الهندي عز الدين : ما تعذبونا يا مهندسين!!

غضبة السيد “مبارك الفاضل المهدي” على زعماء أحزاب المعارضة بالداخل (“السيد الصادق”، الدكتور “الترابي”، مولانا “الميرغني” و”أبوعيسى” و”الخطيب” والبقية) بسبب انسحابهم وتبرؤهم من “ميثاق كمبالا”، ووصفه لهم بالخوف من بطش الحكومة، يؤكد أن توقيع بعض المحسوبين على تلك الأحزاب على الوثيقة، لم يكن (تاكتيكاً)، لا من الأحزاب، ولا من (الجبهة الثورية) وفصيلها الأساسي (قطاع الشمال).
{ لقد كان ذلك مظهراً من مظاهر حالة (السيولة السياسية) التي تعاني منها جميع الأحزاب، بما في ذلك (المؤتمر الوطني). وهو فوق هذا وذاك صراع بين (السياسيين) ومن يحسبون أنفسهم (ثوريين) داخل تنظيمات وتشكيلات المعارضة السياسية والعسكرية.
– 2 –
{ قام السيدان، النائب (الأول) و(الثاني) لرئيس الجمهورية، بجولة أفريقية واسعة، سلّما خلالها عدداً من الرؤساء الأفارقة رسائل من الرئيس “البشير”، ويبدو أن تلك الرسائل متعلقة بتأمين موقف السودان خلال القمة الأفريقية التي تحتضنها “أديس أبابا” هذا الشهر. حصاد الزيارات (الماكوكية) سيظهر في مداولات القمة وبيانها الختامي.
{ ورغم أنني لا أثق في (القادة الأفارقة)، وقد أكدت التجارب خذلانهم للسودان في غير ما مرة، وأشهرها قمة الخرطوم التي تأبُّوا فيها علينا بالرئاسة، بأمر أمريكي، إلا أن حالة (الضغط الأمريكي) على السادة (الأفارقة) تبدو في أضعف حالاتها هذه الأيام، لانشغالات داخلية متعلقة بتشكيل الإدارة الأمريكية الجديدة، وهذا ما يدفع للتفاؤل بنتائج أفضل.. و(الموية تكضب الغطاس).
– 3 –
{ من غرائب وعجائب نظام العمل في بعض مرافقنا الحكومية، ما تقوم به إدارة الصيانة التابعة لهيئة الطرق بولاية الخرطوم، إذ (لا) ينشط مهندسو ومشرفو وعمال صيانة الطرق في عمليات (ترقيع) الشوارع ومعالجة (الحفر)، إلا في أوقات ذروة المرور وازدحام الطرقات عند خروج الموظفين من أعمالهم!!
{ سألت أحد العمال بشارع “علي دينار” بمنطقة “الخرطوم شرق” قبل أيام: (لماذا لا تعملون في الصباح الباكر أو الليل أو أيام العطلات؟!) فرد عليَّ بكل تبجح، وهو يضع رجلاً على رجل فوق إحدى الآليات: (عشان شنو؟). وأثناء مروري سمعت المهندس المشرف يقول لسائق شاحنة الصيانة طالباً منه فتح الطريق: (يا فلان عليك الله ما تعذبني).. فيرد السائق بذات اللغة والأسلوب، بل أشد فظاظة: (وإنت يا باشمهندس برضو ما تعذبني)!!
{ لدينا أزمة كبيرة في السودان، تضاف إلى أزمات دارفور، وجبال النوبة، والأزمة الاقتصادية، وشح النقد الأجنبي، هي عدم احترام (التراتبية) في الخدمة المدنية بالسودان. السائق يرفع صوته على المهندس، والمهندس (يدق التربيزة) للمدير العام، والمدير العام يخاطب الوزير بلغة (كان ما عاجبك أرفدني)، خاصة إذا كان المدير (مسنوداً)، والوزير (صورة)!! بل قد تجد موظفاً (فنطوط) يرفض تنفيذ قرارات رئيس الجمهورية، وليس المدير العام، إذ يمكنه أن يرد عليك ببرود إنجليزي: (خلي الرئيس يجيب لينا قروش عشان نصرف ليك)!!
{ (بتاع البنشر) يجلس داخل المحل بعيداً عن (ماكينة الهواء)، فإذا طلبت منه تعبئة أحد اطارات السيارة، ساعة (صحن بوش)، يرد عليك بطريقة كبار اختصاصي الباطنية في السودان: (عاوزين نفطر يا معلم.. انزل زيد الهوا.. لو بتعرف)!!
{ ما تفعله إدارة الصيانة جزء من (تهتك) سلوك الخدمة العامة في السودان، فالواجب بل المفروض، ولتجويد العمل، دعك من راحة مستخدمي الطريق، أن تتم أعمال الصيانة (ليلاً)، أو (فجراً)، أو في أيام العطلات، على أن تدفع الولاية لهم (بدل العطلات) والأجر الإضافي.
{ هم أصلاً (روحهم محرقاهم) من بؤس المرتب وشدة الفلس!! لا تستكثروا عليهم ملاليم (الأجر الإضافي)، وتستمتعوا إنتو ببدل السفريات عابرة القارات.
{ وما تعذبونا يا باشمهندس.
صحيفة المجهر السياسي
Exit mobile version