السودان فقيرا تحت حكم الانقاذ «منذ 23 عاماً».. الحكومة تدعم نفسها بمليشيات مدنية وحاربت رجال الأعمال الوطنيين واعتمدت على المضاربات والسمسرة

[JUSTIFY]بعد زيارة مدينتين كبيرتين بالسودان، هما بورسودان، مدخلها الشرقى على البحر الأحمر، والخرطوم، العاصمة، تظن- إن لم تكن تعرف- أن هذه بلدا أوقعه حظه العاثر فى إدارة غير رشيدة، وحصار دولى، وأطماع غربية، دفع ثمنها وحدهم السودانيون دون النظام، فتم العصف بمقدراتهم، وأساء استخدام مواردهم، نتيجة تخبط قراراته، وإزاء دولة غنية كبيرة بحجم السوادن، بثروته الكبيرة الحيوانية، وأراضيه الزراعية، وثروته المعدنية والتعدينية الممتدة إلى مناجم الذهب الموجودة فى شمال شرق السودان، بولاية البحر الأحمر، إحدى ولايات السودان، البالغ عددها 16 ولاية، بعد انفصال جنوب السودان بعشر ولايات كاملة، تضم ضمن ما تضم الثروة النفطية التى تقدر بـ85% من احتياطى النفط للسودان قبل الانفصال عام 2011.

لكن بمجرد الحديث مع أبناء بورسودان، غير الموالين لتيار الحزب الحاكم، المؤتمر الوطنى، الذى يرأسه عمر البشير، رئيس جمهورية السودان، تكتشف كيف استطاع الأخير بعد وصوله للحكم عام 1989 بانقلاب عسكرى قاده بمشاركة الجناح الإخوانى فى السودان، ويمثله «حسن الترابى» المولود فى ولاية كسلا عام 1932، تكتشف كيف نجح الإسلاميون فى إفقار السودانيين، و«هبش» جيوبهم، كما يقول أهل المدينة، وضعضعة أحوالهم لإذلالهم، وإبقائهم خاضعين لسيطرتهم، باسم الدين والإسلام. وعلى الرغم من مرور 23 عاما على وصول البشير إلى الحكم بانقلاب 1989 الذى أطاح بحكومة الصادق المهدى الديمقراطية، بمعاونة الإسلاميين، وهو ما يعتبره سودانيون أشبه كثيرا بمشهد تولى الرئيس محمد مرسى الحكم بعد فترة المجلس العسكرى، بالرغم من الانتخابات الرئاسية، على الرغم من ذلك لم تكف الصحف السودانية عن وصف حكومة البشير بحكومة الذهب الوفير، والتنمية والكهرباء، وذلك فى صدر مانشيتات الصحف الحكومية السودانية الموالية، والتى اعتبرت نهاية عام 2012، بداية للخير الوفير، بعد إنجاز تعلية سد الرصيرص، وهو الإنجاز الذى اعتبرته الصحيفة أحد أهم إنجازات البشير هذا العام.

لكن على الأرض لم يكن المشهد بهذه الرومانسية الحالمة التى صورتها صحف النظام، حيث كانت معاناة السودانيين بادية فى مشاهد عديدة. خلال عشرة أيام قضيتها بين بورسودان والخرطوم، فى الفترة من 29 ديسمبر حتى 8 يناير الجارى، كان على رأس مشاهد المعاناة اعتصار أزمة الدولار وارتفاعه فى مواجهة الجنيه، ليصل خلال الأيام الأولى من العام إلى 7.10 جنيه سودانى، باعتراف صحيفة الرأى العام السودانية، فى صدر صفحتها الأولى فى عددها الصادر يوم الأربعاء 2 يناير، ولم تخل صفحات نفس الصحيفة من إشارات على استحياء لأزمات داخلية، كان أبرزها ضعف رواتب النواب البرلمانيين، والتى نقلتها الصحيفة عن عضو البرلمان، أحمد حسن كمبال، عن دوائر بورسودان – حيث كنت – والذى اشتكى من ضعف رواتب البرلمانيين السودانيين، والتى تقل عن 500 دولار، أو3500 جنيه سودانى.

