ملابس الفتيات الضيقة .. خدش الحياء.. واغتيال الأخلاق

بقامة ممشوقة وجسم مكتنز وملابس محذقة، كانت تتهادى على حافة شارع الاسفل، ومما زاد من التفات النظر نحوها تلك الالوان الصارخة التي اختارتها بدون تناسق، لتكشف عن القليل الذي سترته من تفاصيل جسدها، وفي تلقائية اتجهت غالبية الانظار نحوها الى ان اجتازت نهاية الشارع، وما هي الا ثوانٍ حتى أتى صوت احدى النساء من المقعد الخلفي في البص قائلة وبصوت واضح: البت دي لا عندها ابو لا عندها ام، هسي كان عندها اهل كانت طلعت من البيت كده؟ ثم صمتت قليلا واستدركت، استغفر الله، ليأتي صوت رفيقتها مضيفاً: عاد دي ما بت ناس.. اكان بت ناس ما كانت عملت كده، ولا دي هدوم بت ناس.. ومن جديد يأتي صوتها مضيفاً: هي الشي دي كان ما بتخاف الله ولا خايفة من عين الناس المتل الصقر التلم روحا من البرد ده.
ليضيف احدهم: ده كلو من المسلسلات دي، كلها سبب البلاوي، لتضيف احداهن: مالنا ما عندنا البنات وبنحضر في المسلسلات، الا والله بت الناس المتربية ما شغلتا بالمسلسلات، لكن الناس انشدهت ورا الجري وبقت ما شغالة بي أي شي، وما مركزين في لبس بناتم .
وفي السوق العربي وعلى مدخل احد محلات بيع الملابس، سرقت مسمعي همهمات وحديث منخفض كان ينطلق من فم ذلك الرجل المسن الذي كان يقف بالقرب من احد محلات بيع الملابس، حيث توقف فترة ليست بالقصيرة امام مجسمات المانيكان المستخدمة في العرض، وبعد ان تحرك اسرعت الخطى كي اسمع حديثه ولكن لا جدوى، فاستوقفته وألقيت عليه التحية وداخلته بالحديث مباشرة عن الملابس المعروضة، فكان كمن كان ينتظر من يتحدث اليه، فقال بحسرة: هسي دي هدوم الناس تخسر فيها قروش، دي دلاقين ساي؟ وده منو الراجل ده البشتري متل ديل لي بتو ولا اختو؟ وديل كمان ما بخجلوا ملبسين الاصنام ديل وموقفنهن في الدرب، غايتو محن آخر الزمن، فتركته ومازال في داخلة الكثير من الحديث، واستعدت خطواتي قاصدة صاحب المحل محمد حسين الذي صمت قليلاً قبل أن يقول لي: نحنا ناس سوق، وانا لي اولادي ما بشيل ليهم من الملابس المعروضة دي، بس السوق حكام وذوق الناس غلاب، ونحن نبيع المرغوب والمطلوب، واضاف: في بدايات دخولي في سوق الملبوسات كنت اتوقف كثيرا عند شراء وعرض الكثير من الملابس خاصة الضيقة، وكنت اتعامل من منطلق مسؤولية، وكأنني المسئول عن كل قطعة قماش ابيعها، ولكن مع الايام وبعد التعمق اكثر ومعرفة مطلوبات السوق، عرفت ان أذواق الناس هي التي تتحكم حتى في اسعار الملبوسات، واخذت اجاري الواقع واعرض كل الملبوسات، وكل شخص يأتي ويشتري ما يرق له ويتناسب معه.
ولما كانت الشابات هن المتهمات بالملابس الخليعة والضيقة، فقد كان لنا حديث مع الشابة سناء التي قالت لي باختصار: يعني البس مبهدل؟ والله ده البلبسنه البنات كلهم.. وهذا بخلاف ما تراه ريهام عبد العزيز بأن السوق لا يحكم احداً، فكل ما تطلبينه تجدينه، ولكن اختلاف مفاهيم الناس هو الذي يسوقهم الى اختيار ما يرضيهم. وتقول إن البعض ينساق وراء الموضة ويتناسى أمر الدين والمجتمع. وتعلق بأن هذا غير مختص بالبنات فقط فالاولاد ايضا انساقوا وراء هذا التيار.
مع كل الحديث عن لبس البنات إلا أنني لا أجد أن الحالة وصلت مرحلة خطرة، هذا ما ابتدر به المهندس عمر رحمة حديثه، واضاف: مازالت الغالبية العظمى من البنات يرتدين ملابس في قمة الاحترام، ولكن نظرية الشاذ والملفت للنظر تجعل أكثر من خمسين شخصاً في لحظة واحدة يحدقون بنظرهم تجاه فتاة معينة، وما ألاحظه من خلال تحركي اليومي أن الناس يبالغون كثيراً، فمازالت الكثيرات والغالبية يحافظن على مبادئهن، وهن قلة ابتعدت عن العادات والتقاليد السودانية وتأثرت بثقافات هشة جعلت الكثير منهن يجارين للموضة دون التفكير في مظهرهن الخارجي وما يجب الالتزام به واحترام الناس والالتزام بالأخلاقيات السمحة.
صحيفة الصحافة
الخرطوم: تهاني عثمان
Exit mobile version