– أولاً الحكم الشرعي أنك لا تكفر المعين، وأنت مفتي لا تكفر الشخص المعين ولكن تكفر الفعل ومن يكفر المعين هو القاضي، وهناك فرق بين المفتي والقاضي، المفتي يقول إن هذا الفعل يخرج عن دائرة الدين وهذا ما حدث بالضبط في مقابلتي مع بعض أجهزة الإعلام، حيث كان السؤال ما رأيك فيمن يعتقد بفصل الدين عن الدولة، فكانت الإجابة أن من أنكر شرع الله الوارد في القرآن والسنة فهو كافر، كانت هذه هي الإجابة، أما القاضي إذا رفع له الأمر يمكن أن يكفر الشخص المعين بعد الاستتابة.
قلت إنكم تكفرون الفعل الذي ينكر شرع الله الوارد في القرآن والسنة، ما الحكم الذي يقع على الموقعين على وثيقة كمبالا وقد ورد بها «بند» فصل الدين عن الدولة؟!
– هنا يرفع الأمر إلى القضاء كجهة مختصة لأنه قد يكون الشخص الذي فعل ذلك جاهلاً وقد يكون فعل هذا تحت تأثير وقد يكون فعله مفروضاً، الحاكم هو الذي يفصل في قرار الردة…
مقاطعة: يوسف الكودة أحد أعضاء الهيئة الآن بكمبالا، فهل هناك إجراءات ستتخذها الهيئة في مواجهته بعد العودة؟– أكيد ستنظر الهيئة بعد عودة الكودة إلى ما فعل وهل هو موافق على فصل الدين عن الدولة أم هي مجرد محاولة لعمل سياسي يظن هو أن فيه الخير للبلد، ومثل ما زعم بعض «الناس» أنه يريد أن يقنع هؤلاء بالعمل السلمي في تغيير الحكومة.
إذا ثبت أن عضو هيئة علماء السودان يوسف الكودة قد وقع على وثيقة تشمل على فصل الدين عن الدولة، فهل سيفصل عن الهيئة؟
– هذا تنظره اللجنة وقد علمت أنه لم يوقع على ميثاق فصل الدين عن الدولة وإنما وقع على ميثاق عمله «هو» فيه دعوة للعمل السلمي، وعلمت من بعض المراجع والمصادر أنه لم يوقع على فصل الدين عن الدولة وإنما طلب منهم إرجاء هذا الأمر إلى حين انعقاد مؤتمر دستوري وهذا تصحيح لما وقع فيه كثير من الناس أن الكودة وقّع، الكودة لم يوقع على الميثاق.
هل كانت الهيئة على علم بمغادرة الكودة لكمبالا؟– لا.. لا هو يتصرف على أساس أنه رئيس حزب ولا علاقة للهيئة بذلك.
كيف تفسر موجة التنصير التي انتشرت مؤخراً بصورة واسعة؟– «والله بأمانة» أنا أرى أن الأمر أخذ بصورة أكبر من حجمه، صحيح أن المعارضين للإسلام يريدون أن يضموا الناس لصفوفهم وهذه الحملة موجودة منذ الاستعمار وقانون المناطق المقفولة دليل على ذلك والعمل التنصيري العالمي والمحلي موجود واعتقد أن الدعوة الإسلامية تتقدم الأجهزة الأمنية في هذا.
أرقام مزعجة لمراكز الدراسات لأشخاص تم تنصيرهم وفتاة تم تنصيرها من داخل الجامعة وعمل مكثف وسط طلاب الجامعات والشوارع، هذا الخطر كيف ترون «أنه أخذ بصورة أكبر من حجمه»؟– أنا لم أقلل من خطره، تنصير شخص واحد بالنسبة للإسلام والمسلمين كارثة كبيرة لكن ينبغي أن يكون أول التغيير هو دستور نيفاشا الذي يبيح حرية التنصير والوصول إلى نشر الفكر المعادي للإسلام.
لكن هناك من يحملكم المسؤولية كعلماء خاصة وأنكم صرحتم بأنكم آخر من يعلم بتنصير الفتاة الجامعية؟– ليس هذا صحيحاً وإنما بمجرد ما عُرف الأمر اتصلت بنا الجهات المعنية وقدمنا ما نستطيع أن نقدمه في هذا المجال.
ما الذي قدمتموه؟– لا أريد أن أقول.. لا أريد أن أجيب على هذا السؤال.
