الطفلة «نور» تحكي قصتها الحزينة «1»

[JUSTIFY]إن كان إسمي نور أو أي اسم آخر، فمنذ أن رأيت النور وأنا ذات الثمانية أشهر يحملني شاب سوداني ويقف أمام منزل أسرة سودانية يطرق بابهم حتى أحل عندهم «ضيفة» ذات هوية تنسب «لرجل» هو الآخر يحمل هوية مزورة لا أدري من هي المرأة التي أتت بي إلى هذه الحياة وكل ما أعلمه أن تاريخ حياتي بدأ منذ ذلك اليوم الذي تركني فيه «أ.ح.أ» الذي يدعي أنه والدي، «ز» و«م. أ» اللذين ترعرعت في أحضانهما وهما والداي وأبناؤهما هم إخواني وبناتهم هن إخواتي، ومضت الأيام وأنا أكبر وذلك الرجل لم يلتفت خلفه ليتفقد ما تركه وراءه، وأبي وأمي لا يعلمان إن كان «الرجل» حياً أو ميتاً، كانا يظنان أنه فارق الحياة ولم يفارقني، بدأت ملامحي تظهر إنني لست من رحم «ز»، فلا تربطني ملامح الشبه بإخوتي الذين يحملون اسم «م. أ» بينما اضطررت أن أحمل اسم «أ .ح.أ»، أقراني في المدرسة أخبروني بأني ابنة «رجل» أتى بي لأسرة «م.أ» منذ عشر سنوات لم يعد ليأخذني منهم، سألت أمي «ز» هل صحيح أن أمي توفيت في حادث وأبي هو «أ.ح.أ» الذي بحثتم عنه في كل مكان ولم تجدوه..

نسبة لتعقيدات القضية ووجود الشخصيات قصة «نور»،بالعاصمة والولايات وبعض دول الجوار،فلقد قمنا بحذف الأسماء الحقيقية للشخوص.. واستبدلناها بحروف..

أمي كانت تتهرب إلى أن صارحتني أختي «إ» بالحقيقة «المريرة»، وقتها جن جنوني وأصبحت أبحث عن شخص يهديء هستيريا واقعي، اسأل أبي «م» هل أنا لست ابنتك، اسأل «أمي» ألم تضعيني من بطنك، كل الإجابات كانت دموعاً غزيرة لم تنفِ الحقيقة، هرولت أبحث عن أخي «ع» حتى يقول لي إنهم اخطأوا لكنه هرب من مواجهتي وترك المنزل وعاد «أ.ح.أ» الذي سلمني «ز» يحمل اسم «ع» ويدعي أنه أبي، وشقى الأيام وتلك الليالي الحمراء التي جعلتني أجزم بأن هذا الرجل من المستحيل أن يكون والدي، لا زلت أذكر عينيه محمرتين وتتسعان ويبدو وجهه غريباً أوصاله مرتجفة، يداه تمتدان إليّ وهو يحاول أخذي بين أحضانه، لم أشعر بالاطمئنان نحوه، لم يكن بحضنه دفء «أبوي»، بل كانت غريزة مجنونة ثائرة تجعله يمزق ملابسي وكرامتي، هذا الرجل أبي هو من اغتصبني لا أدري إن كنت قد فقدت أعز ما أملك بتلك الغرفة بالفندق بالسوق المحلي أم بالفاشر وربما بأنجمينا، رحلة معاناتي ومسلسل قتل طفولتي طويل بدأ منذ ذلك اليوم.

{ لحظة فراق أمي

يوم الأحد حضرت من ولاية الجزيرة بصحبة «أمي .ز وأبي. م»، لم أكن أعلم أنني على موعد مع فراق أسرتي وأمي وأبي اللذين ربياني، لم اتأكد من ذلك إلا أمام وكيل النيابة «ح» وهي تنتهرني بعد أن أخبرتها أنني لا أحب الذهاب مع «ع» وهي تقول «دي ما حاجة بتخصك»، وتحول الذئب الخاطف إلى حمل وديع وقال لي «ع» «إذا ما مشيتي معاي ح اقتل روحي واقع البحر»، لم أكن أهتم لما يحدث له وقلبي وعقلي لا يصدقان فراق أمي «ز» فاطلق وعداً بأنه سيأخذني يوم الثلاثاء ولم يهتم لصراخي وبكائي، لم يهتم لوالديّ اللذين ذرفا الدموع السخينة لفراق طفلتهما نور، أوقف العربة وعيناي معلقتان بأبي وأمي فارقتهما وغابا وأنا مريضة «بالتايفويد»، أصبحت متجولة بين أهله وأقاربه بالعاصمة كل ذلك و«ع » يمنعني من أي اتصال بأمي وأبي، في ذلك اليوم أخبرني بأننا سنزور أمي «ز»، لم تسعنِ الفرحة ورغم أنني سرت مسافات طويلة على أقدامي إلا أنني لم أشعر بالتعب في سبيل لحظة مقابلة أمي «ز»، لكنه فاجأني بأننا سنتجه إلى مكان آخر.

