اذن لا يمكن ان تحل أزمة دارفور بإغراءات (المناصب)، بل إن المناصب تتحول حينها الى (مصائب) يستفيد منها من تم تنصيبهم ولا تستفيد منها دارفور وشعبها أي شيء!!
من حق الدارفوريين ان يكون من بين ابنائهم نائب الرئيس؛ وبل الرئيس نفسه، شريطة ان لا يكون الأمر من باب معالجة الأخطاء بأخطاء اكثر منها فداحة !
للحقيقة؛ تشعرني الحكومة في أحيان كثيرة بأنها لا تستفيد من أخطائها السابقة، ولا تبتعد عن الحُفر التي عانت من مطباتها، بل إن الحكومة تُلدغ من ذات الجحر ألف مرة؛ رغم ان الحديث الشريف يقول (لا يلدغ المؤمن من جحر مرتين) فهل هي حكومة غير مؤمنة ام مغضوب عليها من رب السموات العظيم؛ للدرجة التي يعمي فيها بصرها وبصيرتها، مرارا وتكرارا عن اختيار سالك الطريق الصحيح للخروج من الأزمات والمشكلات المستعصية؟!
قال مستشار الرئيس؛ مسؤول ملف دارفور في حديث اوردته وكالة الأنباء سونا أول امس: إن (الحكومة وافقت على إعطاء دارفور منصب نائب رئيس الجمهورية حتى انتهاء الفترة الانتخابية، على ان لا يضمن في دستور السودان الدائم”. وتنتهي هذه الفترة الانتخابية عام 2015)!
ومن يقرأ هذا الحديث يخال أن الحكومة قد هتفت (وجدتها وجدتها) بحسبان ان في ذلك المنصب المغري إرضاء لأهل دارفور وإنهاء للاشكالات القائمة!
في اعتقادي أن أبناء دارفور لو كانوا طلاب سلطة وكانت مشكلتهم هي إعطاء احد حركاتها المسلحة منصب نائب الرئيس لكان الأمر أهون من جناح بعوضة، ولانتهى بأسرع ما يمكن، ولكن..!!
المشكلة في دارفور ستظل قائمة حتى لو تم اختيار احد أبنائها (رئيسا) لأن الأمر ليس مسألة عصا سحرية يتم بها تحويل الخراب عمران، والعطش رواء، والجوع شبع، والتشريد استقرار، بل إن الامر يتطلب تكاتفا للجهود لوضع الحلول الناجعة لأزمة دارفور بشكل يضمن التقاء أبنائها أولا على قلب رجل واحد، ونصب اعينهم دارفور وشيوخها وأطفالها ونسائها وشبابها وتنميتها وتعمير خرابها وتأمين روعها وتطمين فزعها، واستقرار أرضها!
دون الولوج لقلب الأزمة الحقيقية في دارفور سيظل الجدل البيزنطي وسياسة العصا والجزرة و(توم اند جيري) التي تتبعها الحكومة مع الحركات المسلحة في دارفور، الأمر الذي يجعلهم رافضين لإغراءات الحكومة بالمناصب، كما قال ترايو المتحدث باسم حركة تحرير السودان (جناح مناوي) رافضا عرض الحكومة، وقوله (هذه ليست القضية الاساسية والأمر ليس في إطلاق وعود)!!
وقد تقبل احد الفصائل الدارفورية عرض الحكومة، وقد يرفض الجميع، وفي كل الحالات تظل الحكومة تدور في دائرة مفرغة لا طائل منها ولا حلول جذرية؛ لأن الحلول الجذرية تعني حل الأزمة مهما تطلب ذلك من تضحيات جسام؛ المهم ان يكون الحل (نهائيا) في آخر المطاف فهل ذلك حلم بعيد؟!
و
لك الله يادارفور الطيبة!
نادية عثمان مختار
مفاهيم – صحيفة الأخبار – 2011/7/1
[email]nadiaosman2000@hotmail.com[/email]