أليس من مصلحة المسلمين أن يعلموا ماذا فعلت هيئة علمائهم؟– أتحفظ.
هذا التحفظ لإجراءات أمنية أم دينية؟– برضو أتحفظ على الإجابة على السؤال.
هل لديكم إستراتيجية موجهة للعمل ضد هذه الحملة الشرسة على الإسلام؟– الجمعية ليست لديها إستراتيجية والجمعية خيرية، جمعية مجتمع مدني محدودة الإمكانات جداً ولا تستطيع أن تقوم بكل عمل الدولة في مجال الدعوة، هناك جهات مختصة ومؤسسات رسمية ووزارات معنية، فهيئة العلماء محدودة ولا تستطيع أن تحمل كل هم الإسلام في البلاد.
إذن ما دوركم كعلماء مسلمين؟– دورنا المنابر وتنبيه الناس من خلال إصدار بيانات.
على ذكر المنابر، ما رأيك في دخول السياسة إلى خطب المساجد؟
– ليس هذا صحيحاً، هي فقط ثلاثة مساجد في ولاية الخرطوم التي تهتم بالخطبة السياسية لكن معظم الأئمة يلتزمون ببيان حكم الله تعالى ونشر الأخلاق ومحاربة الرذيلة، أما إن كانت هناك أصوات عالية في مسجد أو مسجدين فذلك لا يعني أن الأئمة لا يعملون في مجال الخطب الدينية ومن حق الذين يخطبون سياسياً ذلك ما لم يثر الفتن، إذا كان حديثاً سياسياً يتعلق بمكافحة أعداء الله من خارج السودان ويتحدث بضرورة الالتزام بحكم الله عز وجل هذا واجب العلماء ولكن إثارة الخلافات بين جهة وأخرى هذا ينبغي أن لا يقع فيه العلماء، هذا واجب.
لماذا لا يصبح هذا (الواجب) في مواجهة الدولة وتقوم به مع المواطن في كثير من القضايا؟– هذا ليس واجبي، بل واجبي أن أبين وأنا ليس مطلوباً مني الإحصاء ومَنْ يتحدث، وحكمي في ذلك خطأ أيضاً.
للأسف فإن معظم المتنتصرين أرجعوا السبب إلى الظروف الاقتصادية في الوقت الذي تدعمهم فيه الكنائس أكثر من ديوان الزكاة والمنظمات الإسلامية، ما تعليقك؟
– (نعم) و(لا)، أما نعم لأنه كاد الفقر أن يكون كفراً وهذه مقولة منسوبة للإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه ومشهورة جداً، أما لأننا نعلم أن المؤمن المحتسب الصابر يلجأ إلى الله سبحانه وتعالى في توسيع رزقه وعمله وذكر أن الرسول صلى الله عليه وسلم وجه الناس للعمل وعندما جاءه الرجل الفقير يسأل هل لك من شيء، فقال له عندي درهمان، فقال له أما بهذا فاشتري طعاماً لأهلك وأما بهذا اشتري (فأساً) وآتني به، وفعلاً جاء الرجل إلى الرسول صلى الله عليه وسلم يحمل (فأسه)، فقال له الرسول صلى الله عليه وسلم «أذهب واحتطب ولا أرينك إلا بعد جمعتين»، والرجل ذهب الغابة واحتطب وجاءه ضاحكاً يتهلل بما كسب من مال، فالدين يوجه الناس للعمل مهما يكن الذي تصيبه جانحة أو مصيبة، أما عن ديوان الزكاة فمهما كثرت عنده الأموال فهي محدودة لا يستطيع أن ينفق على ستين ألف طالب وألف أسرة إلا أن الفقر أصبح منتشراً لكن عدم العمل والكسل هو المشكلة، والآن وقد كشف الله سبحانه وتعالى للناس التنجيم عن الذهب والعمل الزراعي، (فشوفي) عندما يأتي الخريف السودان من الخرطوم إلى أقصى ركن يكون الحمد لله المطر موجوداً وكل شخص يستطيع أن يزرع ما يكفيه حتى لو كان (جبراكا) وهي طعام العام الذي يكفيه، وأنا أعتقد أن هناك كسلاً شديداً والجهات المختصة والجهات الإعلامية بالذات المرئية والمقروءة والمسموعة تحث الجمع على العمل بدلاً أن ينتظر الإغاثة، ثانية أليس هذا (عيب) أن ننتظر الإغاثة من الخارج ونخلق الفتن والبلبلة وتمتليء المعسكرات فيأتي المنصرون لفتن (الناس) عن دينهم، وعلى الذي يحمل السلاح ويوجهه ضد الدولة أن يضع في اعتباره هذه المشاكل النزوح والفقر ،وهذا الموضوع أكبر من أن نتحدث فيه.