الليلة الحمراء

وصلنا إلى ذلك الفندق بالسوق بالمحلي، وقتها علمت أن له غرفة بهذا الفندق، أخبرني بأننا يجب أن نقضي بها بعض الوقت ثم نأخذ ملابسه وأغراضه ونغادر، دخلنا الغرفة بها «دولاب وسرير واحد وتسريحة.. وحمام»، بعد أن غسلت جسدي جلست الهو قليلاً بلعبة «الليدو»، كنت ألاعب نفسي لكنه بدأ يقترب مني بشكل أرعبني فملامحه لم تكن طبيعية ولا عيناه، يحاول أن يجعلني استلقي بالقرب منه في ذلك السرير بعد أن اطفأ النور خفت وارتعدت خوفاً ليس من ذلك الظلام ولكن من ذلك الشخص الذي يقترب مني بطريقة لم أعهدها في أبي «م. أ»، حاول إقناعي بأن كل «البنات يرقدن بالقرب من آبائهن»، طلب مني أن أقبل يديه، فرفضت فعل ذلك «لا أحب أن أفعل ذلك مع رجل غريب»، خلع ملابسي بالقوة ولا أدري ما الذي حدث بعد ذلك!

بيت الحاجة «ف»

خرجنا من ذلك الفندق واتجهنا نحو المواصلات في «حافلة الركاب» تعرف على شخص قضينا ليلتنا بمنزله، وفي الصباح الباكر كانت العربة «الهايس» تسير بنا نحو طريق سفري وعندما وصلنا إلى سوق كبير أخبرني أننا بمدينة الدويم حيث تقيم «بنات خالاته» وأنه استخرج رخصة القيادة من هذا المنزل، كانت بانتظارنا الحاجة «ف» ابنة خالته وبناتها الأربعة المتزوجات، كان اللقاء بينهم وكأنهم ينتظرون مجيئه ولم تظهر المفاجأة على «ف» وبناتها وكن يسألنه عن غيابه الطويل، «ع» كان يغادر منزل حاجة «ف» منذ الصباح ويعود في المساء إلى أن انتهت إقامتنا معها، في ذلك الصباح الباكر ونحن على متن تلك الحافلة «الهايس» لا أدري إلى أين تتجه حافلة الركاب!

صديق قديم

«ب» والتهديدوصلنا إلى ذلك السوق الكبير وقبل أن أتعرف على المكان، أقبل نحوه رجل من حديثه فهمت أنه صديق قديم أخذه بعد أن تبادلا التحايا والأحضان وكانت تدل على أنهما لم يتقابلا منذ زمن طويل، في تلك اللحظة التي كان يشد فيها «ع» صديقه ليأخذان زاوية بعيدة عني ويدور بينهما حديث خافت انتهى بمبلغ مالي سلمه الصديق القديم لـ«ع»، كنت استفسر من بعضهم عن هذا المكان فعلمت أنها مدينة النهود، قبل أن اسأل نفسي لماذا نحن هنا كان صوت «رجل النمرة» وهو ينادي بمدن لم أحفظ أسماءها، يقترب الصوت القوي لأننا أصبحنا الركاب الذين يبحث عنهم ذلك «الرجل»، لم اسأله فقد غالبني النعاس وقبل أن أغمض عيني بالكامل وأروح في ذلك الثبات «العميق»، كنت أستمع لأطراف حديث لـ«ع» مع أحد الركاب يخبره فيه بأن أصوله تعود لأم روابة «مرحباً بنا في أم روابة»، توقف سير العربة «اللاندكروزر» عند ذلك المكان الخالي صحراء جرداء لا يوجد بها بشر ولا ماء فقط نقطة بها رجال شرطة مبنى الشرطة، وهو غرفة صغيرة خلفها افترشت الأرض و«ع» لنبدأ في اليوم الثاني في صباح باكر رحلة أخرى عبر الأقدام لمسافات طويلة قبل أن نقابل بصاً سفرياً يحمل ركاب فوق سطحه «بالخارج»، لا أدري كم هي عدد الأيام

