يأتي الربيع النبوي وسرادقات الطرق الصوفية قد نُصبت في كل الساحات العامة، مُزينة بأعلامهم الخضراء ومصابيحهم الملونة ودفوفهم التي يتمايل على وقعها المرتادون وألسنتهم لا تفتر من ذكر الله بأسمائه التسعة والتسعين ومدح نبيه المصطفى.
تبدأ الاحتفالات في اليوم الأول بالزفة الرسمية التي تتقدمها جوقة موسيقية وسط حضور رسمي وشعبي، ويكون الإعلان المركزي ببدء احتفالات المولد النبوي في ساحة الخليفة بمدينة أم درمان في العاصمة الخرطوم.
رجال ونساء، شيب وشباب، أصحاء ومرضى يتزاحمون في السرادق موزعين ما بين حلقات الذكر والوعظ والإنشاد الديني ويتنقل بينهم الصبية من موضع إلى آخر وهم يتبادلون حلوى المولد التي تتنافس المصانع المحلية في تصنيعها وجودتها وأشكالها لتلفت انتباه الأطفال والكبار معًا.
وتعتبر حلوى (السمسمية) من أشهر أنواع الحلويات التي يقبل عليها الكبار في هذا اليوم، وهي خلطة من الدقيق والسكر والسمسم، في حين يتلذذ الصغار بحلوى (العروسة) التي تصنع على شكل عروس بفستان زفاف من السكر بجانب حلوى (لكوم) التي ظهر النوع التركي منها هذا العام.
مالك أحد محال الحلويات “حسن شنان” يقول، لمراسل الأناضول، إن “الإقبال كان أكثر هذا العام على حلويات المولد رغم ارتفاع الأسعار”.
وعن الإقبال على الحلوى التركية، قال “إنها ليست معروفة حتى الآن للناس لذلك أفرد لها مساحة خاصة للإعلان عبر لافتة وضعتها على منضدة العرض الرئيسية”.
أما الوجبة الأكثر حضورًا في احتفالات المولد فهي الفتة أو “الثريد” التي توزّع في أطباق كبيرة على الحضور مجانًا وتتكفل بها الطرق الصوفية مع توزيع العصائر المحلية مثل الكركديه.
والفتة هي “عبارة عن قطع صغيرة من الخبز مبللة بشوربة اللحمة التي تطبخ في قدور كبيرة ويتلمس فيها المرتادون بركة شيوخهم الذين يشرفون بأنفسهم على تنظيم الاحتفالات بالمولد النبوي وإكرام زائريهم”.
وتنشط الحركة الدعوية خلال احتفالات المولد ولا تقتصر فقط على الطرق الصوفية والجوانب الدينية البحتة حيث يشارك عدد من منظمات المجتمع المدني التي تعمل في تخصصات مختلفة مثل مكافحة الإيدز وختان الإناث وغيرها من القضايا المجتمعية لتعريف المحتفلين بأهدافها.
واعتادت الطريقة “السمانية الطيبية القريبية” على تنظيم مسابقات للأطفال حيث شملت هذا العام مسابقتين الأولى في الرسم والتلوين لشكل الاحتفال بالمولد والثانية حول السيرة النبوية شارك فيهما 700 طفل فاز منهم 18 وزع عليهم شيوخ الطريقة جوائز وشهادات تقديرية.
وخلافًا للعامين الماضيين لم تشهد احتفالات المولد أي اشتباكات ما بين الطرق الصوفية من جهة وجماعة أنصار السنة المحمدية من جهة أخرى، لكن شيخ الطريقة (السمانية الطيبية البشيرية) أزهري النجار قال لمراسل الأناضول: “إن جماعة أنصار السنة تحاول مصادرة حرية الطرق الصوفية وحقها في الاحتفال بالمولد النبوي وذلك بتعمدها تعلية صوت (الميكروفون) الخاص بها للتشويش على حلقات الصوفية”.
وأضاف “أي مسلم يحتفل بمولد النبي بما يراه مناسبًا، البعض يحتفل بالصيام كما كان يفعل النبي بصيامه يوم الإثنين احتفالاً بمولده وبعثه ونحن نحتفل بالاحتشاد لأن الاحتفال سنة واجبة علينا ونقيم المحاضرات عن السيرة النبوية لأن مولد نبينا هو أصل الوجود”.
وتابع “كل البلدان المسلمة تحتفل بالمولد النبوي بما فيها الدول غير العربية مثل تركيا، إيران، ماليزيا، باكستان والمسلمين بالدول الأوروبية”.
من جهته، قال كامل عمر، نائب رئيس جماعة أنصار السنة المحمدية، لمراسل الأناضول، إن جماعته “تختلف مع الصوفية في أمر العبادة وليس بيننا عداء أو شتم أو إيذاء” واتهم طرف ثالث رفض تحديده بأنه “يعمل لإذكاء نار الفتنة” بين جماعته والمتصوفة.
محمد الخاتمالخرطومالأناضول