراح كذاك، فلنقرأ حديث الأستاذ محجوب محمد إدريس، المستشار الفني لهيئة مياه الخرطوم، حيث يطمئن أهل العاصمة بالنص القائل: (العكارة التي في المياه الآن عبارة عن طين طبيعي، ولا تأثيرات صحية منها – على المواطنين – كما أثبتت تحاليل معامل الهيئة)، هكذا وثق المستشار إفادته بالرأي العام – عدد البارحة – حين سأله زميلنا التاج عثمان عن أثر العكارة في صحة الناس، علما بأنه مهندس وليس بطبيب.. ومع ذلك، تلك إفادة تعني – حسب منطق المستشار وهيئته – بأن (الطين الطبيعي) لا يضر بصحة الإنسان – وكليته – حين يكون مخلوطا بالماء، كما نراه حاليا، وعلى المستهلكين أن يتجرعوه – كوبا تلو الآخر – وهم في كامل الطمأنينة، وخاصة أن تحاليل معامل هيئتهم العريقة فحصت ذاك (الطين الطبيعي) ثم أثبتت – بما لا يدع مجالا للشك – صلاحية تناوله كـ(مشروب طبيعي)، ولا يضر الإنسان.. ربما ينفع، موش كدة يا مستشار الهيئة؟.. وبالمناسبة، كان يمكن للهيئة أن تبرهن فوائد طينها الطبيعي بتصريح من شاكلة (أثبتت معاملنا بأنه أجود أنواع الطين المستخدم في أوساط النساء المتوحمات)، وهكذا يصبح شرب الطين الطبيعي طبيعيا في مرحلة “الجمهورية الثانية”، وخاصة أن عقول الناس- كما تتوهم الهيئة – في إجازة مفتوحة..!!
** وكما يطمئن المستشار أهل الخرطوم، ها هو الناطق الرسمي باسم الهيئة يطمئن إدارة الهيئة أيضا، حيث يبرر القطوعات وطينها المصاحب بالـ(القدر)، ويقول للرأي العام: (ليس هناك قصور فني أو إداري، ولكن شاء القدر بأن تكون نسبة العكورة في النيل الأزرق عالية) وسبب العكورة كما يقول المستشار الفني: (الكورنيش الجديد تسبب في النحر والردم، وهذا غير مجري النيل وأدى إلى زيادة العكورة).. تأملوا بالله عليكم ما بين القوسين، ذاك هو تبرير التلوث، (الكورنيش غير مجرى النيل بسبب النحر والردم).. كورنيش طوله بضعة أمتار يعكر صفو الماء بحيث تعجز محطات عاصمة السودان عن تنقيته ويتسبب في أن يشرب أهلها (كدرا وطينا طبيعيا، بيد أن هناك كورنيشا آخر طوله مئات الكيلومترات بالقاهرة – وكل مدن مصر المجاورة النيل – ومع ذلك يشرب أهلها الماء (صفوا).. تبريرات فطيرة تعكس بوضوح (العقلية التي تدير المرافق العامة).. خبرونا بالله عليكم يا عالم: أية دولة في هذا الكون – غير دولتنا هذه – لايزال سكان عاصمتها يشكون من قطوعات المياه وتلوثها؟، ناهيكم عن الأرياف وإنسانها الذي لايزال يشرب – مع أنعامه – من (البرك الآسنة).. الدنيا من حولنا طوت وتجاوزت ملفات المياه والكهرباء وغيرها من الحقوق والخدمات منذ زمن بعيد، إلا نحن بحيث لا نزال في محطة (الطين الطبيعي ما بيضر، الكورنيش عكر النيل، نحن ما كنا متوقعين و..)… على كل حال، المؤسف أن إدارة الهيئة لن تحاسب ذاتها بالاستقالة، وكذلك لا نأمل في أن يحاسبها الوالي بالإقالة.. (من يحاسب من؟)، صار نهجا
إليكم – السوداني
[email]tahersati@hotmail.com[/email]