الكسرة .. أضحت أدام الأغنياء وحلم الفقراء

بعد أن كانت الخبز الشعبي المفضل في الموائد السودانية وواحدة من أهم الأطباق السودانية في مائدة سائر الأهل في الأفراح والأتراح؛ لتعلق الكثيرين بهذا الخبز الشعبي منذ زمن بعيد على النطاق المحلي والخارجي؛ بعد أن ترحلت ثقافة السودانيين الغذائية معهم إلى خارج البلاد لعدم تنازلهم عنها، الكسرة أو (الرهيفة) هذا الخبز الشعبي الذي عرف به أهل السودان خاصة وسط القطاعات الشعبية، أضحت خارج المائدة السودانية بسبب الغلاء وارتفاع ثمن الشراء، حيث هرولت منه الاسر محدودة الدخل بسبب الغلاء والضائقة المالية وانخفاض الدخل للسواد الأعظم من الشعب، على الرغم من أن الكسرة كانت في السابق من أرخص الأصناف في المائدة، ولكن بمرور السنوات انقلب الأمر وتبدلت الثقافة الغذائية بأخرى يراها الكثيرون هي الأرخص بعد ان أصبحت الكسرة أغلى وجبة باهظة الثمن بعيدة عن متناول اليد الا للفئات ميسورة الحال التي لا تتأخر في الشراء. اما الطبقة الفقيرة فاتجهت نحو ثقافة جديدة بشراء الرغيف لتراجع ثمنه بمعدل كبير مقارنة بالكسرة، حيث لا يمكن للأسرة البسيطة شراء كمية قليلة من الكسرة لتسد حاجتها بـ10 جنيهات في الوقت الذي تشتري فيه ذات الاسرة رغيفاً بـ5 جنيهات يكفي الجميع، على الرغم من أن المعلومات تشير لوجود العديد من السكريات والنشويات والكربوهيدرات وبعض الفايتمينات بها، كما ان الطبيب يوصي بنوع منها لمرضى الضغط والسكري والقولون، الا ان غلاء ثمنها طردها بعيداً عن كثير من الاسر رغم دعوة وزير المالية في اطار السياسة التقشفية بتناول الكسرة، واعتبر وقتها الكثيرون حديث الوزير بعيد عن الواقع المعاش وبعيد عن التصورات لارتفاع سعر شراء الكسرة وحبوب الذرة السودانية التي يصل سعر الجوال منها في بعض الاحيان الى 400 جنيه، ولذلك تركت كثقافة ووجبة مفضلة لحصارها بسبب ارتفاع السعر.
خديجة علي – ربة منزل بمنطقة السلمة قالت ان الكسرة بعد ان كانت صنفا مهما لديهم في المائدة اختفت بسبب غلاء ثمنها وعدم مقدرة الاسرة على شرائها بعد ان اصبح جوال الذرة غالي الثمن. وتقول خديجة لقد ربيت اولادي بالكسرة وهي وجبة نحبها جميعاً ولا يرفض اكلها كل من في الدار، كما كنا نقدمها لضيوفنا القادمين الينا، ولكن اليوم اصبحنا لانستطيع ذلك، وقد بدلنا اكلها بالخبز العادي لأنه ارخص ثمناً ولا نشتري الكسرة الا يوم الجمعة على الرغم من اننا كنا نصنعها في المنزل في السابق كل يوم، ولكن اليوم نشتريها عندما نشتهيها، وما ابعدنا عن صنعها هو الثمن الغالي، ولكن اذا رخصت الذرة سنعود مرة اخرى لصنعها من جديد. وتقول خديجة فارقنا الكسرة كما يقول المثل السوداني (فراق الطريفي لي جملو) الى ان يقضي الله امراً كان مفعولاً، ولكن ستظل الكسرة هي المحببة لدينا من تناول خبز القمح، لأننا تعودنا عليها وتربينا بها خاصة نحن كبار السن، فمنذ الطفولة هي وجبتنا الاساسية، ونتمنى ان يعود إلينا هذا الطبق مرة اخرى ضمن الاصناف في المائدة السودانية رئيسياً كما كان.
أما رقية آدم – بائعة كسرة- فتقول: الكسرة هي مصدر الرزق الذي أعتمد عليه بشكل كبير في حياتي، ولكن مؤخرا قل عدد المرتادين لشرائها بحجة غلاء ثمنها، ولكن حقيقة سعر الذرة أصبح غالياً لذلك ارتفع ثمنها عكس ماكان في السابق، فقد كانت من ارخص السلع ولكن اليوم لا يستطيع شراء الكسرة الا المقتدرون، فقد تحول زبائني من طبقة عادية إلى طبقة مقتدرة تستطيع شراء الكسرة دون حجة..

الخرطوم: زحل الطيب

Exit mobile version