واتهمت المنظمة في تقريرها لعام 2008 الذى نشرته أمس الأربعاء الحكومات في المنطقة باستخدام الاعتقال السري والمطول بمعزل عن العالم الخارجي والتعذيب وغيره من اساءة المعاملة.
وفي هذا السياق، بدأت منظمة العفو تقريرها من مصر حيث قالت» إن الحكومة المصرية قمعت أعضاء في تنظيم الإخوان المسلمين في الفترة التي سبقت الانتخابات المحلية والبلدية التي تأخر إجراؤها حتى أبريل 2008، وقبضت على مئات الأشخاص، بينهم مرشحون مرتقبون، وبعد الانتخابات، صدرت أحكام بالسجن على أعضاء قياديين في الجماعة عقب محاكمة جائرة أمام محكمة عسكرية».
وقالت منظمة العفو إن مصر التي أعلنت أمس الأول تمديد حالة الطوارئ فيها لمدة عامين، تضم في سجونها نحو 18 ألف معتقل بلا تهمة أو محاكمة.
وذكرت أنه «لا يزال نحو 18 ألف شخص معتقلين بلا اتهام أو محاكمة بأمر من وزارة الداخلية بموجب قانون الطوارئ».
واستنادا إلى العفو الدولية فإن الكثير من السجناء لا يزالون محتجزين رغم صدور أحكام قضائية ببراءتهم وأوامر متكررة بالإفراج عنهم.
وتابعت المنظمة حول هذا الموضوع بنظرة إلى العراق حيث قالت انه و»على الرغم إخلاء سبيل آلاف المعتقلين المحتجزين لدى القوة متعددة الجنسية التي تقودها الولايات المتحدة في العراق، يظل أكثر من عشرين ألف شخص محتجزين بدون تهمة أو محاكمة، وإن ممارسة التعذيب وسوء المعاملة ضد المعتقلين ظلت شائعة».
وعن ليبيا قال التقرير:» إن السلطات أفرجت عن 90 عضواً في الجماعة المقاتلة الإسلامية الليبية كانوا قد أُدينوا عموماً في محاكمات جائرة في السنوات السابقة، برغم أنها واصلت احتجاز ضعفي هذا العدد».
,نددت العفو الدولية بما أسمتها انحرافات الحرب الدولية على الإرهاب، وطالبت الدول المتورطة فيها بملاءمة إجراءاتها الأمنية مع مقتضيات قوانينها الداخلية ومع نصوص الاتفاقيات الدولية ذات الصلة بحقوق الإنسان.
وأبرزت المنظمة الآثار الكارثية للحرب في العراق، إذ رصدت الوثيقة تشريد مليوني مواطن خارج بلادهم السنة الماضية، ودفع 2.2 مليون آخرين إلى النزوح داخل البلاد، كما أشارت إلى وجود ستين ألف حالة احتجاز غير قانوني في العراق.
وأفاد التقرير الذي نشر بأربع لغات دولية بينها العربية، بأن «الحرب الدولية على الإرهاب» أدت عام 2007 إلى مقتل 6500 أفغاني.
وأشار التقرير إلى أن جميع دول المنطقة «ألقت القبض على الأشخاص الذين يُشتبه في أنهم إرهابيون واعتقلوا، وتعرضوا لخطر التعذيب وسوء المعاملة وواجهوا محاكمات أمام محاكم غالباً ما كانت إجراءاتها بالغة الجور».
واتهمت منظمة العفو الحكومات الأوروبية بالاستمرار «في إعادة المتهمين بالإرهاب إلى دول مثل الجزائر وتونس برغم وجود أسباب مقنعة تدعو للخوف من إمكانية تعرضهم للتعذيب».
ولكن التقرير ذكر بأن هناك حالات وبخاصة في ايطاليا وبريطانيا أحبطت خلالها المحاكم قرار الحكومات بالترحيل.
وتطرق التقرير إلى استمرار العنف وتعرض الناس للهجمات وبخاصة في العراق وإسرائيل والأراضي الفلسطينية، وأشار إلى أن «السكان المدنيين الذين لم يشاركوا في النـزاع يتحملون وزر هذا العنف إذ أسفرت المواجهات التي وقعت في لبنان بين الجماعات التي يقودها حزب الله والقوات الموالية للحكومة عن سقوط ما لا يقل عن 62 قتيلاً، بينهم أربعة مدنيين على الأقل مطلع مايوالجاري».