وأشار النائب فى تصريحاته للصحيفة إلى أن أساتذة الجامعة يهددون بالهجرة، نتيجة ضعف رواتبهم، وهو ما انتقده البرلمانى كمبالا، مشددا على ضرورة دعم العمال، وزيادة رواتبهم.
وإذا كان البرلمانيون يشكون تردى رواتبهم، وضعفها بالمقارنة مع رواتب برلمانيين أفارقة، وإذا كان أساتذة الجامعة يهددون بالهجرة، فماذا يفعل غالبية السودانيين، وهم السواد الأعظم، العاملين فى باقى قطاعات الدولة، ومنها الزراعة، كما فى ولاية القضارف، المتاخمة للحدود الأريترية، وكذلك السودانيون العاملون فى قطاع الجمرك والموانى، كما فى بورسودان، أو القطاع الحكومى، كما فى باقى الولايات، ومنها الخرطوم، أو غيرها من الأعمال.

1 – التمكين والسيطرة على مفاصل الدولة بأهل الثقة ومثلما يحدث الآن فى مصر، من إقصاء للكفاءات عند تولى المناصب، وتقريب أهل الثقة، المحسوبين على جماعة الإخوان المسلمين المصرية، وأخونة مفاصل الدولة و«ركبها»، عبر ما يعرف بالتمكين، حدث فى السودان منذ 23 عاما، بعد اعتلاء الإسلاميين السلطة للمرة الأولى، بعد انقلاب البشير على حكومة الصادق المهدى، والتى لم تحكم السودان سوى 4 أعوام فقط، فى الفترة من 1985 حتى 1989، وحسبما يؤكد «س. ص» أحد أبناء قبيلة العبابدة، والذى التقيته فى بورسودان، لم تعرف السودان موجات إفقار وتجويع مثلما عرفتها فى حكم الإسلاميين الذين عملوا منذ تسلّمهم السلطة بالتحالف مع «الترابى» مؤسس جبهة الميثاق الإسلامية التى تحمل أفكار جماعة الإخوان المسلمين، والذى يعتبر أيضا صورة طبق الأصل من صور قياداتها فى مصر، فالترابى تعرض للسجن فى الستينيات، حينما قاد جعفر النميرى انقلاب عام 1969، ثم تصالح معه فى السبعينيات، فأطلق سراحه عام 1977، وحينما قاد السودانيون انتفاضتهم الحرة عام 1985 بقيادة الصادق المهدى، وأسقطوا النميرى، لم يفز الترابى فى الانتخابات البرلمانية، وظل يعمل سرا ضد المهدى، حتى قاد مع البشير انقلابا عسكريا، أطاحا فيه بالديمقراطية السودانية الوليدة، لتبدأ معاناة السودانيين مع الإنقلابيين الذين تستروا بعباءة الدين فى تحويل البلد إلى ضيعة خاصة بهم طوال 23 عاما. 2 – الميليشيات المدنية الداعمة لنظام البشير بدأ البشير حكمه للبلاد مدعما بجماعته من الإسلاميين الموالين له. يقول «س. ص»: «هذه الجماعات استحوذت على كل شئ، وكيف لا وهم الآمرون الناهون، تم إقصاء كل من لا ينتمى لهم، أو لا يدين على الأقل بالولاء لهم، وإسكات الأقباط، وتقريب أهل الثقة، واستبعاد أهل الكفاءة. اليوم لا تجد الرجل المناسب فى المكان المناسب فى السودان، فى أى مصلحة حكومية أو أى وزارة، هكذا جرى تركيع السودان للإسلاميين، وهكذا غرقنا فى الفقر».

ويضيف «س. ص»: «اعتمد البشير فى الحكم على ميليشيات مدنية تحميه، وتقوى ظهره، لا تنتمى إلى القوات المسلحة، أو الشرطة، لكنها منظمة تسكت أصوات معارضيه، وتتصدى لهم، لا يرتدون ملابس مميزة لهم، لكنهم يتحركون تبعا لتوجهات النظام».

