تحدث الدكتور حسن الترابي في موضوع الزواج وأبدى بعض الآراء الفقهية التي قد نتفق معه فيها أو نختلف وهذا ليس مجال الحديث الآن!! أن يختلف الإنسان مع آخر سياسياً، فهذا لا يعني أن تتعدى عليه حتى في مناسبة اجتماعية، وفي مناسبة عقد قِران ينال من شهده الأجر من المولى عز وجل!!
قد نختلف مع الدكتور الترابي سياسياً ولكن عندما يكون الأمر أمر فقه وفتوى فإن الاختلاف يجب أن يكون على بيِّنة فقهية تسندها الأسانيد القوية من كتاب الله وسنة نبيه عليه الصلاة والسلام!! وهذه قضايا لا يخوضها العامة من الناس كما حدث من هرج ومرج أثناء عقد القِران!!
غازي سليمان عبر تاريخه الطويل ـ وأسأل الله أن يمد في أيامه ويجعلها خيراً على وطنه الذي أحب ـ رجل يملك من الصفات الحميدة ما يفتقر إليه الكثيرون ويتمنونه!!
أول هذه الصفات الصراحة والصدق في القول والعمل، فما في قلبه لا يحتاج لعناء في البحث عنه فدائماً ما ينطق به لسانه، فهو لا يرضى أن يضار بلده أو بني وطنه حتى وإن كان على خلاف جوهري مع نظام الحكم الذي يحكمه!! وقد دلت المواقف الوطنية المشرفة التي وقفها دفاعاً عن الوطن على ذلك، ولعل أكثر من عانى من هذا النظام هو ذات غازي سليمان وذلك دعاه للانضمام للحركة الشعبية وكان من أبرز قياداتها، ولكن ما إن تكشفت له الحقيقة حتى ركلها ووصف قياداتها بما يستحقون من وصف!! فالرجل يبحث عن الحقيقة أينما وجدت فإن وجدها يركل الباطل ويذهب إليها راكضاً، فقد ركل الحركة الشعبية ووقف مع الوطن حتى وإن كان من يحكم هذا الوطن من سامه سوء العذاب. قصيرو النظر يفسرون مواقف غازي بأنها استسلام للنظام، رغم أن ذلك وفاء للوطن وليس للنظام!! من يستمع إلى غازي يأخذه شعور بأن الرجل عفوي ولكنه في داخله رجل مرتب أيما ترتيب وما يقوله يجبر المستمع على الضحك، ولكنه عندما يقول حديثًا يزنه قبل أن يقوله بميزان دقيق كذلك الذي يستخدم في وزن الذهب!! يحدثك في أعقد الأمور ببساطته المعهودة واللطيفة، والتي يفهمها العالم النحرير والجاهل الأمي سواء بسواء!! ومن أجمل الصفات التي يتحلى بها الرجل الوفاء، فالدكتور الترابي هو أستاذ غازي وغازي رجل وفي، وهذه صفة وشيمة الكرام ذوي الأصول الراسخة، والخلاف السياسي بين الرجلين لم يؤثر على صفة الوفاء بينهما!!. وقد ساءه كثيراً أن يخاطب أحدهم أستاذه باللفظ العامي «يا زول» وهو العالم بالقوانين أياً كانت، سماوية كانت أم من وضع الإنسان، ويخاطبه العدو والصديق بكل الاحترام وبما يليق به وبمكانته العلمية!!
كلنا كنا ضيوفاً للمناسبة، والضيف تحت حماية المضيف، ود. الترابي كان أحد هؤلاء الضيوف، وأية اساءة تصيب ضيفاً من آخر إنما هي اساءة موجهة للمضيف، وهذا التطرف المسيء من ضيف لآخر يدل على عدم احترام المضيف وعلى المضيف حماية المستضاف بالوسيلة التي تحسم الأمور، ولو لم يتصد غازي بتلك الطريقة الحاسمة لأساء لكل الحضور وقبل ذلك لنفسه، فما قيمة أن تدعو ضيفاً ولا توفر له الحماية من الآخرين!!
موقف غازي كان موقفاً مبدئياً، فالترابي إضافة إلى كونه ضيفاً، فهو الأستاذ المعلم لغازي، فما كان من غازي إلا أن قام ووفه التبجيلا، بأن حماه من سفيه القول وسوء الأدب.
وهذا تصرف رجل أصيل ذي جذور أصيلة وقد حمى ضيفه ولم يتركه للعوام يصفونه بالألقاب غير المحتشمة!! كل من كتب في هذا الشأن سواء في الصحف أو الشبكة العنكبوتية نسي أو تناسى أن يهنئ غازي بعقد قِران نجله وهي المناسبة الأصل أما الذي حدث فهو شأن جانبي تصدى له غازي بأسلوبه الرادع الحاسم!!أقولها بالعامية المحببة «ألف مبروك يا غازي يغلبا بالمال وتغلبو بالرجال الذين سيواصلون غرس الأجداد من قيم أصيلة يرثها الأحفاد من الآباء»!!
صحيفة الإنتباهة
د. هاشم حسين بابكر