اما عن العراق، فقال التقرير انه «بالرغم من انخفاض مستوى عمليات القتل الطائفية وغيرها من أعمال القتل إلى ما دون المستويات السابقة، لكنه بقي مرتفعاً، ولم يحدث تحسن ملموس في حياة الناس على أرض الواقع».
وفي الشأن العراقي ايضا، قال التقرير إن محاكمة ثمانية من مسئولي النظام السابق بدأت في أبريل، ومن بينهم نائب رئيس الوزراء السابق طارق عزيز.
واعتبر التقرير إن هذه المحاكمات جرت أمام المحكمة الجنائية العراقية العليا التي «أصدرت سابقاً أحكاماً بالإعدام على الرئيس العراقي السابق صدام حسين وغيره من المسئولين في عهده عقب محاكمات جائرة».
على صعيد آخر، تناول التقرير موضوع الإعلام في العالم العربي اذ قال إن «ميثاقا عربيا لحقوق الإنسان، جرى التخطيط له منذ مدة طويلة، دخل حيز التنفيذ في مارس الماضيب يتضمن بعض النصوص التقدمية إلى جانب النصوص التي تقيد حقوق الإنسان».
ولكن، يضيف التقرير، «وفيما كان هذا الميثاق على وشك الدخول إلى حيز النفاذ، اعتمد وزراء الإعلام العرب قراراً يدعو إلى فرض قيود جديدة على مؤسسات البث التلفزيوني الفضائي في المنطقة، معرضين التدفق المتزايد للمعلومات العامة الذي يعززه البث التلفزيوني الفضائي للتهديد».
وتطرق التقرير كذلك لمجريات الأحداث في إسرائيل والأراضي الفلسطينية وقال» انه قُتل ما يزيد على 330 فلسطينياً، أكثر من نصفهم من المدنيين ومن ضمنهم أطفال في الهجمات الإسرائيلية التي شُنت بمعظمها في قطاع غزة، في الأشهر الأربعة الأولى من العام 2008».
وأضاف «انه في الفترة ذاتها قُتل 14 مدنياً إسرائيلياً وتسعة جنود في الهجمات التي شنتها الجماعات المسلحة الفلسطينية التي أطلقت صواريخ «القسّام» وغيرها من الصواريخ على جنوب إسرائيل».
كما علق التقرير على مواصلة إسرائيل بناء الجدار الفاصل وتوسيع المستوطنات غير القانونية في الضفة الغربية، وهدم منازل الفلسطينيين في القدس الشرقية ووادي الأردن وسواهما، وظل أكثر من 500 حاجز عسكري يقيد حركة الفلسطينيين أو يعيقها بين البلدات والقرى الفلسطينية في جميع أنحاء الضفة الغربية».
إلا أن منظمة العفو قالت «للحصار الإسرائيلي المتواصل لقطاع غزة تأثير كارثي متزايد على المليون ونصف المليون نسمة الذين يعيشون فيه».
ومن المشاكل الأخرى التي تطرق اليها تقرير منظمة العفو الدولية عقوبة الإعدام وأشار إلى أن دولا عربية امتنعت عن التصويت لصالح قرار في الجمعية العامة للأمم المتحدة يدعو إلى وقف عالمي لتنفيذ عمليات الإعدام.
وقال التقرير إن «السلطات في إيران والمملكة العربية السعودية هي من ضمن كبار الجلادين في العالم».
وسجلت المنظمة في تقريرها 83 عملية إعدام في إيران و56 في السعودية بحلول نهاية أبريل الماضي.
وأشار التقرير إلى المحاكمات التي نتجت عنها الأحكام بـ»البالغة الجور». وفي إيران اتخذت السلطات الخطوة التي قوبلت بالترحيب والمتمثلة بحظر عمليات الإعدام العلنية في يناير لكن عمليات قطع الرؤوس العلنية في السعودية تواصلت. وفي العراق، ورد أن ما لا يقل عن 30 شخصاً أُعدموا، بينهم 28 في أبريل وحده.