علمت منه بعد ذلك ونحن نتجه نحو فندق في السوق الكبير أننا بمدينة الفاشر جئنا لزيارة ابنة خالته «ر»، ما أن دخلت إلى غرفة الفندق حتى استرجعت ذكريات تلك الغرفة المشؤومة بالسوق المحلي، ولكنه سرعان ما أعاد تلك الأحداث المؤلمة، حاولت أن أرفض بقوة هذه المرة لكنه هذه المرة استخدم سلاحاً آخر هو التهديد وسألني سؤالاً يملأه الخبث قائلاً يا نور «س. ب» طلبت مني أن اسألك «هل أنت مختونة»، أجبته نعم كذلك فعلت أمي «ز» مع أخواتي «البقية»، فجر حديثه ببرود وهو يلقي عليّ بجملة «س.ب قالت إنها ستسجن أمك. ز»، أمي ز.. أمي. ز تدخل السجن، كنت أرددها بصراخ عالٍ وبكاء عالٍ، اقترب مني وضربني «بالكف» ثم خلع ملابسي واغتصبني في تلك الليلة بالفاشر، غبت عن الوعي في تلك الليلة وانكشف ظلام الليل الذي كان ستراً على ذلك الرجل الذي كان يستبيح جسدي طوال الليل.

مسكن «ر»

في الصباح الباكر كنت و«ع» نسير في طريق قصير وقف بي في مكان قريب من المنزل الذي أقصده، أشار بيده نحو بيت كبير جداً ..وقال لي هذا منزل ابنة خالتي «ر» وهي زوجة مسؤول كبير ، وقطع حديثه لمرور إحدى النساء وهو يطلب منها أن تدله على طريقة للدخول لمقابلة «ر»، فأخبرته أنه من الصعب أن يدخل إلى المنزل وأشارت عليه بأن يبعث برسالة معي يخبرها فيها عن شخصه، وأخذت الرسالة والتي كتبت عليها جملة أنا أخو «ط. م»، دخلت مع المرأة الشغالة ، صعدت سلالم قابلتني امرأة تبدو لطيفة فسألتها عن خالتو «ر» فأجابتني بأنها أنا «ر» التي تبحثين عنها، سلمتها الرسالة أسرعت إلى «جوالها» واتصلت بشخص اسمه «س» وطلبت منه أن يذهب ويحضر «ع. م» إلى الداخل، ولم تمضِ دقائق حتى كان «ر» و«ع» يقفان أمام «س»، تبادل «ر» و«ع» التحايا الحارة ثم انفردا قرابة الساعة كانت تدور بذهني تحذيره لي بأن لا أذكرلـ «ر» اسم أمي «ز»، ولذلك كانت إجابتي لـ«ر» عندما سألتني هل أعيش مع «ع» لوحدي، بأن لديّ مربية اسمها «ز»، طلبت مني «ر» أن تتحدث معها بالهاتف لكن لم استطع أن أجد الأرقام، وكانت «ر» تصر على الاتصال إلا أننا لم نصل لرقم أمي الصحيح، طلبت مني «ر» أن أبقى معها لكن «ع» كان قد حسم الأمر وأخذ مبلغاً كبيراً جداً من «ر» التي منحتني أنا أيضاً مبلغ «مية جنيه». غادرنا البيت وعدنا إلى تلك الغرفة وكرر نفس المشهد واغتصبني، في الصباح الباكر كنا على متن عربة سفرية لم أكن أدري إلى أين تتجه.

فندق «….»

