إن المعارضة تريد إسقاط الحكومة لكي تحكم هي وتكرر ما فعلته الحكومة من صرف على وحدة موهومة بين الشمال والجنوب، ومن غض الطرف عن الأموال المجنّبة التي تصرف على برامج لا معنى لها في بلد كالسودان لا يجد فيه الكثير جداً من التلاميذ ثمن وجبة الإفطار.. وتعاني فيه طالبات الداخليات من الظروف المعيشية.. نعم إن البلاد تدفع فواتير الدفاع عن الوطن وفواتير الوحدة والسلام بأرقام ضخمة، وهذا يمكن أن يقدّره العاملون بالدولة، ومنهم بالطبع المجاهدون الذين يتفهمون الظروف، لكن حينما نرى أن المال العام يُنفق في ما لا معنى له ولا ضرورة نظراً إلى الأوضاع المعيشية المزرية، فإن هذا يكون أشدَّ مرارة في النفس من الظروف التي تصنعها المشكلات الأمنية.
رئيس الاتحاد العام لنقابات عمَّال السودان البروفيسور إبراهيم غندور، المطلوب منه أن يحرّض العمَّال على الاحتجاج على الانفاق الحكومي في أمور ليست أهم من معيشة العاملين بالدولة. لقد ضاعت الأموال العامة هدراً في مشروع وحدة الشحمة والنار بين الشمال والجنوب، وكان يمكن أن تكتفي الدولة بالتصريحات اللطيفة في مقابل تصريحات «باقان» الحقيرة. ضاعت الأموال في سبيل «الوحدة» من الشعب، وباقان ودّعنا بالإساءة وهو يتحدّث عن وسخ الخرطوم والعبودية في شمال السودان واستعباد الجنوبيين. لكن أن يتحدّث عن استنفار العاملين وتحريك لهم في الشارع، فهذا يمكن أن يكون أكبر صيدة للمعارضة، ويمكن أن تنقض وتسرق ثورة العمال المطلبية لتحولها إلى حالة ربيع عربي في السودان. وحتى إن لم يحدث هذا وعجزت المعارضة عن استثماره كما تتهمها «مريم» الصادق المهدي بالعجز، وقد وضعت هذه التهمة بين يدي بعض المسؤولين البريطانيين في لندن أخيراً، حتى إن لم يحدث هذا، فهو عمل لن يجدي فتيلاً حيال مطلب العاملين. إن وزير المالية ينتظر توصيات اللجنة الرئاسية، وليس استنفار غندور للعاملين.
إن الاستنفار لن يجعل رئاسة الجمهورية تلغي اللجنة الرئاسية، لذلك يبقى الضرع الذي يدر لبناً هو تحريض العمّال على مطالبة الدولة بعدم التلاعب بالمال العام، فلا اعتداء ولا تجنيب ولا اختلاس، لتمكنها من زيادة الحد الأدنى للأجور.. لكن «هوشة» غندور هي الضرع الميت.
صحيفة الإنتباهة
[/JUSTIFY]