بالبحث فى صفحات المواقع السودانية عن الميليشيات، ودورها فى تثبيت الحكم الإخوانى السودانى فى السلطة، وحماية البشير، وجدت إفادات لطلاب من جامعة الجزيرة، منشورة على موقع مركز أخبار السودان، تؤكد دور ميليشيات البشير فى التصدى لمظاهرات الطلاب التى اندلعت بالجامعة، والتى اتسمت بالسلمية، لكن ميليشيات البشير تصدت لها وطاردتها بالسيارات، لفضها بالقوة، على غرار ما حدث فى قصر الاتحادية، وبجوار هذه الإفادات، نشر الموقع خبرا قال فى نصه: «أخطر ما يقوم به نظام البشير، توطين الجنجويد من العرب الوافدين من النيجر وتشاد ومالى وموريتانيا فى دارفور، وفى النيل الأزرق»، فيما يشير إلى اتباع النظام السودانى الحاكم إجراءات تفضيل توطين الموالين له من البلاد الأخرى بأراضى المواطنين الأصلية، على غرار ما يسرى من شائعات فى مصر عن منح الجنسية المصرية لفلسطينيين، وكذلك توطينهم فى رفح والعريش، فيما يعرف بمشروع دولة غزة الكبرى.

3 – معركة الحد الأدنى من الأجور ورفع الدعم عن السلع الأساسية ونتيجة تعمد النظام الحاكم فى السودان تجاهل الطبقة المسحوقة من قراراته الاقتصادية التى صبت فى معظمها فى صالح الطبقة الغنية التى تكونت من رجال الأعمال السودانيين المحسوبين على النظام، أو غيرهم من الأفراد الذين أثروا بغتة نتيجة عضويتهم فى حزب المؤتمر الوطنى الحاكم، وكذلك نتيجة اتجاه الكثيرين منهم للمضاربة والسمسرة، وعدم إقامة نظام اقتصادى قوى يعتمد على الصناعة والزراعة- تجددت معركة رفع الدعم عن السلع الأساسية بعد 23 عاما من الحكم الإسلامى فى السودان، حيث سحبت الدولة يدها من دعم خدمات الكهرباء للمواطنين، وجعلتهم يتعاملون مع الشركات الاستثمارية للسودانيين الذين تبيع لهم الكهرباء، مثلما تبيع شركات التليفون المحمول كروت شحن الرصيد. كنت على موعد فى ليلتى الثانية فى بوسودان مع هذه المفاجأة، إثر انقطاع الكهرباء فجأة فى الشقة التى استأجرتها، قلت فى نفسى وماله، الكهرباء بتقطع فى مصر، مش هتقطع فى السودان! ثم بعد لحظات، أدركت أن الظلام من نصيب شقتى فقط، بعدما تناهى إلى سمعى أصوات أجهزة التكييف عند جيرانى. هاتفت صاحب البيت، فسألنى: «إنت اشتريت كهرباء؟» بوغت، ولم أفهم السؤال، أجبته بقولى: «لو عرفت إنى لازم أشترى كهرباء كنت اشتريت»، فوجدته يقول: «هشترى لك بعشرين جنيه»، قلت: «ودول يكفونى قد إيه، اشترى بخمسين طيب».
واشترى أسعد، صاحب البيت الذى اسـتأجرت منه إحدى شققه، بخمسين جنيها كهرباء. كان كارت شحن رصيد العداد يحوى رقما مكونا من 12 رقما، بمبلغ خمسين جنيها قيمة 192 كيلووات، وكان مبينا بالورقة أن سعر الكيلووات يبلغ 26 قرشا. هكذا تخلى النظام عن دعم أهم الخدمات الأساسية للسودانيين، وعلى الرغم أن البشير اعتمد رفع الحد الأدنى للأجور للسودانيين، ليصل إلى مبلغ 425 جنيها، فإن معركة رفع الدعم عن الوقود لم تزل مستمرة، خاصة بعد تقديم وزير المالية السودانى الموازنة للبرلمان، دون تعديل بند الأجور، وهو مارفضه اتحاد نقابات العمال السودانى، وهددوا بإضراب عن العمل إذا صادق البرلمان على هذه الموازنة فى 19 يناير الجارى، حيث برر وزير المالية رفضه زيادة الأجور بالحاجة إلى رفع الدعم عن السلع الأساسية، ومنها الوقود، وكان البشير نفسه، قد اقترح هذه الخطوة فى مارس العام الماضى. 4 – محاربة رجال الأعمال الوطنيين لإفساح المجال أمام رجال أعمال النظام منذ وصل الإسلاميين إلى السلطة، بعد انقلاب البشير عام 1989 على الصادق المهدى بمعاونة الترابى، عملوا على محو كل ما يمكن أن يذكر السودانيين بأمجادهم السابقة، وحياتهم المرفهة التى سبقت حكمهم، متسترين بغطاء الدين، وتصنيف المواطنين فيه على أنهم مسلمون، أو غير مسلمين، كما يقول، «ت. إلياس» أحد السودانيين الذين التقيتهم فى مدينة سواكن، إحدى مدن ولاية البحر الأحمر، جنوب بورسودان، والذى يعمل فى مساعدة الأتراك الذين يرممون الميناء القديم بالمدينة. يقول إلياس: «بعد وصولهم للحكم، ظهر جليا عدم إيمانهم بالمكونات الأساسية للدولة، أو حدودنا، أو حقوق أقلياتها، وإن عزفوا فى خطاباتهم على هذه المعانى جميعا، كنوع من أنواع المراوغة السياسية، حتى يتمكنوا منها، ويستمروا فى خططهم الرئيسية، فنظروا إلى السودان على أنه بلد تربى على أساس خاطئ، فصنفوا أهله على أنهم مواطنون مسلمون وغير مسلمين، ثم عادوا لتصنيف المسلمين على أنهم مسلمون إخوانيون، ومسلمون غير إخوان، كما نظروا إلى الولايات السودانية حسب نسبة المسلمين فيها. وبهذا التصنيف خرج الجنوب من حسبتهم نهائيا، مما جعلهم يتخلون عنه فى النهاية بكل بساطة، فهو لا يهمهم. وكانت محاربة رجال الأعمال الوطنيين أكبر مجهوداتهم فى طريقهم نحو إفقار السودانيين وإذلالهم، حتى يخضعوا تماما لسيطرتهم، ومن أكبر الأمثلة على خطا النظام فى تدمير الصناعات اليومية، ما حدث لرجل الأعمال الراحل مصطفى أمين الذى بدأ كفاحه بدكان متواضع فى منطقة شركيلا، ثم بدأ يصدر الذرة إلى مصر، ثم تطورت أعماله فأنشأ عصارات للزيوت، وأصبح صاحب مجموعات صناعية ضخمة، تصدر زغب القطن للمصانع الحربية المصرية، وتطور فى صناعة الصابون وغيره، فعمل النظام بعد مجيئه إلى السلطة على تفتيت هذه الإمبراطورية الصناعية بين ورثة مصطفى الأمين الذى توفى عام 1988، ثم ضربهم ببعضهم البعض، حسبما يشير إلياس، وإدخالهم فى صراعات عائلية بددت ثروتهم.

