بيوت العزابة بالمهجر .. حينما تذوب كل الفوارق القبلية

الغربة توحد قلوب شتى وتجمع ثقافات مختلفة يجمعهم سكن واحد، وهو بيت العزابة ذلك المنفى أو مكان الإقامة الاضطرارية الذي فرضته ظروف العمل عليهم، ورغم جبرية ذلك المسكن العتيق فإنه تنشأ بداخله صداقات وما أجملها من صداقات وعلاقات منها ما ضرب بجذوره حد المصاهرة، وما أجملها من حياة ومنها من المشاكسات ذات الألوان المتنوعة في إرسال القفشات والنكات والضحكات والتعاضد والتماسك والوحدة عند الشدة وأسرة العزابة في البيت الواحد كبيرهم (أب وصغيرهم أخ) وخاصة إذا ساد البيت الاحترام والتقدير والإخوة الصادقة ففي هذه الحال يصبح هذا البيت أسرتهم الثانية، وكل له عاداته وطقوسه، وتجدهم في هذا البيت وقد زالت بينهم كل الفوارق القبيلة والعرقية ويخلقون تواصلاً جميلاً بينهم، هذا ما تجده في كثير من بيوت العزابة السودانيين في المهجر، (نافذة المهاجر) التقت عددًا من المغتربين وخرجت بالحصيلة التالية:
٭ أنور عثمان ابتدر لنا حديثه قائلاً: أنا في سنة أولى عزابة لأني مغترب جديد لم أكمل عامي الثاني في الغربة بعد وحياة العزوبية أنا اعتبرها عبارة عن مدرسة فصولها صدق الإخوة، وحبرها أمانة التعامل، ودفاترها الابتسامة والتعاضد، وأساتذتها البشاشة والكرم.
٭ أما أحمد محمد علي فقال إن ميزة بيوت العزابة أنها تجمعك بأشخاص لم تكن تحلم يومًا أن تلتقيهم أو تواصلهم ويصبحون بعد ذلك أقرب إليك من أخيك، مضيفًا أن هناك ميزة أخرى في بيت العزابة في المهجر حيث أنهم يكونوا من أمكنة مختلفة ومتعددة لكنهم ومع ذلك لا أحد ينظر منهم إلى جنس الآخر في التعامل بل يتعاملوا بأريحية ورحابة صدر وطيبة خاطر وتجدهم مجتمعون أيام العطلة في تربيزة الكتشينة يلعبون ويتسامرون كأنهم أقارب تجمع بينهم صلة رحم، ولكن جمعهم هذا البيت فقط.
٭ أما مهند عمر من مدينة الرياض فذكر أن طبيعة عمله أنه عمل فيه كثير من المجهود والضغط ويتطلب السفر والترحال دائمًا ولكني مع ذلك وخلال سفري المتواصل أجد دائمًا بيوت العزابة السودانيين حيث يستقبلونني وكأنني أعرفهم سابقًا ويرحبون بي وسرعان ما تأتلف القلوب وتندمج معهم بسرعة كبيرة وهذا يدل على معدن السودانيين الأصيل وطيبتهم وسمو أخلاقهم وفضائلهم.
تقرير: عبد الرحمن صالح
صحيفة الانتباهة
Exit mobile version