وتناول التقرير كذلك انتخابات مجلس الشورى الإيراني التي جرت في مارس الماضي، وقال انها «اتسمت بإقدام مجلس الأوصياء القومي الذي يهيمن عليه رجال الدين على منع الإصلاحيين والمرشحين الآخرين المحتملين من المشاركة».
وعلق التقرير على «احتجاز المعارضين الإيرانيين والاستمرار بانتهاك حقوق الإنسان على نظاق واسع من اعتقال وتعذيب وسوء معاملة.
وتطرقت منظمة العفو كذلك إلى حقوق الإنسان في سورية إذ قالت في تقريرها إن دمشق اعتقلت المزيد من كبار الموقعين على إعلان دمشق الذي دعا إلى إجراء إصلاحات ديمقراطية سلمية، وتعرض معظم المعتقلين للضرب خلال الاستجواب».
وقال التقرير إن «منتقدي الحكومة ودعاة الإصلاح والمدافعين عن حقوق الإنسان ظلوا يتعرضون للسجن أو الاعتقال أو المضايقة في شتى أنحاء المنطقة بما في ذلك في ليبيا وتونس واليمن والسعودية والجزائر والمغرب وغيرها من الدول.
وبهذا يكون تقرير منظمة العفو الدولية قد أجرى مسحا لحالة حقوق الانسان لعام 2008 لمنطقة شمال أفريقيا والشرق الأوسط، مركزا على استمرار الأزمات نفسها من عام لآخر في هذا المجال.
ووجه تقرير منظمة العفو الدولية نداء الى الرئيس المقبل للولايات المتحدة من اجل اعادة السلطة الأخلاقية للولايات المتحدة عبر اغلاق معتقل جوانتانامو وحظر اي نوع من التعذيب والامتناع عن دعم الأنظمة المتسلطة وغيرها.
واطلقت (أمنستى) نداء «اذا ارادت الولايات المتحدة التمتع بالسلطة المعنوية لرائد في حقوق الانسان فعلى الحكومة التالية اغلاق غوانتانامو واحالة الموقوفين الى المحاكم الفدرالية العادية او الافراج عنهم».
وبالاضافة الى معتقل القاعدة البحرية في كوبا ينبغي بالرئيس الجديد «منع استخدام الشهادات المنتزعة تحت الضغط وادانة كافة انواع التعذيب». كما عليه «التوقف عن دعم قادة الانظمة المتسلطة» و»وضع حد للعزلة الأمريكية في اطار النظام الدولي لحقوق الانسان والانخراط بشكل بناء في لجنة الأمم المتحدة لحقوق الانسان» بحسب التقرير.
وبالرغم من ان احترام حقوق الانسان ليس موضوع حملة في الولايات المتحدة فان المرشحين الثلاثة الى البيت الأبيض الجمهوري جون ماكين والديموقراطيين باراك اوباما وهيلاري كلينتون استبقوا دعوة منظمة العفو الدولية وتعهد الثلاثة باغلاق معتقل غوانتانامو بلا اعلان مفصل عن نواياهم تجاه المعتقلين.
أما بخصوص الاتحاد الأوروبي، فقد تساءل التقرير «كيف يمكن للاتحاد الأوروبي أو الدول الأعضاء فيه مطالبة الصين وروسيا باحترام حقوق الإنسان في الوقت الذي يشتركون فيه بجريمة التعذيب»؟ وذلك في إشارة إلى الادعاءات بأن بعض الدول الأوروبية وافقت على خطط أميركية لتعذيب المعتقلين على أراضيها.
وقال التقرير «هل يمكن للاتحاد الأوروبي أن يدعو إلى التسامح في الخارج في الوقت الذي فشل فيه في التعامل مع التمييز بحق الغجر والمسلمين والأقليات الأخرى التي تعيش داخل حدوده».
وخلص التقرير إلى أنه «مع تعثر الولايات المتحدة الأميركية والاتحاد الأوروبي في سجل حقوق الإنسان، تقل قدرتهما في التأثير على الآخرين».
وحثت العفو الدولية أقوى دول في العالم على أن تكون مثلا يحتذى به لباقي الدول، وأن تظهر رؤية عالمية مشتركة وقيادة جماعية فيما يتعلق بحقوق الإنسان، الأمر الذي تفتقر إليه حاليا.
جريدة الصحافه [/ALIGN]