وحسب مواقع سودانية معارضة، وعلى رأسها موقع حركة وجيش تحرير السودان، فإن رجال الأعمال السودانيين اتجهوا منذ فترة وقبل نهاية عام 2012 إلى بيع ممتلكاتهم فى الخرطوم، وتصفية أعمالهم، وتهريب أموالهم خارج السودان إلى ماليزيا، وتركيا وغيرهما، بعد معاناتهم من سياسات اقتصادية تمييزية طاردتهم لمصلحة محاسيب نظام البشير وحزبه، المؤتمر الوطنى، حيث ضيق النظام الخناق على رجال الأعمال الذين وصفهم موقع جيش تحرير السودان بتعطيل العقود والعطاءات، والتسهيلات المصرفية، وإضعاف كواهلهم بالضرائب، ثم شن حملات أمنية وحكومية ضدهم، وتحميلهم وزر الأزمات الاقتصادية الناجمة عن السياسات الحكومية، بل تلطيخ سمعتهم تجاريا، على مرأى ومشهد الرأى العام. فى المقابل يربح الموالون من رجال نظام البشير من تفاقم الأزمة الاقتصادية الطاحنة، بالمضاربة فى السلع الأساسية وتخزينها، لحين ارتفاع أسعارها، والمضاربة فى العملات، وشراء ممتلكات وعقارات رجال الأعمال الخاسرين، على نحو ما يحدث فى مصر الآن التى يستفيد فيها من ارتفاع سعر العملة رجال الأعمال الإخوان، أصحاب شركات الصرافة.

