في الأسواق الآن نظارة صينية الصنع توحي عدساتها بأنها طبية، وفي منتصف كل من العدستين هناك كاميرتان دقيقتان يصعب اكتشافهما وفي طرف كل ذراع للنظارة هناك سماعة، وتقوم الكاميرا بالتقاط صور ورقة الامتحان إما بالجملة وإما سؤالا تلو السؤال وبثه الى كمبيوتر صغير (لابتوب)، أو هاتف «ذكي» يحمله الشخص المكلف بتزويد الطالب الممتحن بالأجوبة، فيرسل إجابة كل سؤال صوتيا ويتلقاها الطالب في السماعة الصغيرة ويبدأ في الكتابة والإجابة.. هذا بمقاييس العصر ليست جريمة كبيرة، ففي برنامج من سيربح المليون تستطيع ان تطلب منحك خيار إجابتين لتختار منهما ما تعتقد انه الإجابة الصحيحة، وإذا كان مخك تخين ولم تنفع معك حكاية الخيارين، تستطيع ان تستنجد بصديق تأنس فيه الكفاءة، ولو طلع الصديق «أبو جهل» مثلك، بإمكانك طلب العون من مئات الناس الجالسين أمامك في الاستديو، وهكذا قد تفوز بمليون ريال.. فما البأس في الاستعانة بصديق في الامتحان علما بأن معظم الممتحنين لن يحصلوا على مليون ريال طوال حياتهم العملية.
والعتب هنا ليس على الطالب الذي يشتري تلك النظارة بل على الشركة التي صنعتها لتجعل الغش في الامتحانات ممكنا، والدليل على سوء نيتها هو أنها قامت سلفا بتسريب عدد كبير من تلك النظارات الى الأسواق العربية عبر الأبواب الخلفية، وقد لاحظت خلال زيارتي للندن ولعا عجيبا للسياح العرب بالأجهزة الالكترونية التلصصية، بالتكالب في منطقة كوينز واي على محلات تبيع أجهزة للتنصت على المكالمات الهاتفية وأخرى لتضليل رادارات شرطة المرور وكاميرات جيمس بوند، والتقيت شابا عربيا في لندن ذات صيف، وقال لي إنه يقرأ لي ويتمنى لو يلتقط صورة معي فقلت له ان جعفر عجرم لا يمانع، فوقف الى جانبي وأنا في حيرة من أمر من سيقوم بالتقاط الصورة، فإذا به يضع سيجارة على فمه وهو يبتسم بخبث ثم يشعلها بولاعة/ قداحة ثم يقول: شكرا.. سألته: شكرا على ماذا؟ فقال: شكرا على الصورة وشرح لي ان الولاعة كاميرا تعينه على التقاط صور لآخرين من دون ان يحسوا بذلك، فكرت في ان أنتزع السيجارة من فمه وأحشرها فيه ثانية بالمقلوب.. ذاك شخص مريض دفع الشيء الفلاني ليصور خلق الله (خاصة البنات) من دون علمهن وهذا في حد ذاته دليل سوء نية وطوية.
[EMAIL]jafabbas19@gmail.com [/EMAIL]