وهي إرادة الشيء،، فإذا قيل رغب فيه وإليه اقتضى الحرص عليه، وإذا قيل رغب عنه اقتضى صرف الرغبة عنه والزهد فيه، قال تعالى:[ ولو أنهم رضوا ما آتاهم الله ورسوله وقالوا حسبنا الله سيؤتينا الله من فضله ورسوله إنا إلى الله راغبون] وقال تعالى:[ سابقوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها كعرض السماء والأرض أعدت للذين ءامنوا بالله ورسله ذلك فضل الله يوتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم]وقال تعالى:[ فإذا فرغت فانصب، وإلى ربك فارغب] وعن أبي هريرة رضي الله عن النبي ص قال:{ إذا سمعتم نهاق الحمير فإنها رأت شيطانا فاستعيذوا بالله من شر ما رأت }وعن البراء بن عازب رضي الله عنه أن رسول الله ص قال:{ إذا أخذت مضجعك فتوضأ وضوءك للصلاة، ثم اضطجع على شقك الأيمن ثم قل: “اللهم إني أسلمت وجهي إليك ، وفوضت أمري إليك ، وألجأت ظهري إليك، رغبة ورهبة إليك، لا ملجأ ولا منجا منك إلا إليك، آمنت بكتابك الذي أنزلت، وبنبيك الذي أرسلت، “واجعلهن من آخر كلامك، فإن مت من ليلتك مت وأنت على الفطرة} قال: فرددتهن لأستذكرهن فقلت: آمنت برسولك الذي أرسلت، قال ص :{ قل: آمنت بنبيك الذي أرسلت} الرغبة إلى الله تقتضي الإكثار من العبادات والقربات ، وأن سير العبد إلى ربه ينبغي أن يكون بين الرغب والرهب كما وصف الله صفوة خلقه بقوله:[إنهم كانوا يسارعون في الخيرات ويدعوننا رغبا ورهبا وكانوا لنا خاشعين] والرهب – بتشديد الراء مع ضمها – والرهب -بفتح الراء- : مخافة من تحرز واضطراب ، قال تعالى:[ يا بني إسرائيل اذكروا نعمتي التي أنعمت عليكم وأوفوا بعهدي أوف بعهدكم وإياي فارهبون] وقال تعالى:[ ومن يعص الله ورسوله ويتعد حدوده يدخله نارا خالدا فيها وله عذاب مهين] وقال تعالى:[ ولما سكت عن موسى الغضب أخذ الألواح وفي نسختها هدى ورحمة للذين هم لربهم يرهبون] وقال:[ وقال الله لا تتخذوا إلهين إثنين إنما هو إله واحد فإياي فارهبون] وقال تعالى في صفة أنبيائه:[إنهم كانوا يسارعون في الخيرات ويدعوننا رغبا ورهبا وكانوا لنا خاشعين]وعن النعمان عن النبي ص قال:{ إن أهون أهل النار عذابا يوم القيامة لرجل توضع في أخمص قدميه جمرة يغلي منها دماغه}وعن سفيان في قوله تعالى:[ ويدعوننا رغبا ورهبا]قال:” رغبة فيما عندنا، ورهبة مما عندنا، وكانوا لنا خاشعين، قال:الخوف الدائم في القلب] الرهبة من العبادات القلبية العظيمة التي تورث خشية الله تعالى في السر والعلن، وهي سبب للأمن من الفزعالأكبر يوم القيامة.من أفضل ما عرف به الزهد ، ما قاله شيخ الإسلام إبن تيمية:” الزهد المشروع:هو ترك الرغبة فيما لا ينفع في الدار الآخرة،وهو فضول المباح التي لا يستعان بها على طاعة الله،،فأما ما ينفع في الدار الآخرة،فالزهد فيه ليس من الدين بل صاحبه داخل في قوله تعالى[يأيها الذين آمنوا لا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين]كما أن الإشتغال بفضول المباحات هو ضد الزهد المشروع، فإذا اشتغل بها عن فعل واجب أو فعل محرم كان عاصيا ،وإلا كان منقوصا عن درجة المقربين إلى درجة المقتصدين”
قال الله تعالى في سياق قصة سيدنا يوسف عليه السلام:[وشروه بثمن بخس دراهم معدودة وكانوا فيه من الزاهدين]وقال تعالى:[ولا تمدن عينيك إلى ما متعنا به أزواجا منهم زهرة الحياة الدنيا لنفتنهم فيه ورزق ربك خير وابقى]وعن سهل بن سعد الساعدي قال : أتى النبي ص رجل فقال:” يارسول الله دلني على عمل، إذا عملته، أحبني الله،وأحبني الناس” فقال رسول الله ص:{ازهد في الدنيا،يحبك الله ،وازهد فيما في أيدي الناس ، يحبوك}وعن ابن مسعود أن رسول الله ص قال:{كنت نهيتكم عن زيارة القبور، فزوروها فإنها تزهد في الدنيا وتذكر الآخرة}وعن عبد الله قال:”أتيت النبي ص وهو يقرأ ألهاكم التكاثر قال:يقول:ابن آدم مالي مالي،قال:{وهل لك ياابن آدم من مالك إلا ما أكلت فأفنيت أو لبست فأبليت أو تصدقت فأمضيت؟}وعن سعد بن أبي وقاص قال: سمعت رسول الله ص يقول:{إن الله يحب العبد التقي الغني الخفي}والمراد بالغنى:غنى النفس،وعن علي بن أبي طالب قال:”ارتحلت الدنيا مدبرة وارتحلت الآخرة مقبلة ولكل واحدة منهما بنون فكونوا من أبناء الآخرة ولا تكونوا من أبناء الدنيا فإن اليوم عمل ولا حساب وغدا حساب ولا عمل”وعن ابن مسعود قال:{الدنيا دار من لا دار له ،ومال من لا مال له، ولها يجمع من لا علم له}الزهد يرمي إلى استصغار أمر الدنيا وزخرفها وملء العين والقلب بأن الآخرة خير وأبقى،يقول الإمام أحمد:”الزهد في الدنيا قصر الأمل،” وعنه رواية أخرى:”أنه عدم فرحه بإقبالها،ولا حزنه على إدبارها، فإنه سئل عن الرجل يكون معه ألف دينار،هل يكون زاهدا؟ فقال :نعم، شريطة أن لا يفرح إذا زادت، ولا يحزن إذا نقصت”وقال أبو سليمان الداراني:”الزهد هو ترك ما يشغل عن الله”.. اللهم وفقنا لما تحب وترضى.
هنادي محمد عبد المجيد
[email]hanadikhaliel@gmail.com[/email]