5 – قوانين البكور والتأصيل والتوالى.. لإلهاء السودانيين وتدمير حياتهم وصرفهم عن فساد الحزب الحاكم

مثلما يحدث فى مصر الآن من بدع يبتدعها رموز الإخوان، وقيادات حزب الحرية والعدالة، يفتعلون بها قضايا غير جادة، يشغلون بها الرأى العام لصرف انتباه المواطنين عن تحركات أخرى تحدث داخل الغرف المغلقة، تتعلق وترتبط بمعايشهم الأساسية، والتى كان آخرها دعوة عصام العريان، نائب رئيس حزب الحرية والعدالة، يهود مصر للعودة مرة أخرى إلى مصر، لإفساح المجال أمام الفلسطينيين، وما صحب هذه الدعوة من صخب وجدل شغل أوقاتا من حياة الناس، وساعات تليفزيونية وبرامج وحوارات، كان من الأولى أن يتم توجيهها لمناقشة حلول الأزمة الاقتصادية الراهنة، وكذلك مناقشة قانون الانتخابات البرلمانية، سعى رموز السلطة السودانية فى نظام البشير لابتداع قوانين تلهى السودانيين عن حقيقة ما يحدث فى أروقة النظام الحاكم، ومن هذه القوانين ما يعرف بقانون البكور، حسبما أشار عبدالعظيم مسعود، مزارع من القضارف، التقيته فى بورسودان بالصدفة على الكورنيش، وجاء إلى المدينة المطلة على البحر الأحمر ليراه لأول مرة فى حياته، حيث تقع ولاية القضارف على الحدود مع دولة إريتريا، ويعمل معظم أهلها فى الزراعة، وما أن بدأنا فى الحديث عن أحوال السودان تحت حكم الإخوان، حتى أبدى عبدالعظيم استنكاره لما شهدته البلاد من مفارقات عجيبة تحت حكم الإسلاميين، وكان إصدارهم للقوانين العجيبة أكبر سبب فى تعكير حياة الناس، وإدخالهم فى موجات من التخبط و«العكننة». يقول عبدالعظيم: «ابتدعوا بدعة غريبة اسمها قانون البكور، أى أن الأصل فى الدين أن يبدأ الإنسان حياته بعد صلاة الفجر، طبعا تكون الدنيا غارقة فى الظلام، فى هذه الأوقات، لكنهم أجبرونا أن نذهب مبكرا إلى أعمالنا، وأجبروا الأطفال على الذهاب مبكرا بعد الفجر إلى مدارسهم، تخيل، بل قدموا التوقيت ساعة مخصوص ليتوافق مع هذا القانون».

ويضيف عبدالعظيم: «طبعا تسبب ذهاب الأطفال مبكرا إلى مدارسهم، وفى جنح الليالى، فى تعرض بعضهم للنهش بواسطة الكلاب، ووقعت حوادث مروعة، وتم إلغاء القانون بعد احتجاجات ومظاهرات بالغة، لكن بعد إيه، بعد أن غرقت البلاد فى الدم».

وكان من القوانين التى اخترعها الإسلاميون لضرب وتفرقة خصومهم، قانون يسمى بقانون التوالى، لا أحد ممن حدثتهم يعرف بالضبط معنى هذا القانون، ولكنه يتعلق بخوض الانتخابات البرلمانية، ليس على أساس القائمة، أو على أساس الفردى، لكن «بالتوالى» وهو ما حير الأحزاب، وجعلها تتشتت، وتتخبط فى قراراتها، وفى النهاية أغدق النظام بعض المقاعد على بعض الأحزاب لاسترضائها، واحتواء غضبها من القانون غير المفهوم.

أما ثالث القوانين التى ابتدعها الإسلاميون السودانيون ليمرروا بها عيشة مواطنيهم، من «المرارة»، فكان قانون «التأصيل»، حسبما يشير عبدالعظيم الذى وضعوه لإيجاد أصل فى الشريعة والدين لكل جوانب الحياة، ولكن تطبيق هذا القانون على الحياة الفعلية للناس واجه متاعب لا حصر لها، كان أبرزها عندما حاولوا تطبيقه على لاعبى كرة القدم، وإطالة «شورتاتهم» وجعلوا منهم أضحوكة فى الملاعب، وطبعا أشياء كثيرة تعرضت للمراجعات، على أثر هذا القانون، وتم وقف تطبيقه نتيجة استحالة مسايرته الحياة المعاصرة.

اليوم السابع المصرية – وجدي الكومي [/JUSTIFY]
Exit mobile version