في ذلك الموقف الذي يضم سوقاً كبيرة توقفت بنا العربة واتجهنا نحو ذلك الفندق الأنيق، التفت إليّ «ع» وقال هذه مدينة الجنينة يا نور وهذا الفندق لـ«…» وطلب مني أن أبقى بهذه الغرفة حتى يعود، في تلك اللحظة قررت الاتصال بأستاذة «هـ» لأخبرها بمكاني، وفعلاً أخذت أحد شرائحه الكثيرة وظهر رقم أستاذة «هـ» فأرسلت لها رسالة تقول «أنا نور بت ماما.ز.. أرسلي لي رقم ماما. ز»، وعلى الفور اتصلت بي أستاذة «هـ» وأعطتني الرقم كتبته في ورقة صغيرة وضعتها في جيبي ولكني خفت أن يعود ويجدني أتحدث معها، قررت أن أحتفظ بالرقم واتصل غداً لكنه عاد وعرف باتصالي فضربني وخنقني وحبسني داخل تلك الغرفة التي أبقى فيها لوحدي طوال اليوم حتى يعود في المساء، وفي إحدى المرات أراد أن يلقي بجملته المعهودة قبل ممارسة الجنس معي وهي «وقت النوم جا»، كم أكره هذه العبارة التي بعدها ينقض عليّ هذا الرجل، في تلك الليلة أخذ الهاتف واتصل بأخيه وقال له «يا فلان قول لـ«س» البت دي مختونة وخليها تدخل «ز» السجن»، ظللت أبكي وانتحب وسط هياجه و«سبابه للدين» بعد هذه الليلة التي كتب الله لي بعدها عمراً جديداً بعد أن خنقني «بالطرحة».

التهريب وشاحنة الدقيق

«ع.أ»من أبناء ودمدني كان يجلس أمام ست الشاي بسوق الجنينة، صافحه «ع» بحرارة وقال له «نحنا ماشين أنجمينا» ودفع له مبلغاً مقابل مقعد أمامي مع السائق ، بينما صعد «ع»واستلقى على السطح فوق الدقيق مع مساعد سائق، الشاحنة سارت ثلاثة أيام بلا توقف.

الطريق إلى أنجمينا

في ليلة باردة ومظلمة إلا من ضوء خافت، عند ذلك الضوء الخافت توقفت الشاحنة بنا كانت في استقبالنا سيدة تشادية تستأجر «السراير» وقتها أدركت أننا على الحدود التشادية السودانية، أكتشفت أن لهذه السيدة جزءاً آخر خاصاً بالنساء، أيضاً دفع «ع» مبلغاً من المال أخذه من تلك «الربطة» التي سلمتها له «ر» بالفاشر، في الصباح الباكر أيقظتني السيدة وهي تقدم لي كوب الشاي، بعد ذلك سرنا على الأقدام مسافة طويلة جداً، بعد ذلك ظهر طريق مواصلات استقلينا إحدى «حافلات» المواصلات فوصلنا مع مغيب الشمس موقفاً حيث قابل «ع» شخصاً سودانياً طلب منه أن يتحدث عبر «جواله»، قدم الشاب الهاتف الجوال لـ«ع» الذي أدار أرقاماً من رأسه وبسرعة فتح الخط وقال «ع» «الو «ع.ص» نحن في الموقف».

العربة المظللة

لم يطل انتظارنا فما هي إلا دقائق وكانت العربة الملاكي البيضاء تقف في الموقف وأسرع «ع» وهو يشدني من ذراعي نحوها، فتح الباب الخلفي بينما يجلس جوار السائق رجل تشادي اكتفى فقط بتبادل التحايا مع «ع» وساد الصمت، العربة وهي تسير بشوارع أنجمينا لم يكن المشوار طويلاً، وصلنا إلى منزل جميل لأسرة تبدو سودانية.

بارقة أمل

في منزل تلك الأسرة السودانية المكونة من الزوج وزوجته وطفلة في عمري كنت الهو معها كثيراً، كانوا طيبين بدأت أحكي لهم عن أمي وكيف كنت سعيدة بينهم ومدى اهتمامها بي، وقتها قالت الزوجة «ست البيت» إنه بإمكاني التحدث مع أمي عبر «الموبايل»، لم تسعنِي الدنيا من الفرح وأخبرتها أنها رغبتي لكن «ع» إذا علم بذلك سوف يضربني ويخنقني، حزنت لحالي وقالت لي غداً سأبحث لك عن المفتاح الدولي للسودان وتتحدثين مع أمك ، أغمضت عيني للنوم وأنا أحسب ثواني الليل حتى أسمع صوت أمي الذي أفتقده كثيراً ولكن…!

اختطاف آخر

في اليوم الثاني خرج الزوج وزوجته وبقيت مع طفلتهم صديقتي وخرج «ع» كعادته منذ أن حضرنا يخرج في الصباح ويأتي عند المساء لكنه عاد في ذلك التوقيت وأخذني دون أن أودع ذلك الأمل الذي وعدتني به تلك المرأة الحنونة، أخذني وهو يقول لي هؤلاء الناس «كعبين» واختطفني قبل مجيء أهل المنزل.

وووووو….

وتتواصل حكاية نور..

صحيفة آخر لحظة
فاطمة أحمدون

[/JUSTIFY]
Exit mobile version