” دقسة ” الوزيرة !!

[JUSTIFY]لا أعرف هي دقسة أو زلة لسان أم ماذا ؟… لا أدري . ما أعرفه أن تصريح السيدة الوزيرة الدكتورة سكينة محمد أحمد وزيرة الإعلام والناطق الرسمي باسم حكومة ولاية شرق دارفور بأن حقل زرقة أم حديد الذي سيتم افتتاحه في أعياد الاستقلال سينتج 147 ألف برميل في اليوم أدخل القائل والناقل في حرج بالغ !

فكل حقول الدولة السودانية – بعد انفصال الجنوب- قد يتجاوز إنتاجها ال125 ألف برميل بقليل، فليس من المنطق الرقمي أن يكون الحقل المعني ينتج لوحده 147 ألف برميل في اليوم..!

وزارة النفط صححت تصريح الوزيرة وقالت إن الحقل سينتج 10 آلاف برميل فقط، والرقم في حد ذاته ليس بالقليل ولكن الوزيرة الهمامة رفعت سقف التوقع عالياً، بحيث يصبح الفارق الرقمي بين ال10 وال147 مساحة مناسبة لإنبات بذور السخرية منها أو الشك في أرقام الوزارة وحسابات عوض الجاز!

من خلال حوارات عديدة صحفية وإذاعية كنت ألاحظ أن الدكتور عوض الجاز وزير النفط شحيح جداً في تقديم الأرقام للإعلام، لاسيما وهو يتجنب دائماً الأسئلة التي تفرض إجابات مدعمة بالأرقام ولكن من الواضح أن ذلك لا يدعم فرضية صحة تصريح الوزيرة سكينة التي قالت للمحرر المتميز محمد حمدان إن حكومة ولايتها سجلت زيارة ميدانية برئاسة الوالي بالإنابة واللجنة الأمنية لحقل زرقة أم حديد واجتمع الوفد بشركة انبرجي العاملة بالحقل التي كشفت عن جاهزية التدشين بمعدل إنتاج يبلغ 147 ألف برميل في اليوم !

أرجح أن الخطأ قد يكون ناتجا لضعف الحساسية تجاه الأرقام- إذا لم تصر الوزيرة على ما نقل عنها- في كثير من المرات نلاحظ التعامل بإهمال مع الأرقام من السياسيين والإعلاميين معاً!

كثير من السودانيين لا يجيدون التعامل مع الحساب وكانوا سابقاً يسمونه في المدارس (فراق الحبايب).
ربما مصدر الإقبال والنجاح في برامج اليوسي ماس ينطلق من تلك العقدة!

الى الآن لا تستطيع أن تعتمد أرقاما متفقا عليها في تحديد نسب التضخم ولا نسب الفقر والعطالة ولا حجم المساحة المزروعة ولا عائد الحصاد، ولا نسب الاتفاق والاختلاف في القضايا العالقة بين الخرطوم وجوبا ولا طول الحدود بينهما. لا توجد أرقام فوق مستوى الاختلاف، كل رقم له ما يقابله، يقترب منه أو يبتعد !

والتباين الرقمي هذا يتجلى بوضوح في عرض الأرقام المعطونة في ماء السياسة التي يرسلها بعضهم ضرب عشواء لتضخيم الإنجازات وللصعود من فوقها.

ولعبة الأرقام هذه يجيدها البعض ويخفق فيها كثيرون!
معظم الأرقام والنسب التي تنقلها أجهزة الإعلام في تصريحات السياسيين تمر على الآذان دون أن تخضع للفحص والتمحيص.

أذكر في أيام عملي بالعزيزة (الرأي العام) كان نظام جمع المواد على أجهزة الكومبيوتر يقلب الأرقام رأساً على عقب، فإذا بالرقم 52 يتحول الى 25 و85 الى 58!!
ورغم الفارق بين الأرقام لا تجد من يصحح أو يعترض أو يحتج، إلا في مرة واحدة احتجت أسرة أحد طلاب امتحانات الشهادة السودانية حيث تمت تهنئة ابنهم الذي أحرز نسبة 81% باعتباره أحرز نسبة 18%…!!

في المسيرات والمظاهرات تجد من يتحدث عن حشود تقارب العشرة آلاف ويتضاعف الرقم في مرات على ألسنة أخرى ليصل الى مئات الآلاف. في استقبال الدكتور جون قرنق كان تقدير أجهزة الإعلام العالمية للحشود بميلون شخص، والحكومة قدرت العدد ب500 ألف أما جون قرنق نفسه فقد رفع العدد الى 6ملايين!!

وفي العسكرية يقولون لك : (أهم خمسة حاجات في الجيش تلاتة، الضبط والربط)..!

صحيفة السوداني
ضياء الدين بلال

[/JUSTIFY]
Exit mobile version