والمطالبة بمضايقة أو محاكمة أو عزل الموقِّعين تستفزنا مرة أخرى لإعادة الطرفة التي تقول إن إحدى القبائل اجتمعت بصورة عاجلة للنظر في أمر «ولدهم» الذي قيل إنه «هاجر» إلى الصعيد «يعني الخرطوم» وهناك «فتح بيت» لممارسات غير مقبولة مما ألحق سمعة سيئة بأسرته الصغيرة وقبيلته الكبيرة الأمر الذي دعا الجميع أن ينظروا في طريقة عملية لمعاقبة هذا الولد «الماكويس».. وفي الاجتماع اقترح بعضهم أن يقتلوه وبعضهم اقترح أن يكسروا رجليه. ولكن شيخاً كبيراً في السن اقترح عليهم فقط أن يقوموا بتشليخه على طريقة شلوخ القبيلة المنافسة لهم وبالتالي يمكن«احتساب» الولد على أنه من الناس «ديك» وليس من الناس «ديل» وقد يبرز اقتراح «برضو» بأن تحاول الجهات الموصية باتخاذ إجراءات عقابية في حق الموقعين على الوثيقة إنزال عقوبة التشليخ على المذكورين عن طريق تشليخهم باليوغندي أو بشلوخ الدينكا أو تقوم بكسر الصف الأسفل من أسنانهم وهي عادة جنوبية المنشأ وفيها شيء من الرمزية للانتماء للحركة الشعبية.
وأخيراً أعتب جداً على أحد الزملاء بإحدى الصحف الذي شتمني أمس.. بدون سبب وبدون«مغسة» ربما فقط لأنني أكتب في «الإنتباهة» مع الطيب مصطفى ومع حمودة شطة.. وقال بالحرف الواحد «ودكتور اسمه عبد الماجد عبد القادر» تخبَّط في حياته العملية فتفرغ للشتمية التي لا تليق بمن حمل درجة في المعرفة والدراسة كتلك التي يُذيِّل بها اسمه، ولكن متى أزالت الأقلام والألقاب غشاوة أو أطالت قصر نظر».. وأقول لزميلى «الشاب» إنني من حيث العمر من مواليد الأربعينيات وربما أنني أكبر منه سناً مرتين ونصف أو ثلاث مرات وهذا وحده يمنعني من الدخول في مهاترات مثل قوله «تخبط في حياته العملية» وأرى أنه من الضروري أن يهتم اللاعب بالكورة ولا يتعداها إلى العنف على اللاعب نفسه لأن هذا يعتبر من الفاولات وقد يقود إلى «البلنت» وبالطبع لكل فعل رد فعل مساو له في القوة ومضاد له في الاتجاه.. وهذه نظرية نيوتن الفيزيائية في قانون «القوة والمقذوفات» وأشير إلى زميلي العزيز أن دكتور التي أُذيل بها اسمي جاءت من جامعة الخرطوم وليس من أي جامعة أخرى ويكفي ذلك وهي مسنودة بدراسات عليا من الولايات المتحدة الأمريكية ثم إنني يا صديقي لعلمك أستاذ ببعض الجامعات السودانية ولي كتاب يدرس بالجامعات العربية وأكتب في أكثر من صحيفة وأُقدم برامج إذاعية وسفير للنوايا الحسنة .. شايف التخبُّط ده كيف؟؟.. و«حاجات تانية كتيرة ما عايز أقولها هسّع».
وأؤكد لصديقي الشاب أن الأقلام والألقاب قد تطيل قصر النظر والقلم قد يزيل «البلم» وقلمي وعمري الطويل هذا أفادني بأنه تستحيل حياة الشماليين مع الجنوبيين وذلك للاختلاف الجذري في الدين واللغة والعقيدة والثقافة والمزاج واللون والعرق والشكل والسحنة وطريقة الأكل وطريقة الشرب وطقوس الزواج وطقوس الطلاق وطريقة الغناء والبكاء ودفن الميت.. وهذا ما أدى بالطبع إلى أن تكون الوحدة مستحيلة والانفصال ضرورة عملية للطرفين وسأسعى يا صديقي مع آخرين للدعوة إلى إقامة سور عظيم يفصل بين الشمال والجنوب تفادياً للحروب مثل سور الصين العظيم الذي أنشأه الصينيون لإبعاد شبح الحروب مع جيرانهم وتحول الآن إلى أثر تاريخي ولا يزال يقوم بذات الدور المطلوب.
{ كسرة:بدا أخونا الأستاذ محمد أحمد حميدة وكيل وزار التعليم مهتماً جداً بأمر الطلاب الجنوبيين الذين لم يحضروا للتسجيل للامتحانات هذا العام وهو يدعوهم بحرارة خاصة أن الامتحانات ستبدأ في مارس القادم.. وقال إن الوزارة كانت على استعداد لكنهم تخلفوا وكانت الوزارة قد وقّعت عقداً مع حكومة الجنوب مدته ثلاثة أعوام تبقت منه سنتان لامتحان الجنوبيين.
والسؤال لماذا يا أخ حميدة أنتم مهتمون بهم «إن شاء الله ما يمتحنوا» ثم لماذا نتكفل بتعليم مائة ألف جنوبي وامتحانات ثلاثين ألف جنوبي منهم علماً بأن الجنوبي الواحد قد يكلف تعليمه مائة ألف جنيه في اليوم بالقديم.. يعني ثلاثة مليار في اليوم يعني تسعين مليار في الشهر يعني أكثر من عشرة ترليون في العام.. لماذا لا تقومون بترحيل الجنوبيين إلى أهلهم.. ولماذا نعلمهم أصلاً..
صحيفة الإنتباهة
د. عبد الماجد عبد القادر