الحكومة صرحت بأن التنصير سببه انعدام الرقابة، ألا تقع في دائرة مسؤولياتكم خاصة أنها قضية دينية؟– هذا كلام عام، الرقابة من الوالدين والرقابة من الأجهزة المعنية بهذا الأمر.
ولكن هناك من يرى أن الرقابة أيضاً تشمل المنابر والمساجد؟– هذه ليست مهمتنا، هذه مهمة الدولة وهناك وزارة اسمها الإرشاد والأوقاف ووزارة الشؤون الاجتماعية، هيئة العلماء هذه منظمة مجتمع مدني لا تنسوا ذلك.
ما دورها إذاً تجاه المجتمع المدني هذا؟– أدوارها كثيرة نشر الإسلام في حدود الإمكانات المتاحة لها.
الآن أصبح المنصرون يعملون علانية، أين هو العمل المقابل منكم في نشر الإسلام؟– (من نحن؟)، (نحنا منو).
علماء الهيئة والإسلام؟– (الهيئة دي هيئة) محدودة الإمكانات والعضوية.
هل هناك ضغوط من جهة ما تمنعكم من التوسع والعمل؟– أنا أستنكر هذا السؤال وماذا تعني بضغوط.
يا مولانا هذا حديث دائر الآن بأنكم لا تستطيعون أن تنفذوا كل شيء وتقولون أي شيء؟– (هذا كلام فارغ)، لا أحد يتدخل ولا أحد يستطيع أن يملي علينا شروطاً، كل إنسان حر في حدود المسؤولية.
ماذا تقصد بالمسؤولية؟– المسؤولية هي أن تقيم الفعل إذا كان يؤدي إلى خير تتجه نحوه، أو إلى شر تبعد عنه، المؤمن ميزانه عنده (لقد أرسلنا رسلنا بالبينات وأنزلنا معهم الكتاب والميزان ليقوم الناس بالقسط) كما يقول القرآن الكريم، فالميزان هو العمل والبينات هي القرآن الكريم.
مارأيك في مقولة إن هناك أئمة أصبحوا علماء السلطان؟– الناس أحرار فيما يختارون (الداير يبقى علماء سلطان إذا كان السلطان هذا موافقاً للشريعة الإسلامية فليكن)، إذا كان مخالفاً ينصح، وإذا قام بعمل جيد يؤيد، إذا جنح نحو الخير يؤيد وإن انحرف عن الخير يبتعد.
كيف ترد على عبد القادر أبو قرون ولجنته شنت عليكم انتقادات وخاصة أن الكودة أحد أعضائكم في كمبالا؟– أولاً كل إنسان له الحق أن يقوم بما يرى أنه صواب، وإذا كان يرى أن الحديث الذي قاله صواب على العين والرأس، وإذا كان هناك خطأ يقيم ويرد عليه.
ما رأيك في الانتقادات التي وجهها أئمة المساجد للأحداث التي صاحبت وفاة الفنان محمود عبد العزيز؟– أولاً يرحم الله المتوفي هذا (محمود عبد العزيز) ولكن أرى أن هناك تعلقاً فات عن الحد المسبوق في كثير من الأحيان فيه كثير من الاعتراض عن حكم الله تعالى، لأن الموت والحياة بيد الله فإذا وقعت مصيبة الموت يجب الصبر وليس لطم الخدود وشق الجيوب والدعوة بدعوى الجاهلية، وهذا الاختلال تم بالشارع مثل هذا التعلق بهذه الدرجة، واعتقد أن هناك ما يسمى بالعقل الجمعي وهو في كثير من الأمور تغيب فيه جوانب العقلية الصحيحة السليمة، وهذه الهستيريا هي التي قادت إلى هذه الأمور، ولذلك أوجه رسالة للأسرة والمعلمين وأهل الشأن والمنبر أن يتجهوا إلى وعظ الناس وأن يكون المؤمن يستوي عليه الأمران الفرح والحزن، والله سبحانه وتعالى يقول «لكي لا تأسوا على ما فاتكم ولا تفرحوا بما أتاكم والله لا يحب كل مختال فخور».
حوار: فاطمة أحمدون
صحيفة آخر لحظة [/JUSTIFY]